حسن الستري:أقرت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية مشروع قانون بشأن حظر الفوائد الربوية. ويتألف مشروع القانون – فضلاً عن الديباجة - من خمس مواد، تناولت المادة الأولى تعريف عبارتي "مؤسسات القطاع المصرفي والمالي" و"الأعمال المالية التي تقوم على الفوائد الربوية"، فيما حظرت المادة الثانية على مؤسسات القطاع المصرفي والمالي مزاولة أي عمل مالي يقوم على الفوائد الربوية، وألزمت المادة الثالثة تلك المؤسسات بتوفيق أوضاعها خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، كما ألزمت الجهات الحكومية بالتحقق من ذلك، فيما نصت المادة الرابعة على إلغاء كل نص يتعارض مع أحكام القانون، وأخيراً جاءت المادة الخامسة تنفيذية.ويهدف المشروع لمحاربة الفوائد الربوية امتثالاً لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والالتزام بنصوص الدستور التي تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتؤكد على أنها المصدر الرئيسي للتشريع، وتحديدا في المادة (1/أ) والمادة (2)، وما ورد من شرح لهما في المذكرة التفسيرية للدستور، والتخفيف على المواطن البحريني وعدم تحميله مبالغ إضافية عند احتساب الفائدة الربوية على القرض.وارتأت الحكومة إعادة النظر في مشروع القانون، لأن مملكة البحرين تعتبر أحد أهم المراكز المالية في منطقة الخليج والشرق الأوسط نظرالضخامة وتنوع قطاعها المصرفي والمالي اذ تم بناء القطاع المصرفي والمالي في المملكة على مدى أكثر من أربعة عقود من خلال جهود مشتركة، ووصلت مساهمة هذا القطاع إلى ما يقارب 17% من إجمالي الناتج المحلي، ويعمل بالمملكة (116) مصرفا تقليديا وإسلاميا بأصول إجمالية تزيد على (191) مليار دولار أمريكي، وتعتبر المملكة المركز المالي الإسلامي الأول في منطقة الخليج من حيث عدد المصارف الإسلامية ومؤسسات البنية التحتية للصيرفة الإسلامية.

23 مصرفاً إسلامياً

وبينت الحكومة أن القطاع المالي الإسلامي بالمملكة – بالرغم من نموه- لا يزال صغيراً مقارنة مع القطاع المالي التقليدي، حيث يعمل ما مجموعه (23) مصرفاً إسلامياً مقارنة مع (93) مصرفاً تقليدياً بأصول تبلغ (24,8) مليار دولار أمريكي مقارنة بأصول تبلغ (167) مليار دولار للمصارف التقليدية، وشددا الحكومة على أهمية تنويع الخدمات المصرفية المقدمة في ظل بيئة تنافسية من أجل تلبية احتياجات العملاء وتوفير خيارات المعاملات المصرفية التي تتوافق مع رغباتهم.

وأكدت الحكومة الغاية المرجو تحقيقها من مشروع القانون فعليًا، من خلال القانون المدني الذي يتضمن مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات الخاصة بين الأفراد أيا كانت طبيعتها، حيث جاءت نصوص هذا القانون قاطعة في حظر وبطلان أي اتفاق يتضمن بأية صورة من الصور ربا الديون المحرم شرعاً، وذكرت أن مشروع القانون يتعلق بمسألة فقهية خلافية لا تقبل التذرع فيها برأي دون آخر، حيث إنه يقوم على تبني أحد الآراء الشرعية في مسألة تقع في دائرة المسائل الخلافية، ولا يجوز من الناحيتين النظرية والعملية تقنين أحد الآراء في شأنها، مراعاةً للنواحي الاستثمارية والاقتصادية في البلاد، وذلك وفقًا للتفصيل الآتي:



1. أكدت نصوص الدستور البحريني على أن الشريعة الإسلامية مصدراً وموجهاً رئيسياً للتشريع، دون منعه من استحداث أحكام من مصادر أخرى في أمور لم يضع الفقه الإسلامي حكما لها، أو يكون من المستحسن تطوير الأحكام في شأنها بما لا يخالفها، مسايرة لضرورات التطور الطبيعي على مر الزمن.

2. إن ربا الديون محرم شرعاً، وحرمته من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، والأحكام الشرعية قاطعة في ثبوتها ودلالتها على ذلك، إلا أن علماء المسلمين المعاصرين اختلفوا في حكم التعامل مع البنوك، نتيجة الخلاف حول توصيف الودائع ودفعها للمستثمرين مقابل حصول المودع والبنك على فائدة، وهذا الاختلاف بين علماء الإسلام نجم عن الاختلاف بين فقهاء القانون والاقتصاد في توصيف هذه المعاملة، وهذا ما تم شرحه تفصيلا في مذكرة الحكومة المرفقة بهذا التقرير.

