حسناً فعلت دولة الكويت الشقيقة عندما عمدت مؤخراً إلى وضع سقفٍ أعلى لأسعار استقدام العمالة المنزلية من الخارج، وذلك بعد موجة الارتفاع غير المبررة في هذه الأسعار ووصولها إلى أرقام فلكية تجاوزت الخمسة آلاف دولار «1900 دينار تقريباً».

قرار وزير التجارة الكويتي قسّم طلبات استقدام العمالة إلى نوعين، وحدد لكل منهما سعراً، فالأول تجرى الإجراءات الخاصة به عن طريق الكفيل بتقديم نسخة من جواز سفر العمالة التي يرغب في استقدامها، وحدد سعره بـ1300 دولار «390 ديناراً كويتياً»، أما النوع الثاني فتتم إجراءاته عن طريق مكتب معتمد للعمالة المنزلية وتصل كلفته بحدٍ أقصى إلى 3300 دولار «990 ديناراً كويتياً».

وقد بني قرار الوزير هذا على عدة دراسات عمدت إلى مقارنة أسعار الكلفة الحقيقية لاستقدام العمالة المنزلية في عدد من الدول مع أسعار مكاتب العمالة المنزلية في الكويت، ووجدت أن هناك هامش ربح كبيراً يحققه الطرف الثاني، وأن هناك مبالغة وزيادة مصطنعة في الأسعار من قبل مكاتب العمالة المنزلية بهدف الربح على حساب المواطن.

ولعل الحالة عينها تعاني منها الأسر البحرينية، إذ تصل أسعار استقدام العمالة المنزلية إلى أرقام خيالية وبخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك وارتفاع الطلب على هذه العمالة خلال هذه الفترة.

وبحسب مكاتب الخدم، فإن أسعار استقدام تلك العمالة تتراوح بين 750 ديناراً إلى 1300 دينار بحسب جنسية العاملة التي يراد استقدامها، هذا بالإضافة إلى المبالغ التي تفرض على تلك العمالة من قبل مكاتب التوريد في بلدانهم الأصلية قبل المجيء إلى البحرين.

وبالنظر إلى ضخامة سوق العمالة المنزلية والبالغ عددها نحو 100 ألف في عام 2017، فإنه حري بهيئة تنظيم سوق العمل في البحرين أن تحذو حذو نظرائها في الكويت، من خلال تشكيل لجنة لدراسة واقع سوق استقدام العمالة المنزلية وأسعارها ومقارنتها بكلفتها الحقيقية وتحديد سقف أعلى لتلك الأسعار منعاً لتلاعب مكاتب استقدام العمالة.

ولعله ليس بخافٍ على أحد ما تمخض عن مشكلة ارتفاع أسعار استقدام العمالة المنزلية من نشاط سوق استخدام العاملات بنظام «الساعة» كبديل مريح واقتصادي -ظاهرياً- حيث قد تفوق كلفة الاستعانة بهؤلاء مبلغ الراتب الشهري، خاصة وأن سعر الساعة يتراوح بين دينارين إلى دينارين ونصف الدينار وأكثر.

إلا أن عديداً من الأسر باتت تتجه إلى العاملات بهذا النظام لعدم قدرتها على توفير كلفة الاستقدام، فضلاً عن ثمن التذكرة والتأشيرة واستخراج بطاقة الهوية والفحص الطبي ناهيكم عن المصروفات الأخرى الخاصة بالعاملة المقيمة.

كما قد أدى ذلك الارتفاع إلى انتعاش سوق الخادمات غير النظاميات، اللائي يهربن من منازل كفلائهن ليتم تأجيرهن عبر «سماسرة» غير شرعيين وإجبارهن على الخدمة في المنازل، فقد بات من المألوف رؤية تلك العمالة تتنقل في المناطق للخدمة من منزل إلى آخر، وهو الأمر الذي قد يثير كثيراً من التبعات لا سيما الأمنية منها بما في ذلك قضايا السرقة وغيرها.

إن تقنين أسعار استقدام العمالة وتحديد سقف أعلى لها من شأنه أن يحمي المواطن من استغلال مكاتب العمالة وتلاعبها في الأسعار، كما يمكن أن يقلص من حجم العمالة غير النظامية التي باتت -وللأسف الشديد- رائجة جداً في كثير من مناطق البلاد.. فهلّا التفتت هيئة تنظيم سوق العمل والجهات المسؤولة عن هذا الملف إلى هذه المسألة الهامة قريباً؟!

* سانحة:

«ليس الحزن إلا صدأ يغشى النفس.. والعمل بنشاط هو الذي ينقي النفس ويصقلها ويخلصها من أحزانها...»، «صمويل جونسون».