من الحقائق التي لا يختلف عليها أن النظام الإيراني يعاني اليوم من العقوبات الاقتصادية ومن نبذ العالم له، ومن الحقائق أيضاً أن هذا النظام يكابر وسيظل يكابر ولن يعترف بهذه الحقيقة إلا بعد أن يوصل إيران والشعب الإيراني إلى الهاوية، والواضح أنه يؤمن بأنه يكفي أن يكون مسؤولو النظام وأموالهم في أمان كي يعتبر أنه لا يعاني من العقوبات والنبذ وليقول بأن الولايات المتحدة وكل دولة تتخذ منه موقفاً سالباً فشلت في مسعاها وأن أحداً لا يستطيع أن يواجهه مهما فعل ومهما كانت الأوراق التي يمتلكها.

النظام الذي اختطف إيران وثورة الشعب الإيراني وحكم بالحديد والنار لأربعة عقود أخرج خلالها الإيرانيين من الحياة حتى صاروا يبتهجون بالموت، هذا النظام لا يهمه تضرر الشعب الإيراني بل لا يهمه إن عاش أو مات، المهم والأهم عنده هو رؤوس النظام، فطالما أنهم بخير ولم يصبهم شر وأموالهم في الحفظ والصون فالحياة حلوة.

هذه حقيقة مؤلمة، والأكثر إيلاماً هو أن البعض المهووس بهذا النظام لايزال مهووساً به وبالشعارات التي يرفعها ولايزال يؤمن بأنه «مظلوم»، والواضح أنه لن يتأكد من تلك الحقيقة إلا عندما يرى أن النظام لم يهتم «في نهاية الفيلم» إلا برؤوسه ولم يسعَ إلا إلى جعلهم يستمرون في الحياة بأمان، هذا إن لم يبيعوا كل شيء ويتعاونوا مع كل الذين يعتبرونهم أعداء وفرضوا عليهم العقوبات الاقتصادية.

لكن الشعب الإيراني الذي عانى من هذا النظام طويلاً لن ينتظر حتى يحدث هذا الأمر، فالنظام بالنسبة له مرفوض في كل الأحوال، والأكيد أنه لن يفوت فرصة كالتي هي سانحة اليوم وسيستغل العقوبات الاقتصادية التي ستزيد من آلامه ليقوم بالخطوة الأخيرة من ثورته التي بدأها منذ اللحظة التي تربع فيها الملالي على عرش الشاه.

ما صار فيه النظام الإيراني اليوم بسبب رعونته فرصة ذهبية للشعب الإيراني كي يزيله، وهو إن لم يستغل هذه الفرصة فقد لا تأتي فرصة مماثلة إلا بعد زمن طويل أو قد لا تأتي أبداً، لهذا فإن المتوقع هو أن تشهد المدن والقرى الإيرانية خلال الفترة القريبة المقبلة تحركاً طال انتظاره وعملاً دؤوباً تقوم به منظمة «مجاهدي خلق» يعاونها عليه كل العالم الذي شهد مأساة هذا الشعب وتعاطف معه.

المأمول من الولايات المتحدة ومن كل دول العالم التي تبين لها سوء النظام الإيراني ووقفت مع الحق ألا تتراجع عن هذه الخطوة أياً كانت الأسباب ومهما كان حجم المغريات والتنازلات التي سيجد النظام نفسه مضطراً لتقديمها، فالقيم الإنسانية أهم من النظام الإيراني وأهم من كل المكاسب المادية.

لا يكفي أن يقول المسؤولون الأمريكيون إن «الحرس الثوري الإيراني يعمل على زعزعة استقرار شركائنا وأصدقائنا في المنطقة» ولا يكفي أن يقولوا إنه «يعمل من خلال جماعات مثل «حزب الله» و«سرايا الأشتر» وغيرهما والتي تم تصنيفها كمجموعات إرهابية لتحقيق هذه الغاية» ولا يكفي أن يقولوا أي كلام آخر في هذا السياق، حيث الأهم من هذا الكلام ومن قرار العقوبات الاقتصادية هو الثبات والاستمرار في هذا الموقف والمساعدة في التعجيل بنهاية النظام الإيراني الذي آذى الجميع ولم ينسَ حتى إيذاء نفسه!

عدم التراجع عن العقوبات وعدم تخفيفها ومؤازرة الشعب الإيراني بكل ما هو ممكن نتيجته تحرير هذا الشعب وتخليصه من معاناته وآلامه وإعادة الأمان إلى المنطقة التي لا تهم الدول المنتمية إليها فقط وإنما تهم كل العالم وخصوصاً الدول التي لها فيها مصالح.

مزيد من العقوبات ومزيد من الضغط على النظام الإيراني هو الطريق للخلاص من هذا النظام البائس وعودة الشعب الإيراني إلى الحياة.