غزة - عز الدين أبو عيشة

قال مدير عمليات "الأونروا" في غزة ماتياس شمالي إن "الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكبر داعم للوكالة، وعملية إيقاف تمويلها تصل لنحو 60 مليون دولار شهرياً"، مشيراً إلى أن "قيمة خفض موازنة "الأونروا" لعام 2018، يفوق 300 مليون دولار أمريكي، وهذه تعتبر ضربة قوية لتمويل الوكالة، ما يعكس أثراً سلبياً على طبيعة عملنا ودعمنا للاجئين".

وأضاف شمالي في تصريح خاص لـ "الوطن"، أن "جميع طواقم "الأونروا" تعمل على محاولة سد العجز المالي، والبحث عن طرق تمويل أخرى، لتجنب أي تقصير في الخدمات"، لافتاً إلى أن "أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة".



وبين أن "للوكالة 5 مناطق عمليات وهي "لبنان، وسوريا، والأردن، الضفة الغربية، وقطاع غزة"، وتقدم خدمات رئيسة ومنها التعليم والصحة"، مضيفاً أن "هناك صندوق طوارئ في غزة لتقديم المساعدات الغذائية لنحو مليون لاجئ".

وأعرب عن قلقه من إيقاف التمويل اللازم للوكالة، مشدداً على "ضرورة إيجاد تمويل بديل لمحاولة استيفاء الحاجات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وباقي الخدمات الأساسية التي تقدمها "الأونروا".

وفي معرض رده على سؤال، حول عدم إمكانية الحصول على تمويل بديل، أكد أن ""الأونروا" ستقوم بعدد من الإجراءات اللازمة والتقليصات الكبيرة"، منوهاً إلى أن "الجهود المبذولة للحصول على تمويل وليس ماذا سنفعل في حين لم يكن هناك مصدر لسد العجز المالي".

وتابع "من المبكر الحديث عن التأثير السلبي لتقليص خدمات "الأونروا"، ونحن اليوم بصدد إطلاق حملة عالمية لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، تحت اسم "الكرامة لا تقدر بثمن"، ونسعى من خلال الحملة الحصول على مصادر تمويل جديدة".

وأظهر أنهم "بصدد دراسة مدى نجاح حملة "الكرامة لا تقدر بثمن"، ومدى استجابة العالم لهذه الحملة، لنتمكن من تقدير مدى احتياجاتنا وتحديد الإجراءات اللازم اتخاذها، لتجنب إيقاف خدمات "الأونروا"".

وكشف أن "بلجيكيا وهولندا والسويد قدموا موعد دفع تمويلهم لـ "الأونروا"، كخطوة منهم لمحاولة تجنيب الوكالة أزمات كبيرة، والمساهمة في عدم إيقاف الخدمات المقدمة للاجئ الفلسطيني".

وأشار إلى "وجود نحو 1.3 مليون لاجئ في قطاع غزة، يستفيدون من خدمات التعليم والصحة، ومنهم نحو 270 ألف طفل يذهبون لمدارس "الأونروا"، وقرابة مليون لاجئ يستفيدون من المساعدات الغذائية الطارئة، وهناك ما يقارب 22 مركزاً صحياً يقدم الإغاثة والخدمات الاجتماعية".

ولفت إلى "وجود نحو 13 ألف موظف في مناطق عمل "الأونروا"، قد يؤثر ذلك على رواتبهم، كما يؤثر على الخدمات المقدمة للاجئين كافة، مبيناً إمكانية حصول الأونروا على قرض، ولكن ذلك لن يحل العجز المالي بل يفاقمه".

وأكد أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "على اطلاع مستمر واتصال مباشر، ويقدم الدعم والمناصرة للوكالة"، موضحاً أنه "دعا لاجتماع طارئ مع مكاتب وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين".

وحذر شمالي من "عدم إيجاد مانحين جدد، ما يترتب عليه عدم قيام الأونروا بعملها بشكل يتوائم مع الطلب، ما يدفع لاتخاذ قرارات لتعديل الخدمات وتقليصها، وليس وقفها أو قطعها".

وقال شمالي إن "غالبية الذين يستلمون المساعدات هم بحاجة إليها، ولا يوجد في غزّة سوق يعمل بكفاءة بسبب الحصار"، مبيّنًا أنّهم "مازالوا يصرفون بدل إيجار لألفي عائلة بقيمة 1.4 مليون دولار، فقدت منازلها في العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف 2014.".

