لا يزال البعض الذي يعتبر نفسه «معارضة» يكرر الأخطاء نفسها التي سبق أن وقع فيها، لهذا لم يكن مستغرباً إقدامه على تحويل مسيرة عزاء حسينية خرجت في قرية الديه قبل يومين إلى مظاهرة اضطر معها رجال الأمن إلى التعامل معها حسب القانون، ولم يكن مستغرباً أيضاً المبالغة في «احتلال» مدخل سفارة المملكة في لندن بل وتحويل المكان إلى ساحة عزاء، تماماً مثلما فعلوا في 2011 عندما أوجدوا لهم مكاناً عنوة عند مدخل المرفأ المالي في المنامة. الأخطاء هي هي تتكرر، وليس لهذا تفسير سوى أن هذه «المعارضة» لا تدرك ما تقوم به ولا تتعلم من أخطائها، لهذا زادت بنقش بعض الكتابات على الأرض في وقت توفر فيه الدولة كل الإمكانيات لإنجاح عزاء سيد الشهداء عليه السلام.

خلط مناسبة عاشوراء بالسياسة تكرار لنفس الأخطاء التي تم الوقوع فيها، وتحويل مسيرة حسينية إلى مظاهرات عنوانها الفوضى والتخريب تكرار لنفس الأخطاء، والمبالغة في استغلال القانون الحاكم في بريطانيا بتحويل المكان إلى ساحة عزاء ورفع شعارات ناقصة تكرار لنفس الأخطاء ووقوع في نفس المأزق. لهذا يمكن القول باختصار إن هذه «المعارضة» لا يمكن أن تحقق أي شيء وتتسبب في إطالة المشكلة وفي الابتعاد عن المساحة التي يمكن الاستفادة منها في إصلاح الأمور.

إن أي حكومة في العالم لا يمكن أن تقبل بمثل هذه الأخطاء وهذا التكرار لها، لهذا فإن ما ينبغي أن يعلمه من لا يزال يؤمل خيراً في هذه المجموعة هو أنه لا يمكن لها أن توصلهم إلى أي مفيد ولا يرجى منها خير، حيث الواضح أنها لا تفهم في العمل السياسي ولا تعرف كيف تستفيد من الفرص التي تتاح بين الحين والحين. هذا على افتراض أن «المعارضة» كتلة واحدة ولها قيادة واحدة.

مقابل الخدمات الكثيرة والتسهيلات التي وفرتها الحكومة بغية إنجاح موسم عاشوراء يتم تحويل مسيرة حسينية إلى نشاط سالب يؤذي الناس ويعطل حياتهم ويعرضهم للخطر، ويتم ممارسة أنشطة مخالفة للقانون. المثير أن هذا الذي قاموا به ويقومون به في الداخل والخارج لا يعود عليهم بالنفع وإنما بالمضرة، ومع هذا يقومون به، فما الذي يمكن أن يقال عنهم وهم في هذه الحال غير أنهم لا يدركون ما يفعلون ولا يفهمون في السياسة؟

من الأمور التي ينبغي أن ينتبه لها هؤلاء أن وضعهم لم يعد كما كان وأن ما كانوا يحصلون عليه بسهولة لم يعد ممكناً الحصول عليه اليوم. اليوم الأمور في يد الحكومة، هي التي تدير الموقف، وعلى الجميع أن يمتثلوا للقوانين التي تضعها. الأمور اليوم في يد الحكومة وحدها، وفي وضع كهذا لا يمكن لمثل هذه «المعارضة» أن تحقق أية مكاسب، لا بجهدها ولا بجهود من يساندها و«يزهزه» لها. بوضوح أكبر لن يتمكن «حزب الله» الذي أعلن أمينه العام قبل أيام استمراره في الالتزام بدعمهم من تقديم أي شيء لهم، ولن يتمكن النظام الإيراني ومن صار في حضنه أخيراً من تقديم أي شيء لهم أيضاً، فالأحوال تغيرت ولم يعد ممكناً خلق ظروف جديدة تعينهم على التحرك بالكيفية التي يشتهون. لهذا ينبغي ألا يوقعوا أنفسهم في أخطاء إضافية وألا يكرروا الأخطاء التي ارتكبوها من قبل وأن يفكروا بدلاً عن هذا في أمور تعود عليهم وعلى الناس الذين يقولون إنهم خرجوا من أجلهم بالمنفعة.

ما يقومون به وما يكررونه من أخطاء في الداخل والخارج يضرون به من يدعون أنهم يعملون من أجلهم ويفقدون بسببها كل الفرص التي يمكن أن يستفيدوا منها.