من ذا الذي أوحى إلى الياباني أن يكون دقيقاً منظماً يتمتع بحب العمل والإبداع فيه؟ من ذلك الذي منحه ما يحظى به اليوم من منظومة قيمية تشكل هويته الوطنية التي رسمت لنا تفاصيل شخصيته بمجرد أن تطرق آذاننا لفظة «ياباني»؟ من الذي ميّز الشخصية الإماراتية عن غيرها في مجتمعنا الخليجي لتحمل كل صفاتها الحالية ولتغدو رمزاً لأول كل جديد، ومصدراً للإبهار رغم أن أغلب الريادات في زمن مضى كانت تتشاطرها كل من البحرين والكويت لاسيما في المجال المعرفي؟ ما الذي جعل السعوديين مهيئين لتلك التحولات الضوئية التي يشهدونها بينما صيغ العقل الجمعي السعودي لعقود طويلة على أن يكون متفرداً بخصوصيته؟! وما الذي سيجعله أكثر استعداداً لتحولات أخرى -ربما أكثر جرأة- في مراحل مقبلة؟

ثمة استراتيجية تنامت إلى علمي قبل أيام قلائل تقوم على ثقافة الجيل في السعودية، وبالإعلان عنها أو عدمه، ثمة ما كان يدعو لليقين أن هناك ما يكفل تغيير ثقافات الشعوب والدول نحو مسارات جديدة وتفاعلات ناضجة مع العالم ما يجعلها تملك إرادتها الجمعية في اتجاه مماثل في آن واحد. إن الذي أخرج اليابان من انكساراتها العظيمة بعد الحرب ليجعلها أشهر دولة على المستويين الاقتصادي والعلمي لاسيما «التكنولوجي»، وجعل من الإمارات رقماً صعباً في مجتمع لم يضيره لسنوات طوال أن يكون على هامش الإنتاج والتميز والتيه في دوامات الاستهلاك والرفاه دون غاية، قادر على استدرار المعرفة والابتكار والثقة من عقول ونفوس آخرين في عموم مجتمعنا الخليجي، غير أنه من الضروري أن تدار ثقافة الجيل بحكمة واقتدار ووفق استراتيجية رصينة يعمل على إعدادها فريق من النخب الثقافية الوطنية -داخل كل بلد- في مجالات مختلفة من مناشط الشباب، تستهدف التحفيز وشحذ الهمم وتثقيف المجتمع وفق الثوابت الوطنية بصورة عملية مثمرة تستبعد الأبعاد النظرية المملة المستهلكة والتي فقدت جدواها، على أن تكون تلك الاستراتيجية ملزمة لكل مؤسسات الدولة وتناط مسؤولية مراقبة تنفيذها بلجنة متابعة تملك صلاحيات عقابية في حال عدم الاستجابة من قبل الجهات المعنية أو التراخي في التنفيذ، للعمل على إعادة صياغة الهوية الوطنية للشعب وفق معايير لا تلغي الخصوصيات داخل المجتمع الواحد ولكنها تشكل الهوية في عمومياتها وثوابتها الوطنية الثقافية.

* اختلاج النبض:

يتفاوت مستوى العناية بالشباب في الدول، وقد حظيت البحرين بشيخ الشباب سمو ناصر بن حمد آل خليفة، الذي يبتكر المبادرات لرفعة الشباب البحريني ويتبنى أخرى من موقع القائد المسؤول، وهو الرجل الذي يحمل السلاح بيد ويراهن على شباب بلاده سلاحاً ناعماً بيده الأخرى، ولذلك فإننا على ثقة أن ثمة استراتيجية سيتم التوجيه لها من قبل سموه تقود لنهضة بحرينية شاملة ديدنها ووقودها الشباب وأساسها التخطيط السليم.