ما زالت ثمة خيوط تدار في الخفاء، تفرض أسئلة ملحة تجد طريقها للتلاقح مع إجابات احتمالية حيناً، وتفشل أحياناً أخرى في تحقيق أدنى نتيجة إيجابية يمكن أن تفضي إلى فهم الواقع لغياب كثير من العناصر والأدلة. ومما يزيد الطين بلة في المشهد الخليجي تمادي قناة «الجزيرة»، بينما ليس ثمة مبرر لسلوكياتها الرعناء حتى وإن كانت ذراعاً إعلامية لنظام أو غيره، أو نظراً لكونها مؤسسة تجارية تبحث عن الربح من خلال إثارة الجدل وتدليس الحقائق. وها هي ذي الجزيرة تطالعنا بآخر برامجها ثورة وإثارة باسم «ما خفي أعظم»، لتتهم دولاً خليجية بمحاولة الانقلاب على نظام الحكم السابق في قطر.. عجبي..!!

ما خفي هو أن الجزيرة تجدد الحرب، فبعد القرصنة الإلكترونية والتسريبات، ها هي ذي تستمر في سكبها الزيت على النار بنفس طويل جد طويل استخدمته للوصول لعمق الخراب الذي تسعى لتحقيقه في الخليج العربي، وتخريب المصالحة المأمولة من قبل كافة الشعوب الخليجية وبعض أنظمتها، وقد اختارت موعد بث برنامجها التعس في نفس يوم وصول رسالة خطية من أمير الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لقطر، لتعمل على المكشوف في إفساد المساعي الكويتية خصوصاً في هذا الوقت الحرج الذي لم يعد يخفى فيه أن الإدارة الأمريكية وجهت بمشاركة دول الخليج العربي لقمة كامب ديفيد في الشهر المقبل ككيان متصالح مكتمل النصاب أو عدم المشاركة. بينما لاتزال «الجزيرة» تبيت الشر وتشعل الفتيل وكأنها تتعمد إفساد الأمر وإلغاء المشاركة برمتها، في محاولة لتشكيل ضغط أكبر على بقية الدول الخليجية تجاه قطر ربما.

ما خفي أعظم والشيطان مازال حياً لم يمت، ومن ظن أن الشيطان «المقرنن» بلغ من العمر عتياً، فليتذكر أنه عقل مدبر أكثر خبرة في الشر وإدارة طقوسه، وأنه مازال للشيطان أولاد وخدام. وها نحن نرى الجريرة تتبجح في ادعاءاتها ومزاعمها بأن التنسيق للمحاولة الانقلابية قد تم عبر التنسيق مع ضباط «درع الجزيرة»، وهو طعن في القوات الخليجية المشتركة، وإقحام يهدم في العمق جدوى الأمن الجماعي الخليجي. ثم تستعين الجزيرة في برنامجها بـ«فهد المالكي»-أحد قادة المحاولة الانقلابية ورئيس الاستخبارات السابق، ذاك الذي سجن في قطر 20 عاماً بعد تخفيف حكم الإعدام بحقه. رجل ذاق الذل والأمرين في السجون طيلة 20 عاماً، لا يمكن أن نعده شاهداً محايداً البتة، فهو على استعداد لتوريط أي بلد تختاره «الجزيرة» إن كان فيه تجنيبه مزيداً من الويلات.

* اختلاج النبض:

كخليجية وحدوية، آمل عقد المصالحة وأتطلع لنجاح المساعي الكويتية لاسيما في الظروف الجديدة الطارئة، غير أنه لو تصالحنا مع قطر، سأسلم على الجميع إلاَّ «الجزيرة» التي فجرت في خصومتها حتى صاح الفجور كفى ولم تكتف.