أبلغت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامانثا باور، أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس بأن المجاعة بدأت فعلاً في شمال غزة، بعد نحو 6 أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية.

وصارت باور أول مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس جو بايدن يتحدث علناً عن تفشي المجاعة في القطاع، بعد أشهر من التحذيرات المتكررة من وكالات الغوث الأممية والخبراء العالميين في شأن تفاقم حالات التضور جوعاً بين 2.2 مليون فلسطيني يعيشون في غزة.

وكان شمال غزة، وهو الجزء الذي هاجمته القوات الإسرائيلية بعد هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعرض لأضرار جسيمة، وهو الأبعد عن المعابر التي تدخل منها المساعدات التي لا تزال شحيحة للغاية. وتؤكد المنظمات الإنسانية أنه يستحيل توصيل الإمدادات إلى الشمال وسط استمرار الهجمات. وأفاد صندوق الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» بأن مركبة لها كانت تنتظر دخول شمال غزة، الأربعاء، «أُصيبت بالذخيرة الحية».



تقييم موثوق

وكانت باور تدلي بشهادة أمام لجنة المخصصات في مجلس النواب حول ميزانية وكالتها المقترحة لعام 2025، عندما سألها النائب الديمقراطي جواكين كاسترو عن تقارير إرسال موظفين لدى الوكالة الأميركية برقية إلى مجلس الأمن القومي تفيد بأن المجاعة بدأت في أجزاء من غزة. وسأل: «هل تعتقدين بأنه من المعقول، أو المحتمل، أن أجزاء من غزة، خصوصاً شمال غزة، تعاني المجاعة فعلاً؟، فردت باور بالإيجاب، مستشهدة بتقييم أجرته «المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، واصفة منهجية المبادرة، وهي هيئة دولية مستقلة تعتمدها الأمم المتحدة، بأنها «سليمة». وإذ أشارت إلى تقرير هذه الهيئة التي حذّرت أخيراً من أن «المجاعة وشيكة» في الجزء الشمالي من غزة، قالت باور: «هذا تقييمهم، ونحن نعتقد بأن هذا التقييم يتمتع بالصدقية».

الظروف رهيبة

وعلق كاسترو: «إذن، المجاعة تتفشى بالفعل هناك؟». وردت باور: «نعم».

فلسطينيون يتجمهرون لتلقي مساعدات من وكالة غوث لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة (رويترز)

وفي جزء لاحق في شهادتها، أفادت بأن معدل سوء التغذية الحاد بين أطفال غزة صار «أسوأ بشكل ملحوظ»، منذ هجمات «حماس» ضد المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع في 7 أكتوبر الماضي. وقالت إنه في شمال غزة، كان معدل سوء التغذية قبل الهجوم «صفراً تقريباً، وهو الآن طفل واحد بين كل 3 أطفال»، مضيفة أنه «فيما يتعلق بسوء التغذية الحاد الشديد لدى الأطفال دون سن الخامسة، بلغ هذا المعدل 16 في المائة في يناير (كانون الثاني)، ثم صار 30 في المائة في فبراير (شباط). نحن ننتظر أرقام شهر مارس (آذار)، لكننا نتوقع أن تستمر الزيادة».

أضافت أن تدمير مخازن الحبوب والأسواق والأراضي الصالحة للزراعة، بالإضافة إلى حقيقة دخول عدد قليل من شاحنات المساعدات إلى غزة، يعنيان أن هناك «عملاً هائلاً يجب القيام به» من أجل «تجنب أسوأ أشكال المجاعة التي يمكن تخيلها (...) دعوني أقول إن الظروف رهيبة كأي شيء رأيته في مسيرتي المهنية».

وهي كانت تشير بذلك إلى عملها سابقاً مندوبةً أميركيةً لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وصحافيةً وناشطةً ألفت كتاباً حول كيفية تعامل البيروقراطيين الحكوميين مع عمليات الإبادة الجماعية وفشلهم في منعها.

ورداً على سؤال من النائب الجمهوري ريتشارد ماكورميك، قالت: «المدنيون، والعاملون في المجال الإنساني يموتون بأعداد كبيرة جداً».

المجاعة «جارية»

وتساءل عدد من المشرّعين في لجنة مشابهة بمجلس الشيوخ عمّا إذا كان الوضع في غزة تَحسّن مع الزيادة الأخيرة في المساعدات، فأوضحت باور أن هذا ليس كافياً بعد لوقف «مجاعة جارية بالفعل»، مضيفة أن وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» هي المنظمة الوحيدة التي لديها شبكة لتوزيع المساعدات بشكل فعال داخل غزة.

وحضّت الكونغرس على «الضغط على شركائنا الإسرائيليين؛ للمتابعة الفعلية للالتزامات التي تعهدوها»؛ بغية السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأفادت أيضاً بأن الولايات المتحدة لم ترَ أي دليل من المنظمات الشريكة على أن «حماس» تستولي على المساعدات الغذائية على نطاق واسع، وفقاً لما تكرره الاتهامات الإسرائيلية. وقالت: «نحن لا نرى (حماس) تملي مكان تقديم الغذاء»، مضيفة أنه «يمكنني أن أؤكد لكم أنه إذا رأت حكومة إسرائيل أن (حماس) تفعل ذلك، فسنسمع عن ذلك».

وفي فبراير الماضي، أفاد المبعوث الأميركي الخاص للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، ديفيد ساترفيلد، بأن إسرائيل فشلت في تقديم أدلة على أن «حماس» تسرق المساعدات.