النظام الإيراني دائماً ما يحاول عبر إعلامه «المراوغ» و«الكاذب»، وعبر تصريحات مسؤوليه أن يوهم العالم بأنه «حمامة سلام»، وأن العرب يتهمونه جزافاً وبهتاناً بالعمل ضدهم، وأنه لا يتدخل في شؤون بلدانهم الداخلية.

لكن في الواقع، العالم بأسره يعرف تماماً نوايا النظام الإيراني في شأن كثير من الأمور والملفات، ومسألة استهداف دول الجوار، وبالأخص الدول العربية هي أساس لمخطط التوسع «الصفيوني» الذي بدأ منذ مجيء الخميني للسلطة بديلاً للشاه.

وعليه فإن مسألة كون النظام الإيراني مصدر تهديد للخليج العربي ودول منطقة الشرق الأوسط، مسألة محسومة ولا تحتاج لنقاش.

الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها القوة العالمية الأولى تضع كثيراً من المنظمات الإيرانية ومن ضمنها الحرس الثوري و«حزب الله» في القوائم السوداء وقوائم الإرهاب، بل وتربط تحليلاتها الاستخباراتية النظام الإيراني بتنظيمات إرهابية يفترض أنها لا تلتقي مذهبياً من نظام خامنئي، مثل القاعدة و«داعش»، خاصة وأن بعض عناصرهم مختبئون بداخل إيران.

الاتفاق العالمي على أن النظام الإيراني هو «رأس حربة الإرهاب» الدولي، وأن خامنئي هو «هتلر» العصر الجديد، مثلما وصفه بصريح العبارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. حتى وقت قريب، كان مسؤولون في النظام الإيراني يتشدقون بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، يقولونها في نشوة استعمارية مليئة بالحقد والغل تجاه العرب، وهم يقصدون للأسف العراق ولبنان وسوريا واليمن.

إلا أن هذا الحلم لم يكتب له التحقق بنفس السيناريو المرسوم، فالعراق بدأ ينتفض أهله العرب الشرفاء بقوة، وشوكة «حزب الله» وتسلطه في لبنان تكشف المؤشرات أنها ماضية في الانكفاء، واليمن لم يتحول للقمة سائغة في ظل التحالف بقيادة السعودية و«عاصفة الحزم»، التي لم تترك اليمن ليختطف من قبل الحوثيين، لكن تظل المسألة السورية هي الأكثر ألماً، في ظل استمرار الجزار بشار الأسد في قتل الأبرياء وتشريد الملايين.

دول الخليج والعرب في منطقة الشرق الأوسط ليسوا أهل اعتداء على الآخرين، بالتالي إن كانت إيران تريد أن توهم العالم أن هناك مخططاً لاستهدافها وضربها وشن حرب عليها، فإنها تقلب الحقائق هنا، لأن النظام الإيراني هو في خانة البادئ بالاعتداءات على العرب، هو الجائر في جيرته، هو من يخطط ويضع المخططات الآثمة، ويزرع العملاء، ويجند الخونة ويدربهم ويمدهم بالسلاح، وإن سنحت الفرصة فإنه يرسل عناصره للدخول في الأراضي العربية ومحاولة السيطرة عليها، مثلما فعل في العراق وسوريا ولبنان. دول الخليج والعرب يدافعون عن سيادة بلدانهم، يحمون أمنها، يصدون اعتداءات الأجنبي، وكل هذا بحكم احترامهم أولا لحقوق الجيرة وللسيادة، فلن تجد من دولنا بادئاً بالاعتداء، بل مدافعاً ضد استهداف، وهذا هو حال الوضع مع إيران. لو أرادت إيران كنظام ضمان السلام في المنطقة، فإن المسألة بيدها وحدها، عليها أن تحسن الجيرة، وتوقف كل الشر المتطاير المتعمد توجيهه لبلداننا، وتنهي زرع عملائها وتجمد تجنيد خونة الأوطان وإمدادهم بالمال والسلاح، وتثبت لجيرانها أنها قادرة على الالتزام بحسن الجوار، وهذه النقطة هي بالتحديد المستحيل حدوثها في ظل هذا النظام.

لذا كانت دعوة العرب في «قمة القدس» لإيران بأن تحترم حسن الجوار، وأن ذلك لا يتأتى إلا من خلال انسحابها من الدول العربية. هذا الانسحاب لا يحتاج لأي تفصيل كون التدخل واضح تماماً، على طهران سحب مجموعاتها العديدة من العراق، وسوريا، وتنهي احتلال «حزب الله» لجنوب لبنان، وأن توقف دعم قوات الحوثي في سبيل ابتلاع اليمن.

هل ستفعل إيران ذلك؟! بالنسبة لهذا النظام فإن التخلي عن مخططاته الخبيثة التي قضى سنوات لتدبيرها وإنفاق الملايين على تحقيقها يعد ضرباً من الخيال، لكنها ضريبة كبيرة وتكفير أكبر لو أراد هذا النظام بالفعل تصحيح مساره وتصليح علاقاته مع جيرانه في المنطقة، والالتفات لهموم شعبه الذي هو أول من يدفع الضريبة، من خلال الفقر والتعذيب وانتهاك الحريات ونهب الثروات.

انسحاب إيران من الأراضي العربية، هدف تسعى له أمتنا، وستصل له يوماً ما، سواء أكان برضا جارة الشمال إن استمعت لكلام المنطق والعقل والسلم «ونشك ملايين المرات في أنها ستفعل»، أو كانت بالقوة عبر تطهير أراضينا من عناصر الاحتلال وعملاء الخيانة.