الاستجابة لمطالب المواطن البحريني التي بادر بها جلالة الملك ووجه بها مجلس الوزراء والتي على إثرها أمرت الحكومة الهيئات والوزارت بعدم إصدار أي قرار بشأن رفع الدعم عن أي سلعة أو خدمة تقدمها الدولة إلا بعد أن تنتهي اللجنة المشتركة للنواب والحكومة من تأسيس هيكلية جديدة لإيصال الدعم لمستحقيه، هي الخطوة التي كان يجب أن تستعد بها الحكومة قبل أن تبدأ بسياسية رفع الدعم عن السلع.

وقد كانت لنا تجربة سابقة حين رفع الدعم عن اللحوم، ولا أدري لم تكرار الخطأ من جديد وإثارة الناس مرة أخرى دون أن نتعلم من تجاربنا السابقة ونستفيد منها.

هناك توجه جديد الآن كما قال وزير النفط الشيخ محمد بن خليفة في برنامج «على مسؤوليتي» البارحة بأن الدعم سيوجه بشكل مغاير، فلن تتدخل الدولة مستقبلاً في دعم السلع، أي لن يكون لدينا بترول مدعوم ولحم مدعوم وطاقة مدعومة، تترك السلع لتحدد وفقاً للعرض والطلب في السوق العالمية، إنما مبلغ الدعم الموجود كمصروفات في ميزانية الدولة ويقدر بمليار دولار تقريباً سيعطى في يد المواطن وهو الذي سيتصرف فيه ويحدد ما يريد وما لا يريد.

المليار دولار الآن المرصود لدعم هذه السلع يستفيد منه الغني والفقير، المواطن والأجنبي، الشركات والفنادق، والمؤسسات مع الفرد المواطن، وإن كانت تلك سياسية تصلح لزمان مضى، إلا أنها الآن لا تصلح، خاصة وأنها ساهمت باستنزاف الموارد الطبيعية نظراً لرخصه، وتلك السياسة ساوت بين من يستحق الدعم ومن لا يستحقه فكان الغني يشتري ذات البضاعة المدعومة من أجل ذوي الدخل المحدود، وساوت بين المواطن والأجنبي، وبين الكبار والصغار، فسبب استهلاكاً للسلع غير محمود ولم يساعد المواطن.

الآن سيرفع الدعم عن السلعة، وسيعطى المواطن البحريني المستحق هذا «المبلغ» وهو الذي يتصرف به كما يشاء.

السؤال الآن هو كيف سيحول هذا المليار دولار إلى جيب المواطن المستحق مباشرة؟ ومن هو المستحق في نظر اللجنة؟ وهل سيكون الدعم بزيادة الرواتب في القطاع العام مباشرة؟ وكيف سيصل هذا الدعم للعاملين في القطاع الخاص؟ أو للفئات الأخرى التي تعيش على المساعدات والإعانات؟ أو أصحاب الحرف والمهن البسيطة؟

هل سنستخدم قاعدة البيانات تلك التي تأسست لتوزيع دعم اللحوم؟ أم نحتاج قاعدة جديدة وتحتاج إلى وقت لتشكيلها؟

هل سنفتح حساباً للمواطن كما فعلت المملكة العربية السعودية لإيداع مبلغ الدعم مباشرة؟

وهل نظر في بعض التظلمات التي رفعت حول تلك القاعدة والتي حرم على أساسها بعض المواطنين، ثم يئسوا من طول الدرب لإجراءات تظلماتهم فزهدوا بالمبلغ وتوقفوا عن شكاواهم واستغنوا عن مبلغ الدعم؟

الجيد في الأمر أن رفع الدعم أو زيادة الرسوم كلها ستتوقف الآن إلى أن تجهز هذه الآلية، فلا يعيش المواطن في قلق لا يدري ما الذي سيأتيه من أخبار سلبية تقض مضجعه؟

والمهم في الأمر أن تكون طريقة وصول الدعم لمستحقيه سلسة وتحفظ للمواطن كرامته.

وهنا لنا حديث من تجارب سابقة بدأت فيها الحكومة بالرفع قبل أن تتهيأ، فتحدث الفوضى وتسقط فئات من الحسبة، ويعاني المواطن من تعقد إجراءات التسجيل وتختار مواقع للتسجيل صعبة ويتأخر الدفع وو.. وكل ذلك نتيجة «ابدأ ومن بعد ذلك تهيأ».

أضف إلى ذلك نحتاج إلى حملات توعوية مكثفة لمساعدة الأسر على كيفية تحسين مستوى حياتها لا معيشتها فقط، فكثير من الأسر تحتاج إلى أن يؤخذ بيدها في تدبير ميزانيتها فبعضها لديها دخل معقول نسبياً وبقليل من التدبير يمكن أن تحيا بمستوى أفضل، وتلك مهارات يتعلمها الإنسان في كل المجتمعات بما فيها المجتمعات الغنية والراقية والديمقراطية، وقليل من النظر لبعض البرامج الحوارية كبرنامج «أوبرا» مثلاً في العديد من حلقاتها كانت تستضيف الخبراء ليقدموا نصائحهم للأسر في كيفية تحسين طريقة الشراء والتدبير وكانت الحلقات تلقى رواجاً كبيراً.

حتى صندوق التعطل بإمكاننا العمل على الاستفادة منه بشكل أمثل لو عالجناها تشريعياً لتحويله دعم رواتب القطاع الخاص مثلاً.

بإمكاننا أن نتعاون جميعاً لنجعل من مستوى معيشتنا أفضل وذلك بنقل فئة ذوي الدخل المحدود إلى فئة متوسطي الدخل لا العكس وتلك مهام ملقاة على مسؤولية الجميع بما فيها القطاع الخاص.