* مهما اقتنعنا بأن الحياة لا تستقر على حال.. فإن الأمر الأهم.. أن نعرف كيف نتعامل مع تجدد الأحداث وتبدل الأحوال.. من المستحيل أن تكون ذلك الطيف العابر الذي يمر دون أن يؤثر على غيره.. ومن المستحيل أن يتكرر طيفك في كل أوقات الحياة وفي كل تصاريف الزمان.. لأنك تعيش تحت ظل رحمة المولى الكريم ولطفه وكرمه وحفظه وستره.. فلا تتضجر ولا تسأم.. بل انطلق كما كنت في كل الأحوال.. قد تهزك رياح التغيير مرة، وقد تتعرقل في دوامة الحياة مرات.. وتصدم بمواقف البشر.. ولكن يبقى إيمانك أن الحياة مجموعة من الأحداث.. تتجدد في كل حين.. فكن مستعدا لكل حدث ولكل اهتزازات نفسية قد تغير من نفسيتك الكثير.. ولكن.. كن أنت كما أنت.. تتحمل كل شيء.. وتتذكر إنما أنت في دار فناء ومحطة استراحة.. فتزود منها لآخرتك.. وكن ذلك الفارس الشهم الذي لا يتغير.. واستفد من كل تجربة وكل حدث من أجل أن تغير من حياتك الكثير، وتلغي أي أعباء مرهقة قد تعيق تقدمك للأمام، فلا تستمر حياتك كما كانت.. حتى لا ترهق تفكيرك، ولا تهدر وقتك مع القيل والقال وقناعات البشر المرهقة.. أنت كما أنت.. فسوف تقف أمام الديان تحاسب على أعمالك في الحياة.. فالأهم مع كل الأحداث أن تؤمن أن الله الكريم الرحمن الرحيم اللطيف الفرد الصمد.. هو من ستفرغ قلبك من غيره، وهو الذي تلجأ إليه في خطوب الدهر وتصاريف الحياة.. فليس للبشر أي تأثير في أحداث حياتك.. إنما التأثير هو قلبك المطمئن المؤمن بقدر الله وحوله وقوته في جميع أحداث الحياة.. هنا ستقف شامخا في كل لحظة وتضع حدا لكل من يعتقد أنه الكيان الأوحد المؤثر في مسير حياتك.. هكذا عهدناك وهكذا سنراك دائما حتى الرمق الأخير.. لأنك ستكون المؤثر في كل الأحداث، فلا تيأس أبدا ولا تحزن وكن على ثقة بمعية الكريم المنان الذي يرى نقاوة قلبك وطيبته وحرصه على الخير في فضاء الحياة الشامل.

* هل أضحت علاقاتنا مع الأصحاب والمعارف على صفيح ساخن معرضة للضعف والانهيار؟ وهل أحضت العلاقات محصورة في نطاق العالم الافتراضي وداخل جهاز الهاتف الذي قضى على أجمل لحظات اللقاء والتواصي والتزاور؟ بالفعل أكاد أبصم ـ من وجهة نظري ـ بأن علاقاتنا لم تعد كتلك التي تعودنا عليها في صغرنا ـ على الأقل في جيلنا وجيل من يكبرنا ـ فقد أضحى التواصل والسلام والنصح والتوجيه، بل وكنا نسميه بالبحريني (التشره) وجل المناقشات عبر منظومة (الواتساب) المملة!! فبدلًا من أن ينهي الشخص أموره بالاتصال السريع الذي لا يكلفه الكثير ويختصر عليه الوقت ويبدي رأيه بصورة واضحة من خلال الحوار والمناقشة.. تراه يقضي دقائق في كتابة رسالة نصية طويلة من أجل أن يوصل للآخر ما يريد.. ولعله بذلك يثير البلبلة والضجر والسخط من الطرف الآخر وبخاصة إن كان الكلام مزعجا أو غير مفهوم أو يجرح المشاعر!! ومن العجب أنك ترى البعض يشتد غضبه إن لم ترد عليه في (الواتساب) بعلامات استفهمام واستغراب، في المقابل كان بإمكانه ـ وبضغة زر ـ ينهي كل شيء.. افتقدنا هذه الميزة في ظل زمان لم يعد للقاء قيمة فيه، في ظل اكتفاء البعض بالرسائل النصية أو الصوتية أحيانا.. فترت العلاقات إلا من تلك التي ما زالت تحافظ على رونقها في ظل التقاء أصحابها في بعض الديوانيات التي ما زال روادها يلتقون ليتذكرون الماضي الجميل ويقضون أوقاتهم مع ثلة من الأصحاب ينفسون عن أنفسهم في ظل أيام الحياة المتشابكة.. نمني النفس بأشياء ولكن هي الحياة تتجدد في كل حين.. وتبقى أصالة النفوس هي الفيصل في كثير من الأحداث.. بالفعل أضحت حياتنا مجرد آلات تعمل، افتقدنا فيها إلى لذة الأحاسيس والمشاعر الجياشة..

* افتقدته في زاوية المسجد كما اعتدت أن أشاهده يصلي فيها في الصف الأول.. فسارعت ـ حبا له وخوفا عليه ـ بالاتصال به والسؤال عنه لعلي أرجع صفة أثيرة إلى نفسها افتقدتها كثيرا.. "رحم الله والديك يا يبه".. فرحت كثيرا بسماع صوته وبدعواته.. هم من نأنس بلقياهم والسلام عليهم والسؤال عنهم.. فهم يمثلون رونق الحياة الجميل.

* البعض يرى أن نفاذ القانون كما يراه بنفسه أهم بكثير من تلك مشاعر الحب والإخاء التي تجمعه مع الآخرين، وبخاصة مع أناس يرى فيهم أثر الحياة التي عاشها، ويعرف قلوبهم الحانية النقية عن كثب.. فهم ليسوا كمثل أولئك الغرباء في دوحة الحياة.. وليسوا كمثل من جمدت نفوسهم عن اللحاق في ركب العطاء.. بل هم كما هم.. يسيرون من أجل أن يرسموا أجمل الأثر في حياة البشرية جمعاء.

* مهما عملت وتحركت وتجولت وامتد نطاق عملك في مساحات الحياة المختلفة، فستظل قيمة الأثر الذي ترضي به الله تعالى هي أجمل قيمة في حياتك.. فإنما إرضاء البشر سيكون في نطاق دنيوي ضيق.. أما إرضاء المولى الكريم في كافة أعمال الحياة فإنما هو المقدم من أجل أن تحظى بتوفيق رباني كريم.

* تذكر دائما أنك كلما قررت أن تغير من نمط حياتك اليومي، كلما كنت أشد قربا إلى العودة من جديد إلى تلك البقعة الجميلة المباركة التي تقربك من المولى الكريم.. فكل موقف حياتي وكل حدث جديد إنما يعلمك أن تغير من نمط حياتك وتعاملك من الآخرين.. هي البقعة التي تعود إليها كلما ثقلت عليك الحياة واشتدت بك الأزمات وتوالت عليك الهموم.. بسجدة تناجي بها الإله.. وبقراءة لآيات ترطب بها القلب.. وبتسبيح يرطب لسانك.. وبسطور إيمانية تقرؤها من كتاب تحبه، كنت قد تركته منذ فترة.. وحان الوقت للرجوع إليه.. جميلة هي الحياة عندما تعلمك المزيد.

ومضة أمل:

أشتاق لحروف الأمل لأنها تعلمني معاني الحياة الجميلة وتدفعني إلى أجمل "صور الأثر".