إخواننا في مصر مشغولون بقضية عرفت بقضية «زبيدة فتاة البي بي سي» والقصة الحقيقية التي يجب أن ننتبه لها، أنها قصة البي بي سي معنا لا قصة الفتاة، وهي عبارة عن تقرير في قناة البي بي سي عن الاختفاء القسري في مصر ظهرت فيه سيدة ادعت أن ابنتها مختفية قسرياً منذ عام وأنها سبق أن قبض عليها وتم الاعتداء عليها جنسياً ثم أطلق سراحها ومن ثم أعيد خطفها واختفت.

ليفاجأ الجمهور المصري بظهور زبيدة على قناة أون أي المصرية للتحدث وتنفي ما جاء على لسان أمها وتقول إنها على خلاف معها ولا تحدثها وهي الآن متزوجة ولديها طفل وتعيش مع زوجها في حي فيصل.

قصة البي بي سي مع مصر أعادت لذاكرتنا في البحرين سيناريوهات متطابقة تماماً (كوبي بيست) لموقف البي بي سي من حربنا على الإرهاب.

اتخذت القناة موقفاً منحازاً ضد حربنا على الإرهاب، بعشرات التقارير المشابهة لتقرير زبيدة التي كانت البي بي سي تعرضها عن البحرين بكثافة حتى أحصينا عدد الساعات التي تبثها القناة عن البحرين فوجدناها تفوق في أعدادها أعداد التقارير عن أي دولة اأخرى، كان هناك تركيز على البحرين لعدة أسباب سنأتي على ذكرها إنما سننبه أخوتنا في مصر إلى ما هو أهم من تقرير زبيدة، وهو «توقيت «العرض، هنا تكمن القصة!!

توقيت العرض في القناة لابد أن يكون مرتبطاً بحدث له علاقة بالحرب على الإرهاب، فبالنسبة للبحرين كانت التقارير تتصاعد في عددها وحجم الإثارة فيها مع اقتراب مناقشة التقارير الدورية عن البحرين في مجلس حقوق الإنسان، وتتزايد مع زيارات المسؤولين البحرين لبريطانيا أو الاتحاد الأوروبي، وكذلك حين تكون هناك حملة مداهمات يقبض فيها على كم المتفجرات أو الأسلحة أو الكشف عن أعضاء خلية، فتجد كماً مكثفاً من التقارير عن (الاختفاء القسري) عن (التعذيب) عن (الاغتصاب) و جميعها قصص تفندها الجهات الرسمية.

الغضب الذي ينتابكم الآن من القناة خبرناه خاصة في أشد الأوقات عامي 2011 و 2012 حين كان الإرهاب يعيث فساداً في أرضنا ويدنا كانت مقيدة عنه بسبب مراعاتنا لتلك الوسائل الإعلامية، إنما كنا نفند ونرد ولم نسكت إلى أن أجبرنا القناة على الاعتذار بعد أن واصلنا كشف كذبها وافتراءاتها، إذ اعترف مجلس أمناء «البي بي سي» المعروف باسم «بي بي سي تراست» في تقرير له بعنوان «الحياد والدقة في التغطية الإعلامية» في عام 2012 بأن تغطية قناة «البي بي سي» للأحداث التي شهدتها مملكة البحرين لم تنجح في إدراك تعقيدات الأحداث وأبعادها الطائفية، كما أنها لم تركز بما يكفي على إبراز آراء ودوافع الأطراف المؤيدة للحكومة. وذكر التقرير أن قناة «البي بي سي» قد اتهمت من عدة أطراف بتحريف حقيقة الأحداث والتوفيق بين متطلبات السياسة والمتطلبات المهنية.

إنما المهم أن حملتنا لكشف زيف تقارير البي بي سي لم تثنينا عن حربنا ضد الإرهاب، نفند، نرد، نظهر الحقيقة، كدور إعلامي إنما أجهزتنا الأمنية طالبت أن تزال عنها القيود لتستمر بعملها وفقاً للضوابط القانونية التي توفر الضمانات المتعارف عليها دون أن تترك تلك التقارير أثرها وتربكهم في عملهم، وإلا ما نجحنا في قطع دابر الإرهاب.

و على مصر الآن أن تربط بين نجاحها الباهر في حربها على الإرهاب في سيناء وفي القاهرة وفي كل مكان، وبين موعد اجتماع مجلس حقوق الإنسان لمناقشة تقرير مصر وبين توقيت عرض هذا التقرير في تلك القناة، لتعرف أن استغلال ما يسمى «بالقوى الناعمة» أي وسائل الإعلام والمنظمات الدولية مازال مستمراً للضغط على مصر من أجل أن تخفف قبضتها فينتعش الإرهاب من جديد.

الأمر الثاني الملفت للنظر هو في التطابق بين الجماعات المصرية والبحرينية التي تتبع مرشداً، إن (الدليل الإرشادي) للجماعات الإرهابية منها واحد ومتطابق هو الآخر، الكذب، الافتراء، الادعاء زوراً، التهم هي ذاتها تعذيب اغتصاب، اختفاء قسري، والكشف عندنا عن تلك الادعاءات كانت سريعة فالبحرين صغيرة، وبالبحث عن سجل هؤلاء سنجد القواسم المشتركة بينهم وبين المدعين من المصريين، الانتماء الحزبي والولاء المطلق لمرشدهم وشرعنة الكذب وتحليله مسألة عادية جداً جداً جداً.

في النهاية على مصر أن تواصل حملتها على الإرهاب دون الالتفاف لتلك الحملات الممنهجة، وعليها في ذات الوقت أن تطور منظومة حقوق الإنسان من أجل إنسانية مصر ومن أجل أن تعزز من كرامة الإنسان المصري لا من أجل تلك القنوات، إنما بلا ضغوط تجبرها على الإخلال بأمنها.