اليوم أكثر الأيام الذي ستجد فيها فرحة عارمة تغمر البحرين بأسرها، فرحة يصنعها أبناؤها، يعبرون فيه عن حبهم «غير المشروط» لها، وعن انتمائهم «العزيز» لكيانها، وعن التصاقهم «الوثيق» بتراب أرضها، يقدمون نموذجاً صريحاً، كيف أن علاقة الحب هذه هي علاقة مصير أبدي، فلا واحد منا هو نفسه بدون البحرين.

عرس البحرين، يومها الوطني، الفرح الطاغي باللونين الأحمر والأبيض، لن تجد إلا الوطني والمخلص والمحب لبلاده، هو من يحتفل بهذا اليوم الغالي بكل صدق مشاعر، وبكل فرحة لا يمكن أن تفسرها إلا قواعد العشق الخالص.

هذا يوم نسترجع فيه أهم الدروس التي تعلمناها في مدرسة «الوطنية» الخاصة بالبحرين، هذه المدرسة التي ولدنا وعيوننا مفتوحة عليها، «ربونا» أهلنا على ثقافتها، ثقافة كانوا يعبرون عنها ببساطة شديدة، وفق مفهوم مباشر غير معقد، تتلخص في أنك جزء من هذا الكيان، روح واحدة تتلاقى مع أرواح وطنية عديدة، لتشكل معاً «روح البحرين» التي ستعيش للأبد بإذن الله.

البحرين الصغيرة حجماً، الكبيرة حباً في قلوب عشاقها، هذه الأرض «الغريبة» في تفسير ارتباط المنتمين لها، تجدهم يحبونها حتى النخاع، لا يقبلون بأي مساس لذرة تراب فيها، يتغنون بها وبكل شيء جميل نابع منها، ولاؤهم لحاكمها جلالة الملك حفظه الله، رمزهم الأول الذي يختزلون البحرين في رمزيته، فحمد بن عيسى ابن البحرين البار، وعلى خطاه ووطنيته وإخلاصه لأمه البحرين، كلنا نسير.

أمنياتنا دائماً في هذا اليوم الأغلى على قلوبنا أن تعيش البحرين أبد الدهر حرة آمنة عزيزة شامخة، ينعم أهلها فيها بالسلام والأمن والاستقرار، وأن تزيد خيراتها، وتمضي إلى الأفضل أيامها، يسود فيها الفرح، وأن تكون جنة الله على الأرض.

أغانينا الوطنية، ذات الكلمات المعبرة المؤثرة، تنتشر اليوم في كل مكان، في كل وسيلة إعلامية، في كل وسائل تواصل، ترى جموعاً غفيرة من الناس تتغنى بها وتنشرها، وتعبر من خلالها عن الحب للبحرين، هذا الحب الأوحد الذي يزيد ولا ينقص.

في يوم ميلادها، في يوم عرسها، نتذكر كيف كانت ومازالت وستظل البحرين شامخة قوية صامدة في وجه كل الشرور التي تهددها، نستذكر وقفاتنا الوطنية كشعب مع تراب أرضنا، نسترجع تلك المواقف البطولية التي قال فيها شعب البحرين «لا» للمعتدي والطامع والمستهدف، كيف كان حب البحرين يطغى على الفور، استنفار الدفاع يتشكل بلا دعوة أو تذكير، كيف أنه بمجرد أن يعرف أبناء البحرين أن أحداً يهدد أمهم حتى يهبوا صفاً واحداً في مواجهته.

هذه البحرين، كلمتان تكفيان لنختزل عبرهما كثيراً من الكلام، وسيلاً مهولاً من السرد بشأن هذا الارتباط القوي بالأرض. إنها البحرين التي يسري حبها في العروق، ونبضها يختلج مع دقات القلب، يكفي أن تقول البحرين، لترى كيف يكون البحريني الوطني المخلص الأصيل.

وأخيراً أقول، رحم الله فنان البحرين الأصيل محمد علي عبدالله حينما تغنى في حب معشوقته البحرين، وقال: «أحسها في عيني جنة بلا أبعاد، بلادي لو ظلمة ما في مثلها بلاد». رب احفظ البحرين.