قول ميليشيات الحرس الثوري الإيراني إن «أمريكا ستلقى هزيمة كتلك التي لحقت بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين إن هاجمت إيران» لا يمكن قبوله إلا على أنه نكتة، حيث النكتة تعتمد على المفارقة لتحدث حالة الضحك، وليس من مفارقة أقوى وأحلى من مثل هذا القول المنطلق من الوهم. ولأن هذا الكلام مضحك كان من الطبيعي أن يثير موجة سخرية داخل إيران وخارجها، فالحرس الثوري الذي تلقى في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الضربات من إسرائيل في سوريا، ولم يتمكن من فعل شيء لا يمكن أن يواجه أمريكا ولا يمكن بالطبع أن يهزمها.

لولا شعور النظام الإيراني بضعفه لما قال كل الذي قاله أخيراً عن الولايات المتحدة إثر توجيه وزير خارجيتها تلك الرسالة شديدة اللهجة له وتهديده بتوقيع أقسى عقوبات في التاريخ في حال عدم تلبية إيران الشروط التي طالبتها بوقف برنامجها النووي المثير للجدل والكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط ووضعه 12 شرطاً قاسياً للتوصل إلى اتفاق جديد مع إيران.

قول الحرس الثوري هذا لا يناسب إعلان مايك بومبيو الذي عرض الاستراتيجية الجديدة لأمريكا بعد انسحابها من الاتفاق النووي الإيراني وقوله إن إيران «لن تكون أبداً بعد الآن مطلقة اليد للهيمنة على الشرق الأوسط» وتعهده بـ»ملاحقة العملاء الإيرانيين وأتباعهم في «حزب الله» في كل أنحاء العالم بهدف سحقهم» وتأكيده أن الولايات المتحدة ستمارس «ضغطاً مالياً غير مسبوق» على النظام الإيراني. وبالتأكيد فإن رد الحرس الثوري لا يناسب سؤال بومبيو الواضح والمباشر وملخصه هل الشعب الإيراني يرضى بأن يكون مع ميليشيات إرهابية من أمثال «حزب الله» وحماس والحوثيين؟

أما الشعب الإيراني المتضرر من النظام الإيراني فرد على النظام والحرس الثوري بإطلاق هاشتاغ «الشعب يريد إسقاط النظام في إيران» على «تويتر» و»فيسبوك» مؤكداً بذلك مطالبة الإيرانيين بتغيير النظام الثيوقراطي الذي أعاد بلادهم سنين كثيرة إلى الوراء وأساء إليه وهدد مستقبله بل حطمه، واستعرض المشاركون في الهاشتاغ الجرائم التي ارتكبها هذا النظام على مدار سنوات وشكوا من قمع الحريات الذي يمارسه والاعتقالات السياسية والإعدامات التي هي في ازدياد.

الإيرانيون وفروا عبر الهاشتاغ الكثير من المعلومات التي تفضح النظام الذي اختطف ثورتهم وحولهم إلى أدوات يستخدمها لمصلحته، من ذلك أنه يمنع المطاعم والمقاهي من عرض مباريات كرة القدم على التليفزيونات ويمنع الناس من أي نوع من الفرح، وكتبوا إنهم يستحقون مكانة ووضعاً أفضل في العالم وأنهم صاروا رهائن وأن الكثير من الشباب يقتلون على يد النظام، وقالوا إنهم يقاتلون من أجل الحرية.

المغردون طالبوا النظام الإيراني بسحب ميليشياته من سوريا ووقف الدعم للجماعات المقاتلة الموالية له، وأعلنوا أن «الشعب يريد إسقاط النظام»... و»حان الوقت لتغيير النظام الإيراني، كما حان طرد إيران من سوريا»، ولم ينسوا التذكير بقيام النظام بقتل الآلاف في سوريا والعراق واليمن.

هكذا تحدث الشعب الإيراني المظلوم والمهيمن عليه من قبل نظام الملالي، وذاك كان رد الحرس الثوري على ما أعلنه وزير خارجية الولايات المتحدة، وهذا وذاك يلخصان في القول إن في إيران نظاماً لا يدرك ما يدور حوله ولا يعرف حجمه الحقيقي وأن حالة الغرور التي يعاني منها أوصلته إلى الاعتقاد بأنه يستطيع مواجهة الولايات المتحدة وإنزال الهزيمة بها ولف حبل المشنقة حول رقبة رئيسها، ويلخصان أيضاً في القول بأن هذا النظام يفتقد السند في الداخل وأن أي ضربة توجه له سيستفيد منها الشعب الذي اعتبره عدواً له ومارس عليه أبشع أنواع الظلم وأهانه على مدى أربعة عقود وأنه سيستغلها للانقضاض عليه والتخلص من ربقته.