نحن نؤمن أن انتهاك سيادة القانون لا يقل خطراً عن الكثير من الأعمال المتعلقة بالإرهاب. فجرائم التزوير والرشوة وغسيل الأموال يمكن أن تكون مقدمة منطقية جداً لتهيئة مناطق غير آمنة داخل الدولة، كما يمكن لهذه الجرائم أن تُحدث ثغرات أمنية غير مرئية يختفي خلفها بعض الإرهابيين، خاصة حين تكون الثغرات متعلقة بالنظام الإلكتروني للدولة، حيث يستطيع من يقف خلف هذا النوع من الجرائم -التي يعتبرها البعض بأنها عادية- أن يقتحم معلومات حساسة ورسمية في غاية الأهمية، ولهذا وجب أن تكون العقوبة للمزورين ومن في حكمهم قاسية جداً.

فقبل أسبوع فقط، أحالت «الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية إلى النيابة العامة 28 شخصاً بينهم موظفون في جهات حكومية وينتمي عدد منهم إلى جنسيات مختلفة، حيث تم القبض عليهم إثر قيامهم بتشكيل خلية، عمدت إلى تزوير جوازات وأختام السفر وتأشيرات وإقامات خاصة بعدة دول خليجية وأجنبية وذلك بالاستعانة بآخرين يعملون ويقيمون داخل وخارج البحرين بغرض بيعها لأشخاص مقابل مبالغ مالية طائلة بهدف تسهيل عملية انتقالهم بين الدول، حيث تم تزوير عدد من جوازات السفر وإصدار تأشيرات مزورة».

إنَّ ما يُؤسف له في هذه «الخلية» هو وجود بعض الموظفين الحكوميين بينهم، مما يعني أن بعض الوظائف الحساسة في الدولة يجب أن تكون خاضعة للمراقبة بشكل دائم، وأن يكون هناك تدوير للموظفين الذين يشغلون مثل هذه الوظائف، فالموظف الذي يكون حلقة وصل بينه وبين أسرار الدولة لا بد أن يكون أميناً جداً، وألا يستخدم نفوذه في سبيل تحقيق مصالحه الشخصية على حساب أمن الوطن واستقراره.

يجب أن يعي الجميع بأن عمليات تزوير التأشيرات والجوازات والمحاضر الرسمية الحساسة ليست بالأمور العادية، بل هي عمليات عدائية ضد استقرار الوطن والمجتمع، كما أنها تعني اختراقاً للجدار الأمني الذي يمكِّن الإرهابيين من دخول الدولة والاستقرار فيها وربما من خلال التعاون مع «الموظف الخائن» يمكنهم أن يُدخِلوا إلى البلد -لا سمح الله- مواد متفجِّرة أو مخدرات بكميات كبيرة جداً أو ممارسة أمورٍ أخرى خطيرة. ومن هنا أكدنا في بداية حديثنا على أنه يجب أن تكون العقوبات ضد هؤلاء صارمة، كما يجب من الآن وصاعداً تفتيش المؤسسات الرسمية التي يمكن أن تُستغل لمثل هذه الجرائم المخلة بأمن المجتمع. كما لا بد أن نُشيد بجهود الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية على سرعة كشفها هذه الخلية التي تعتبر من الخلايا المستيقظة النائمة. المستيقظة في تحركاتها والنائمة عن أعين الجهات الأمنية والرقابية، لكن ولله الحمد تم كشفها في الوقت المناسب حتى ولو استطاعت تزوير بعض الأختام والجوازات والإقامات لأشخاص أجانب. لكنهم في نهاية الأمر وقعوا في الشِّباك وفي شرِّ أعمالهم وستقع معهم كل خلية تخون أمانة الوظيفة الرسمية.