لم تكن الأولى ولكنها الأكثر تميزاً.. من دون مناسبة، وجدت رسالته الصوتية في محادثة «الواتساب»، يشاطرني استعادته لذكريات مضى عليها أكثر من خمس سنوات، حدثني فيها عن متعة المشاهدة التي كان يحظى بها خلال ارتياده لدور السينما أو متابعة الأفلام في المنزل، وكيف أن التدريب حول المشهد كلياً في إدراكه وبحثه في ما وراء الفيلم بما هو أبعد من مجرد المشاهدة على سبيل المتعة، وصولاً إلى الثقافة والوعي بالأدوار التي يؤديها الإنتاج السينمائي وغيره من المواد الإعلامية، فاجأني باستعراض جملة من الأمثلة التي بات يرصدها بوضوح ويتمعن فيها، حول الرسائل التي قدمتها الأفلام وأخضعها بدوره للتحليل، مختتماً رسالته بعبارات شكر أنيقة لاحتوائه ضمن الفريق التدريبي، وإكسابه مهارات جديدة ووعي مختلف تجاه وسائل الإعلام وتوجهاتها.

كانت لغته في الحديث عالية جداً، أغنى بكثير مما جهدت في ذلك الوقت على إكسابه وبقية الزملاء من مصطلحات ومفاهيم شائعة في الإعلام، وتحليله بلغ من العمق ما جعلني أتساءل في نفسي عن نوع الكتب أو المصادر التي يتلقى منه ثقافته بعد إنهائه التدريبات معي وحتى وصول رسالته إليّ، فكم أنا محظوظة بتدريب أمثاله. كان هذا أحد المتدربين الذين لطالما راهنت عليهم، من نخبة النخبة، في أقوى فريق دربته وتعلمت منه الشغف لنهل المزيد من المعرفة، هذا المتدرب النجيب كان من بين أكثر من 1000 متدرب طيلة خمس سنوات، حرصت على إكسابهم أكبر قدر ممكن مما تعلمته واختبرته في حياتي الأكاديمية والمهنية في المجال الإعلامي، خصوصاً في مجال الوعي والثقافة والتحليل، لأنني أدرك جيداً أن المهارة ضرورية ولكن الفكر والوعي والفهم أكثر أهمية وأبلغ لتحقيق الأهداف، بل وأنه الأكثر نفعاً في مجالات الحياة العامة ومن بينها الإعلام. إنما هي رسالة خاصة، ولكن ثمة ما استفز وجداني لأشارككم رسالة خاصة وردتني، إنه النجاح الذي حققه «نادي الوطن للإعلام»، ذلك النادي الذي أذكر أن حدثني عنه الصديق يوسف البنخليل رئيس تحرير الجريدة عندما كان فكرة، والذي جاء في فترة كنت أتطلع فيها لتوفير فرص تدريبية داخل الجريدة لبعض من المتدربين المتميزين لدي، ليفاجأني بمشروع أكبر وأضخم ونوعي، وكم كانت سعادتي غامرة وأنا أراقب نجاح النادي منذ ان كان فكرة حتى خرج أربعين شاباً بحرينياً مقبلاً على الحياة الإعلامية باحترافية.

* اختلاج النبض:

أردت أن أخبركم كم أن التدريبات الإعلامية تعود بالفائدة في عموم حياة المتدربين، لتحقق لهم نقلة نوعية في أنماط تفكيرهم وتعاطيهم مع الأمور وبالتالي أساليب حياتهم، ورغم أنها ليست بعملية سهلة ولكن كما قال البنخليل «عرق التدريب يخفف من دماء المعركة» في وقت أصبحت فيه الدماء بكل أشكالها صفة العصر.