دخلت ثلاث جزائريات إحداهن قادمة من قطاع الأعمال، إلى قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر/ أيلول، للمرة الأولى في تاريخ البلاد الذي لم يعهد أن يصل عدد النساء الراغبات في "كرسي قصر المرادية" لهذا الرقم، غير أن حظوظهن تبقى رهن مدى قبول ملفات الترشح.

كما كان متوقعا، التحقت الأمينة العامة لحزب العمال (يساري)، لويزة حنون، بقائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية المبكرة، وهي السياسية الجزائرية الشهيرة بجرأتها ونفسها الطويل؛ فرغم اعترافها بـ"الوضع السياسي الصعب"، إلا أنها ترى، مع الأخذ في الاعتبار السياق الجيوسياسي والقضايا الجيواستراتيجية، أن الموعد الانتخابي المقبل هو "حاسم في معركة البقاء".

رابع ترشح لحنون

وبالنسبة لصاحبة الـ70 سنة تعدّ هذه المرة الرابعة التي تخوض فيها غمار الانتخابات الرئاسية، بعد 2004 و2009 و2014، وكانت أول امرأة في العالم العربي تترشح لمنصب رئيس جمهورية.

طموحات لويزة حنون

وغذّت لويزة حنون طموحها في تغيير النظام السياسي القائم في وقت مبكر جدا، في عهد الحزب الواحد، وفي الخفاء خلال السبعينيات في الجامعة حيث درست القانون، ثم داخل مجموعة يسارية متطرفة لكنها دفعت ثمنا لنضالها، منذ أن دخلت السجن في الثمانينيات، وبعد فترة الحراك الشعبي في 2020.

ومن بين مآثرها أنها دائما في حرب لا ترحم ضد "الأوليغارشية"، وهو مصطلح تستخدمه للإشارة إلى طبقة جديدة من الأثرياء الجدد، والتي انتهت بالاستيلاء على مقاليد السلطة بعد مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة منذ عام 2013.

ودشّنت اليسارية حنون نشاطها بأول خلاف مع جبهة القوى الاشتراكية المعارضة المتجذرة بمنطقة القبائل قبل أيام بعدما منعها الأخير من تنظيم تجمع شعبي يتناول الحرب في غزة، وقضية المعتقلين السياسيين في الجزائر، في خطابها الذي كانت تريد إلقاءه. ولذلك أبدى حزب العمال في بيانه استغرابا مما حدث، مؤكدا أن "علاقات أخوية يشهد لها الجميع تربطنا بهذا الحزب"، الذي يعد أقدم حزب معارض، أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد عام 1963.

قاضية سابقة ومحامية: لن أكون "أرنب سباق"

ومن الاتجاه اليساري أيضا، سجّلت القاضية السابقة والمحامية والسياسية المعارضة زبيدة عسول، حضورها مبكرا في قائمة المترشحين لانتخابات الرئاسة.

مرارا، دافعت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي عن معتقلي حراك الجزائر الذي أطاح بالعهدة الخامسة لبوتفليقة. كما وعدت بتقديم مشروع شامل للجزائريين وأنها لن تكون "أرنب سباق" بل مرشحة تسعى إلى كسب أكبر عدد من الناخبين عبر صناديق الاقتراع.

لكن عسول التي ترشحت للمرة الأولى لهذا المنصب قالت في اجتماع لكوادر حزبها إن "الظروف لم تتهيأ بعد لإجراء انتخابات حرة". وفي رسالة إلى رئاسة البلاد، أشارت إلى أنها بحاجة إلى إشارات قوية لتهيئة شروط سياسية خاصة بانتخابات الرئاسة.

ومن ضمن القضايا الأخرى التي يجب، في تقدير عسول، مناقشتها مع الرئاسة قانون الانتخابات، وتنظيم الهيئة المستقلة للانتخابات، وطريقة جمع التوقيعات الخاصة بالترشيحات. كما تحدثت عن ضرورة احترام الأحكام القانونية المتعلقة بالحملة الانتخابية، واستخدام الأموال العامة فيها.

ويتطلب من كل مترشح جمع 50 ألف توقيع فردي في 29 ولاية على الأقل من 58 ولاية ، مع شرط أن لا يقل عن 1200 توقيع في كل ولاية، أو جمع 600 توقيع منتخبين محليين في عدد الولايات نفسها.

من عالم الأعمال إلى عالم السياسة

ومن مجال الأعمال إلى السياسة، عبّرت رئيسة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزة، عن نية ترشحها لتكون ثالث سيدة تدخل غمار الاستحقاق الرئاسي.

قناعة عميقة

وجاء في بيان وقّعته سعيد نغزة موّجه لوسائل الإعلام، مساء الأحد، أنّ "إعلان ترشحي جاء بعد دراسة متأنية، وينبع من قناعتي العميقة بأن الشعب الباسل وأمتنا العظيمة وبلدنا القارة يستحق حوكمة ترقى إلى مستوى التطلعات المشروعة لكل مواطن ومواطنة."

وترأس سعيدة نغزة الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية وهي تضم مجموعة شركات خاصة، أنشأتها عام 1999، تعمل في مجال الإنشاءات والبناء والهياكل الفولاذية والسيراميك، ليتوسع نشاطها إلى الاستيراد والتصدير وتكنولوجيا المعلومات.

وأثارت رئيسة كنفدرالية المؤسسات الجزائرية، جدلا العام الماضي حين كشفت عن تعرّضها لضغوط، في الآونة الأخيرة، بعد أن وجهت رسالة للرئيس عبد المجيد تبون تشكوه "اضطهادا وضغوطا مختلفة تمارس على رجال أعمال جزائريين من مختلف ممثلي الدولة".

سيدة "قليلة الصمت"

وأثارت تلك الرسالة جدلا كبيرا، حتى أن وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية شنت هجوما لاذعا على نغزة واعتبرتها "سيدة قليلة الصيت والتي لا يجدر بها أن ترفع عاليا الانشغالات الاقتصادية والاجتماعية للمتعاملين الاقتصاديين." ودفعت التهديدات بسعيدة نغزة إلى المغادرة للخارج لفترة من الزمن، بعد تلقيها تهديدات لم توضحها لتعود إلى الجزائر وتجري عدة نشاطات ولقاءات مع سفراء دول أجنبية.

وفيما لو سيضع الجزائريون ثقتهم بالجزائريات في سبتمبر المقبل، أكد المحلل السياسي الجزائري سعيد علاقي، لـ"إرم نيوز"، صعوبة التكهن بنتائج الاستحقاق في ظل رغبة السلطة بفتح الأبواب أمام جميع الحساسيات للتنافس عبر صناديق الاقتراع، لاسيما وأن تبون لم يعلن بعد موقفه من الولاية الثانية، وفق قوله.

لكن المؤكد أنه مهما كانت نتيجة الانتخابات، فإن خوض الجنس اللطيف -وفق وصفه- للانتخابات، تترك بصمة على المشهد السياسي الجزائري ونضال المرأة الذي بات في تطور فأصبحن يرفضن سياسة "الكرسي الفارغ"، أو المقاطعة التي أثرت بشكل كبير على نوايا المواطنين وعزوفهن في مواعيد سابقة على الرغم من رغبتهن في حدوث تغيير سلمي للسلطة، بحسب تعبيره.