بما أن الدين الإسلامي هو دين التكافل والإنسانية، وبما أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والغفران، فليس هناك أفضل من شهر رمضان كتوقيت مناسب لتطبيق مفهوم التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد. عثرتُ عن طريق المصادفة على دعوة إنسانية جميلة لأحد المحامين البحرينيين يدعو من خلالها المواطنين لمساعدة المُعْسَرين في مملكة البحرين. فمن هو المُعْسَر بحسب المحامي؟

المُعْسَر ليس بالإنسان النَّصاب أو المتحايل، وإنما هو الشخص الذي صادفته عقبات وظروف صلبة وصعبة منعته من تسديد ديونه للجهات القارضة، فما كان هنالك من خيار أمام القانون سوى حبسه أو تهديده بالحبس في حال لم يفِ بالتزاماته المالية. اليوم هناك مجموعة من المُعْسَرين داخل السجن أو من المهددين بالحبس في حال لم يقوموا بتسديد التزاماتهم المالية للجهات القارضة. هذه الفئة تحديداً هي المعنية بالمساعدة.

تقام في بعض الدول الخليجية -بين فترة وأخرى- حملات قوية تدعو إلى الوقوف الوطني والإنساني إلى جانب المُعسرين لتخفيف أعبائهم وعودتهم لأهاليهم، خاصة في شهر رمضان المبارك للاحتفال بالعيد بين ظهرانيهم. بل إن هناك دعوات من كبار المسؤولين في تلك الدول لدعم المعسرين وأن هناك من يقدم منهم كل ما بإمكانه أن يقدِّمهُ من مساعدات مالية كبيرة من أجل حلِّ أزمة هذه الفئة من المُعْسَرين.

نحن هنا نتبناها دعوة مفتوحة كما يتبناها المحامي وبحسب عمله بين أروقة المحاكم لكافة الجمهور البحريني لدعم ومساعدة ومساندة كافة المُعْسِرين بأي شكل من الأشكال، خاصة لمن لديه أوراق ثبوتية وقانونية تدلّ على تعثره من الناحية المالية دون إرادته وإنما بسبب ظروف خارجة عن إرادته فقادته إلى الحبس. وأن يكون الدعم المالي وفق ضوابط قانون البلد حتى لا يخضع أي منَّا للمساءلة القانونية.

لا شك في أن المجتمع البحريني هو من أكثر المجتمعات العربية من ناحية تطبيق مفهوم التكافل الاجتماعي، حتى إننا رأينا في الآونة الأخيرة دعوات صريحة لجمع أموال بطريقة قانونية لدعم بعض المرضى ممن يحتاجون للعلاج في الخارج، ونحن في الحقيقة لا نجد أي فرقٍ بين المريض والمُعْسَر، فكلا الطرفين بحاجة ماسة للمساعدة والعودة إلى أحضان أهاليهما سالمين دون أن يترتب أي أثر نفسي عليهما وعلى ذويهما.

هذه فرصة رمضانية رحمانية جميلة -لا تعوَّض- تقف أمام المجتمع البحريني من أجل تلبية دعوة هذا المحامي وغيره من أصحاب الأصوات الإنسانية الداعية لمساعدة المُعْسَرين في مملكة البحرين. فهذا المُعْسَر لديه أطفال صغار يعيلهم كما يودون أن يجتمعوا مع هذا المُعيل في العيد، وهذا الأمر لن يكون إلا من خلال الوقوف معهم ومساعدتهم بالقدر المتيسر من كل شخص بحريني أو حتى غير بحريني، فالتكافل هو الوجه الحقيقي للإنسانية.