3. مشروع القانون ينطوي على تحويل مفاجئ وشامل للنظام المصرفي والمالي للعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وذلك خلال فترة انتقالية ثابتة مدتها ثلاث سنوات، دون تدرج في التطبيق.

وقد أخذت الشريعة الإسلامية بمبدأ التدرج في التشريع في بعض الأحكام التي علمت من الدين بالضرورة كالربا، وشرب الخمر، وقد أُخذ من التدرج في التشريع التدرج في التطبيق.

المنظومة التشريعية

ونوهت الحكومة انه سيترتب على تطبيق مشروع القانون حدوث خلل في المنظومة التشريعية –خاصة المصرفية- مع فراغ تشريعي بالنسبة للعديد من النواحي التي تحكمها نصوص قانونية قائمة حالياً، فلابد من توافر البيئة التنظيمية والتشريعية والتشغيلية المناسبة للقطاع المصرفي حتى يتمكن من أداء دوره في دعم مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن حيث المبدأ يصعب تصور تحويل الجهاز المصرفي بالكامل للعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية دون أن يواكب ذلك إجراء التعديلات اللازمة والمناسبة على التشريعات المنظمة للأنشطة الاقتصادية المختلفة، كما سيؤدي تطبيق مشروع القانون لتراجع سياسات الدولة في شأن التنظيم المصرفي، وستترتب عليه مشاكل كبيرة للجهاز المصرفي بحكم الارتباطات المالية والاستثمارية والمصرفية القائمة مع مختلف المناطق في العالم، كما يصعب تحويل كامل الجهاز المصرفي المحلي للعمل المصرفي الإسلامي، في الوقت الذي يعتمد فيه النظام المالي العالمي بشكل شبه كامل على النموذج التقليدي للأعمال، حيث سيترتب على ذلك مشاكل في مجال التعامل مع النظام المالي العالمي.

ولفتت الحكومة أنه سيترتب على تطبيق مشروع القانون تداعيات اقتصادية خطيرة تنعكس بصورة سلبية على المصالح الاقتصادية للدولة، حيث تمثل ممارسات تحصيل ودفع الفوائد المصرفية جزءًا كبيراً وجوهرياً من عمل المصارف التقليدية، وإلغاء هذه الممارسات يعني نهاية القطاع المالي ومسيرة التنمية في البلاد، وذلك وفقا للملاحظات الآتية:

1. صعوبة التعامل مع البنوك الأجنبية التقليدية العاملة في مملكة البحرين، والتي تم السماح لها بافتتاح عشرات الفروع المصرفية في المملكة، بهدف مواكبة الالتزامات الناشئة عن الاتفاقيات العالمية للتجارة.

2. سيشكل تطبيق مشروع القانون تراجعا سريعا في سياسات المملكة في شأن التنظيم المصرفي، مما سيؤدي إلى انسحاب العديد من المصارف التقليدية الإقليمية والدولية، ومن ثم اضطراب القطاع المصرفي.

3. القضاء على دور القطاع المالي المميز في مملكة البحرين، وخسارة موقعها ومركزها المالي على المستوى الإقليمي والدولي، حيث يلبي هذا المركز احتياجات الأطراف المتعاملة مع مؤسساته، وهو ما يشمل الخدمات المصرفية التقليدية بشكل دائم.

4. إجبار البنوك التقليدية على التحول إلى بنوك إسلامية، يتعارض مع سياسة الاقتصاد الحر التي تنتهجها المملكة والتي ساعدت على جذب الكثير من الاستثمارات الأجنبية، وسوف يعرض المملكة لكثير من المشاكل القانونية.

5. تغيير السياسة المصرفية بصورة مفاجئة سيعكس انطباعا سلبيًا، وسيؤثر على سمعة الاقتصاد البحريني القائم على الانفتاح والحرية الاقتصادية وبيئة الأعمال المستقرة.

6. انخفاض التصنيف الائتماني لمملكة البحرين وارتفاع كلفة الاقتراض والتمويل، بما يؤثر سلباً على الميزانية العامة للدولة، ويؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة.

7. الحد من قدرة العملاء وحريتهم الشخصية في اختيار المنتجات والخدمات المصرفية التي تتلاءم واحتياجاتهم من بين بدائل متعددة، فضلاً عن تقليص المنتجات والخدمات المصرفية المتوافرة بما يقلل من المنافسة الاقتصادية المثمرة.

