من الأخبار الطريفة والمقلقة في آن الخبر الذي نشر أخيراً عن إصدار محكمة إسرائيلية قراراً بسجن الوزير السابق لشؤون البنى التحتية والطاقة، غونين سيغيف، 11 عاماً بعد إدانته بتهمة التجسس لمصلحة إيران. فقد ثبت للمحكمة أن المذكور «قدّم لإيران تقارير خطيرة، واعترف بهذه التهم بشكل صريح بعد توقيعه على صفقة مع النيابة أدت إلى تخفيف العقوبة عنه». وحسب الخبر الذي استند إلى مصادر في النيابة فإن الصفقة «تضمّنت اعترافه باتهامات وجّهت إليه في مقابل حذف تهمة «مساعدة العدو في حربه ضد إسرائيل» من لائحة الاتهام، وإنزال عقوبة مخفّفة عليه «من أجل تفادي فضح أنشطة استخبارية مختلفة أثناء عملية الإثبات». كان الوزير الإسرائيلي قد قام «بتسريب معلومات دقيقة عن وسائل الحراسة المتبعة على عدد كبير من القادة الإسرائيليين السابقين» وأنه «بسبب تسريب تلك المعلومات، فرض جهاز المخابرات العامة «الشاباك» حراسة مشددة حول عدد من كبار المسؤولين السابقين».

هذا هو الجزء الطريف في الخبر، أما الجزء المقلق منه فهو أن النظام الإيراني الذي تمكن من غسل مخ وزير إسرائيلي وجعله يعمل مخبرا خاصا له ويقدم له التقارير التي تتضمن معلومات دقيقة عن بلاده «مقابل المال طبعاً»، لا بد أنه تمكن من غسل أمخاخ الكثيرين في دول مجلس التعاون وخصوصاً البحرين والسعودية وتحويلهم إلى مخبرين خاصين يوفرون له كل ما يطلبه من معلومات تسهل له عملية الاستيلاء على المنطقة وإخضاعها لهواه «مقابل الوعد بإسقاط النظام وتسليمهم السلطة طبعاً». هذا يعني أنه يوجد حالياً في هذه الدول الكثير من العملاء الذين يعملون في السر لمصلحة النظام الإيراني وأنه ينبغي اكتشافهم ومنعهم من الوصول إلى المعلومات التي تعين ذلك النظام على تحقيق أهدافه ومراميه.

الحقيقة التي يجب أن نؤمن بها هي أن النظام الإيراني لا يعتمد فقط على المخربين الذين يختطفون الشوارع ويعطلون مصالح الناس ويربكون الحياة ولكنه يعمل على توفير العناصر التي يمكن أن تمده بما يحتاج من معلومات يؤسس عليها خططه ويعدل عليها، بل أن هذا العمل بالنسبة له أهم وأفضل من العمل في الشارع لنشر الفوضى وتعطيل حياة الناس.

من الأمور التي يجزم بها الكثيرون في البحرين – وأنا أولهم – وفي مختلف دول مجلس التعاون أن كمية من المعلومات يقوم عملاء النظام الإيراني بتوفيرها له يومياً عبر مختلف وسائل الاتصال والتواصل وأنه يعتمد في خططه وتحركه على تلك المعلومات، وأنه لهذا يجب على كل المواطنين الشرفاء أن يتعاونوا مع الجهات المعنية كي يمنعوا – أو على الأقل يعطلوا أو يضعفوا – تسرب المعلومات أياً كان حجمها ومهما كانت أهميتها، فالنظام الإيراني يستفيد من كل معلومة حتى لو كان ملخصها أن مسئولاً بهذه الإدارة أو تلك «كح أو عطس»، ويعمل على توظيفها.

في البحرين وفي كل دول مجلس التعاون وفي مختلف الدول العربية والعديد من الدول الأجنبية يتوفر عملاء للنظام الإيراني، والأكيد أن هذا النظام يستفيد من كل معلومة تصله فيوظفها لمصلحته ويخدم بها كل من يعتبر نفسه ويعتبره النظام «مناضلاً» و«معارضة» و«في ثورة».

النظام الإيراني يعتمد في سعيه لتحقيق غاياته على أولئك الذين يمارسون أعمال التخريب وينشرون الفوضى ويعملون على زعزعة الاستقرار في البلاد التي يستهدفها، ولكنه يعتمد بالدرجة الأولى على عملائه السريين الذين يشتري منهم المعلومات ويدفع لهم بسخاء، ففي البحرين والسعودية ومختلف دول مجلس التعاون - بما فيها قطر - يوجد نسخ كثيرة من «غونين سيغيف»، والواجب يحتم التعاون مع الأجهزة المعنية لاكتشافهم للتحقيق معهم ومحاكمتهم أياً كانت الوظائف التي يشغلونها ومهما كان حجم المعلومات التي يسربونها صغيراً.