نتحدث كثيراً عن تلك الجمعيات المدنية والمؤسسات الموجودة في الخارج تحت مسميات «جمعيات حقوق إنسان»، وكيف أن كثيراً منها يعمل بأسلوب «الدكاكين» التي يدفع لها، فتقدم ما يطلبه الدافعون والداعمون تنفيذاً لأجنداتهم. نتحدث عنهم، ونصفهم بأوصافهم الصحيحة بناء على تجاربنا معهم، وبناء على تعاطيهم السيئ وغير الحيادي مع قضايانا، والتي فيها يتضح أنهم «خصوم» وليسوا مجرد جهات «متخصصة» يفترض أنها تتعامل بـ«مهنية» و«أخلاقيات». نتحدث عنهم، لكن هل فكرنا يوماً بمعرفة «السر» الكامن وراء هذا الأسلوب الغريب في التعاطي؟! هذا السؤال الأول، والذي تتلخص إجابته في أن تأسيس مثل هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية - يفترض - يتم من خلال جهات معينة، وبعضها أنظمة لها أجنداتها ضد دول، ودولنا أكثر من يتم استهدافه من خلال هذه الأبواق. ولذلك حينما تراقب تركيبة بعض تلك الجمعيات التي تضع اسم بلدك في بداية أو وسط أو نهاية توصيفها لنفسها، ستجد أن عناصرها هم من يصنفون تحت خانة الانقلابيين والخونة والأعداء ومشوهي سمعة البلد والعاملين لأجل الانقلاب على نظامها، والطائفيين ضد شعبها. بالتالي أنت تتحدث عن «جبهة معادية»، لا عن جمعية تعمل بمهنية وذات مصداقية عالية، وتمارس الحياد على أعلى مستوى. سؤال آخر أهم، إذ هل سعينا لمعرفة آراء متخصصين وخبراء في الدول الأجنبية التي تنشط فيها هذه الجمعيات؟! بحيث نعرف نظرتهم لها، خاصة أولئك الذين لا يمكن «تمرير» أي شيء عليهم، دون أن يسألوا ويدققوا ويفصصوا الأمور؟! في الإعلام الغربي لو بحثتم، وفي بعض الكتابات والتحليلات لو تعبتم في التنقيب، ستجدون آراء تشخص هذه الحالة، وتبين كيف أن بعض هذه المؤسسات تم اختطافها بالفعل، وانحرف عملها من اتجاه مهني بحت، ليتحول إلى عمل «مقنن» يستهدف جهات معينة، ويعمل على تشويه صور بلدان محددة، ويضم في خلاياه عناصر بعضها مطلوب للمحاكمة، وبعضهم هارب من العدالة، بل بعض منهم مطلوب عبر «الإنتربول الدولي». أحد التحليلات الغربية يقول إن هناك «نمط غريب» غزا هذه الجمعيات من ناحية التركيب والتأثير. ففي التركيب تجد أن من ينشط فيها كثير من الجاليات العربية، خاصة أولئك الذين تحصلوا على حقوق اللجوء، وبعض منهم مصنف كمعارض أو فار من العدالة في دولته. أما التأثير، فإن هناك بعض الجمعيات باتت تتأثر بشكل كبير من قبل هؤلاء عبر سهولة الوصول لأبوابها، وقبولها بأن تأخذ منهم ما يزودونها به من معلومات وكأنهم «مصادر» خبرية. هنا تضرب المصداقية في مقتل، حينما تسعى هذه الجمعيات لإقناع المجتمع الدولي بأن ما تبثه وتكتبه من معلومات وتصريحات عن دولة ما هي «الحقيقة» ولا شيء غيرها، بينما الحقيقة أن ما يكتب لها ومن يزودها بالمعلومات، أفراد يكنون «الكره والعداء» لتلك الدول، وبعضهم خرج منها بعد أن ارتكب جرائم وجنح وصار مطلوباً للعدالة، وبعضهم حاول تنفيذ مخططات انقلابية وإرهابية، بالتالي كيف تتوقعون عن «عدو» أن يكتب إنصاف وحيادية عن جهة يعتبرها «عدوته». لذلك لا ترون هذه الجمعيات تأخذ بأية بيانات رسمية لدول أو أشخاص يمثلونها، أو تعترف بها، أو أقلها «توازن» بين ما عندها من معلومات وبين ما تتحصل عليه من ردود واستيضاحات، أبداً لا تفعل ذلك، لأن هدفها بات منسجماً مع أهداف الذين يعملون فيها، ويتمثل في محاربة هذه الدول والأنظمة، بغية «الانتقام» و«تشويه الصورة» لإيهام العالم بأن وجهة نظر هؤلاء «المعادين» هي الصحيحة، وأن الأنظمة والدول هي الخاطئة دوماً. لذلك لن تجدوا أياً من هذه «الدكاكين» القائمة على مثل هذه الشريحة «الكارهة صاحبة الأجندات»، لن تجدوا أن تعاملها منصف، ولا حيادية ولا عدالة، ولا حتى نشرا للرأي الآخر طالما يأتي من أنظمة ودول، وطالما يخالف توجهاتهم. الخلاصة، حينما يقوم «كارهو الأوطان» بالعمل في مؤسسات حقوق الإنسان، هنا على المصداقية ألف سلام وسلام!