8. انخفاض حركة الإيداع في المصارف وانخفاض السيولة المصرفية التي تشكل البنوك التقليدية المصدر الرئيسي لها، وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على حجم السيولة المتوافرة في السوق المصرفية، وفي النشاط الاقتصادي بصفة عامة.

9. انخفاض الطلب على المكاتب والمنشآت التجارية والسكنية نتيجة خروج المصارف التقليدية من السوق، وهجرة الأيدي العاملة الأجنبية للعمل في مراكز المال البديلة في المنطقة، فضلاً عن الخسائر المالية لأصحاب العقارات المستأجرة من قبل البنوك التقليدية.

تداعيات اجتماعية

وأشارت الحكومة انه سيترتب على تطبيق مشروع القانون تداعيات اجتماعية خطيرة على المجتمع، حيث سيؤدي إلى انسحاب فروع البنوك الأجنبية من المملكة، ومن ثم تسريح الموظفين البحرينيين في ذلك القطاع، وزيادة معدلات البطالة، وحرمان المجتمع من خدمات التوظيف والتدريب والتبرعات السخية والمشروعات الخيرية التي تقدمها المصارف التقليدية، وهو عكس ما يرمي مشروع القانون إلى تحقيقه.

وخلصت الحكومة الى عدم واقعية التصور الذي يقوم عليه مشروع القانون، حيث إن هناك تصور بأن صيغ التمويل الإسلامي من دون تكلفة أو أقل تكلفة على المقترض من الصيغ التقليدية، وسيخفف الأعباء عن المواطنين، في حين أن البنوك الإسلامية تضيف إلى التكلفة التي تتحملها هامش ربح يتماشى مع مؤشرات السوق، وأن إجمالي التكلفة التي يتحملها العميل المقترض من الجهة الإسلامية توازي تقريبا التكلفة التي يتحملها لدى اقتراضه من الجهة التقليدية.

من جانبه، أكد المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية أن الحظر الفوري لجميع المعاملات الربوية التي عمَّ بها البلاء ينبغي أن يكون بناء على دراسات وبحوث اقتصادية موسعة، وعلى الدولة أن تبذل ما في وسعها للقيام بهذه الدراسات وتطبيق هذا الحظر، أما ما يتعلق بالأفراد، فيجب على كل فرد أن يلتزم فوراً بالانتهاء عن المعاملات الربوية؛ لأن ذلك في استطاعتهم ولا يُسألون عن تصرفاتهم الفردية.

وأكد مصرف البحرين المركزي أن مملكة البحرين عملت على جذب عددٍ كبير من المصارف الإسلامية حتى باتت المركز الإسلامي الأول في منطقة الخليج، كما أن تطبيق الاقتراح بقانون ستترتب عليه العديد من الانعكاسات السلبية على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي، تتلخص في الآتي:

1.تعارض الاقتراح مع السياسة المالية والمصرفية للمملكة القائمة على الاقتصاد الحر، ومع القواعد البنكية المتعارف عليها بين التجار والبنوك.

2. خروج العديد من المصارف التقليدية الإقليمية والدولية من مملكة البحرين، خصوصا تلك التي لا تقدم خدمات مالية إسلامية.

3. اضطراب القطاع المصرفي والمالي، وخسارة موقع مملكة البحرين كمركز مالي على المستوى الإقليمي.

4. الحد من القدرة التنافسية للمملكة على جذب الاستثمارات الأجنبية.

5. انخفاض التصنيف الائتماني لمملكة البحرين وارتفاع تكلفة الاقتراض والتمويل.

6. انخفاض السيولة والتي تشكل البنوك التقليدية المصدر الرئيسي لها.

7. انخفاض الطلب على المكاتب والمنشآت التجارية والسكنية.

8. تعارض الاقتراح مع الحرية الشخصية للأفراد في اختيار المنتجات والخدمات المالية التي تلبي احتياجاتهم حسب الحرية التي كفلها الدستور.

9.تسريحات كبيرة، وخسارة الوظائف للبحرينيين، الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة العاطلين عن العمل.

10. حرمان المجتمع من خدمات التوظيف والتدريب والتبرعات السخية والمشروعات الخيرية التي تقدمها المصارف التقليدية.

ورات غرفة تجارة وصناعة البحرين أن تطبيقه سيؤدي إلى انهيار السوق المالي وهروب البنوك الأجنبية من البلاد.