بقلم عمار عواجي

خبير اقتصادي بحريني



حظيت العملات المشفرة وعلى رأسها البتكوين، الأسابيع الماضية، بنصيب كبير من الأخبار العالمية التي أثرت عليها بشكل مباشر وملحوظ، فسرها البعض بأنها أخبار سلبية أدت إلى تدني قيمة البتكيوين وحجم تداولها بشكل عام، فيما رأى البعض الآخر أن ما جرى هو عملية تصحيح ضرورية لأسواق العملات الرقمية لترسو على أسس مستقرة بعيدا عن التذبذبات والمخاطر العالية.



لقد كان للهيئات الرقابية في مملكة البحرين ودول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان وغيرها الأثر الأكبر في كبح جماح ارتفاع قيمة العملات الرقمية المشفرة، بعد أن أصدرت قوانين وأنظمة متعلقة بالعملات المشفرة بشكل عام، حتى أمكننا القول إن سنة 2018 هي سنة التشريعات الخاصة بالبتكوين وتنظيم –إن لم يكن تقييد- التعامل بها، بعد أن الارتفاعات الكبيرة جدا التي شهدتها خلال العام 2017.

فقد أعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في شهر مارس الماضي أن قانون الأوراق المالية والسندات ينطبق على العملات المشفرة والبورصات المتعاملة بها، أما المملكة المتحدة فقد أعلن وزير ماليتها نيته إنشاء فريق عمل يتكون من البنك المركزي "بنك إنجلترا" وهيئة الإرشاد المالي ووزارة المالية لغرض إدارة المخاطر المتعلقة بالعملات المشفرة والاستفادة من التقنية التي تقوم على أساسها، فيما بدأت الهيئات الرقابية في اليابان بتنفيذ الأحكام في البورصات المخالفة مما أدى لإغلاق عدد منها.

الأمر الآخر الذي أثر إلى حد كبير في كبح جماح ارتفاع قيمة وتداول العملات الرقمية هو قيام عملاق وسائل التواصل الاجتماعي الفيسبوك بمنع نشر الإعلانات المتعلقة بتلك العملات، ليتبعه في ذلك عملاق البحث على الإنترنت غوغل بقرار يمنع تحميل البرمجيات في متصفح كروم لغرض التنقيب عن العملات وذلك ابتداء من شهر يوليو 2018.

رغم ذلك ما زلنا نلاحظ في تصريحات بعض المتابعين المرموقين لحاضر ومستقبل العملات المشفرة، لا سيما البتكوين، تفاؤلا بارتفاع قيمة هذه العملات حالما يتم التعامل مع الإجراءات الصادرة من قبل الهيئات الرقابية واتضاح الرؤية في الإجراءات الجديدة، وهم يراهنون على أن تقنية سلسلة الكتل او ما يعرف بـــ البلوكتشين والتي تعمل على أساسها العملات الرقمية المشفرة ستكون هي الرائدة في المستقبل، وأن العملات الرقمية المشفرة لن تتوقف وستواكب وتيرة نجاح التقنية الجديدة وستنجح العملات المشفرة بذلك بمواكبة المتغيرات بشكل إيجابي.

ولكن مازال في الجهة المقابلة للمتفائلين عدد من المستثمرين والأفراد والشركات، يرون أن ما تقوم به الجهات الرقابية من تقنين ومن فرض للضرائب، انما هو بداية النهاية للعملات المشفرة التي أمست تستحوذ على عناوين الأخبار العالمية وتتعاطى معها الحكومات وتضع لها قوانين وأنظمة صارمة، فقد استمرت قيمة البتكوين مثلاً في الهبوط لأقل من 7.300 دولار (3 ابريل 2018)، ليكون ذلك مؤشراً على عدم قدرته على الارتفاع مرة أخرى للأرقام القياسية التي وصل إليها في أواخر عام 2017.