وحول ملف إعادة إعمار غزة، أوضح شمالي "لا يأتي ذلك التمويل عبر الموازنة العامة لـ "الأونروا"، إنما من منح خاصة تأتي للإعمار"، وذكر أنه "جرى إنهاء 70% مما هو مقرر إنهائه بعد الحرب".

وتحدث عن "احتياج "الأونروا" إلى بناء مدارس خلال العام الجاري، أي بناء 5 مدارس، لتواءم الزيادة في عدد الطلاب"، لافتاً إلى "وجود تمويل يكفي لبناء مدرسة واحدة فقط".

ونوه إلى أن "ضيق التمويل وزيادة العدد، تسبب بزيادة عدد الطلاب في الصف الواحد"، موضحاً أن "ذلك له أثر على جودة خدمة التعليم، لكن لم يتم إيقافها".

يذكر أن أمريكا أعلنت تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تأسست بعد الحرب العربية الإسرائيلية التي أعقبت قيام دولة إسرائيل عام 1948، وأدت إلى تشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني.

وتقدم الوكالة مساعدات للاجئين والمتحدرين منهم، أكثر من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.

وتشير أرقام صادرة عن الأونروا في ديسمبر 2016 أنها تقدم مساعدات لـ 2.2 مليون لاجئ في الأردن، و1.3 مليون لاجئ في قطاع غزة، وهناك 527 ألف لاجئ في الضفة الغربية المحتلة، و450 ألف لاجئ في لبنان.

ويوجد 58 مخيماً للاجئين تعترف بها المنظمة الأممية، منها 19 في الضفة الغربية المحتلة.

وتأتي غالبية هذه المساعدات في إطار تعليمي وتوظف الوكالة أكثر من 20 ألف معلم، وتقدم أيضاً خدمات طبية ومالية.

وتعد الولايات المتحدة أكبر ممول للأونروا، حيث قدمت لها أكثر من 350 مليون دولار أمريكي العام الماضي. والاتحاد الأوروبي ثاني أكبر ممول، وقدم العام الماضي أقل من نصف هذا المبلغ.

وقررت واشنطن "تجميد" نصف الأموال المخصصة للوكالة.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنه ومن أصل 125 مليون دولار من المساهمات الطوعية لهذه الوكالة لعام 2018، أكدت واشنطن دفع "شريحة أولى" بقيمة 60 مليون دولار خصوصاً لدفع الرواتب في المدارس والمرافق الصحية في الأردن والضفة الغربية وقطاع غزة.

إلا أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر نويرت صرحت أن واشنطن "ستجمد" الـ 65 مليون دولار المتبقية حتى إشعار آخر، "لقد تم تجميد المبلغ وليس إلغاؤه".

وتطالب الولايات المتحدة التي تواصل انتقاد الأمم المتحدة منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم قبل عام بـ "مراجعة في العمق لطريقة عمل الأونروا وتمويلها". كما تطالب بمساهمة أكبر من الدول الأخرى لأنها لا تريد أن تستمر في تحمل 30 % من تمويل هذه الوكالة. ويقول الفلسطينيون أن الأونروا تقدم خدمات أساسية للفقراء في المنطقة واستمرارها هام لحين العثور على حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتعتبر إسرائيل المنظمة منحازة ضدها.

وتشهد العلاقات الفلسطينية الأمريكية توترات شديدة في الأسابيع الماضية بعد قرار ترامب المثير للجدل في 6 ديسمبر الماضي، الاعتراف بمدينة القدس كعاصمة لإسرائيل. وواجهت الأونروا فعلياً قبل القرار الأمريكي نقصاً في التمويل.

وكانت الوكالة في عام 2015 على وشك إغلاق كافة مدارسها بسبب المشاكل المالية التي عانت منها. وحملت المنظمة عجزاً يقدر بعشرات الملايين من الدولارات العام الماضي.

وتثير هذه الخطوة مخاوف من أن تؤدي إلى إغلاق المستشفيات والمدارس أمام الفلسطينيين، ولكن أشار المفوض العام للأونروا بيار كرينبول أن المبلغ الذي تم تحويله سيساعد في الحفاظ على الخدمات على المدى القصير على الأقل.

وقال المتحدث باسم الوكالة كريس غونيس إن "هذا التخفيض الكبير في المساهمة سيؤدي إلى أسوأ أزمة تمويل في تاريخ الوكالة".