من النكات التي يمكن تصنيفها في باب النكات الخشنة تلك التي ملخصها اللقطة التي بثتها قناة «الميادين» بعد ساعات من الضربات الجوية يوم السبت لبشار الأسد وهو يدخل القصر الجمهوري بينما المذيعة تقول إنه يتجه إلى مكتبه بعد الضربات الجوية على سوريا «بشكل طبيعي»... بعدها اهتمت القناة بتوصيل فكرة أن «العاصمة السورية تعيش حياة طبيعية بعد ساعات على العدوان الثلاثي» حسب تعبير المذيعة وبثت لقطات لمجموعة من السوريين وهم يرفعون صور بشار ويرقصون في أحد الشوارع محتفلين بـ«النصر»، بينما تقوم قناة «الميادين» بـ«تقويلهم» ما يحب النظام السوري أن يسمعه، فصوروا الأمر وكأنهم هم من أطلق الصواريخ على أمريكا وبريطانيا وفرنسا.

أما بيان القيادة العامة للجيش السوري، فكان ملخصه أن «العدوان لن يثني القوات المسلّحة و الرديفة عن سحق ما تبقى من الجماعات الإرهابية»، وأن «القيادة العامة للجيش تؤكد استمرارها في الدفاع عن سوريا وحماية مواطنيها، وتشدد على أن هذا لن يزيدنا إلا تصميماً على الدفاع عن مقومات السيادة والكرامة وعن أمن الوطن والمواطنين»، وما إلى ذلك من عبارات إنشائية لا يمكن بها صد أي صاروخ حتى لو كان من ورق. ما بثته قناة «الميادين» عن دخول بشار الأسد القصر الجمهوري بهمة ونشاط كان كذباً صريحاً، فاللقطة قديمة وسبق أن بثتها القناة نفسها في مناسبة سابقة، الأمر الذي دفع بعض السوريين من المتابعين لما يجري في بلادهم إلى نشر تغريدات تدعو المعنيين في بلاط الأسد إلى تعلم الفبركة لأن عمر اللقطة التي تم بثها سنوات، أما ما بثته القناة من دمشق وقالت إنه تعبير عن رفض العدوان وتأييد لبشار الأسد فأمر سهل تدبيره من قبل نظام كنظام الأسد ويمكن أن يتم من دون مقابل يدفع للفتيات الأنيقات اللاتي تنقلن بالسيارات وللرجال والأطفال وهم يحملون العلم السوري وأعلام إيران وروسيا و«حزب الله».

ولأن ما كان ينتظره الجمهور العربي مختلف عن الذي شاهدوه، لذا تعالت الأسئلة عن الذي يمكن أن تفعله إيران المتغلغلة في سوريا وسبب أغلب مشاكلها، وما يمكن أن تفعله روسيا، وما يمكن أن يفعله «حزب الله» غير إلقاء أمينه العام خطاباً نارياً يتحدى به الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكل الدول التي آلمها تعامل النظام السوري مع شعبه بالكيماوي فقررت وضع حد لهذا الذي يذهب ضحيته أبرياء لا لشيء سوى استمرار بقاء بشار الأسد الذي اغتصب حكم سوريا بـ«القانون» وعبر «مجلس الشعب» في كرسي الحكم. بعد ما حصل فجر السبت الماضي قال الحرس الثوري الإيراني «أمريكا ستتحمل عواقب عدوانها» لينبري السؤال عن الذي يمكن أن يفعله النظام الإيراني غير إصدار البيانات والتصريحات فاقدة القيمة والتأثير؟ وغير بث الأكاذيب عبر ماكينته الإعلامية التي مثالها قناة «الميادين» التي لم تتردد عن بث لقطة قديمة لبشار الأسد وهو يدخل القصر الجمهوري لتضحك بها على ذقون العالم وتقول إنه لم يتأثر بما حدث وأنه «أسد» و«جبل ما يهزه ريح» وأن «همته العالية» كفيلة باتخاذ القرارات الرادعة لكل من شارك في العملية فور ولوجه مكتبه!

لا إيران ولا حزبها في لبنان ولا روسيا ولا المظاهرات التي خرجت أو ستخرج في صنعاء وفي مدن أخرى في العالم ولا كل من يقف إلى جانب بشار الأسد يمكن أن يفيد هذا النظام في مثل هذا الظرف، وما حدث ليس إلا مثالاً وتمهيداً لضربات أكبر وأقوى، ولو أن الولايات المتحدة وحلفاءها قدروا أن الضربة لم تحقق أهدافها فسيتبعونها بأخرى ولن يقف في طريقهم أحد، ولن يوقفهم إلا سقوط النظام السوري الذي لم يتأخر رئيسه عن «دوام» السبت رغم سقوط 110 صواريخ على بلاده!