* وزير شؤون النازحين معين المرعبي يشن هجوماً حاداً على باسيل

* الحريري ينتقد إجراءات باسيل بحق "مفوضية اللاجئين"

* إجراءات باسيل ضد "مفوضية اللاجئين" تفجر أزمة داخل حكومة الحريري



بيروت - بديع قرحاني

ذكرت مصادر لبنانية أن "اجتماعاً عقد بين رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل، لمناقشة الإجراءات التي اتخذها الأخير ضد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنها إيقاف طلبات الإقامة المقدمة لصالح المفوضية، متهماً إياها بـ"تخويف" النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم. ونقلت المصادر عن رئاسة الحكومة أن "الاجتماع أفضى إلى عدم قيام الخارجية بإجراءات في حق مفوضية اللاجئين كون رئيس الحكومة مهتماً بهذا الموضوع".

وقد وصف وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي في حديث تلفزيوني خطوة وزير الخارجية اللبناني بـ"الدنيئة" لأنها تمس أمن وسلامة النازحين. وذكرت مصادر لـ"الوطن" أن وزير الخارجية اللبناني سوف يتراجع عن قراره نزولاً عند رغبة رئيس الحكومة سعد الحريري.

وقال المرعبي في وقت سابق إن "المشكلة مع مفوضية اللاجئين افتعلها جبران باسيل بشكل هميوني كأنه الآمر الناهي في البلاد ويتصرف كأن لا وجود لحكومة أو وزارات معنية ولا رئيس جمهورية ولا رئيس حكومة معنيين يأخذون القرار في هذا الموضوع".

وأضاف في حديث إذاعي "أننا لا نستطيع الدخول بمهاترات مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة فهذا الموضوع يحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء مجتمعاً وليس وزير الخارجية الذي يورط البلاد بمشكلة مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة".

وتابع المرعبي "حتى مضمون الكلام الذي يتهم فيه باسيل المفوضية ليس صحيحاً فالأخيرة تفاوض النظام وغيره وهذا ما تبلغناه وتبلغه وزير الخارجية شخصياً من جهات اممية عدة لكنه مع الأسف يريد استخدام هذا الملف داخلياً بأساليب معينة".

واتهم مرعبي باسيل بأنه "يتصرف بطريقة طائفية بشكل يورط البلاد بتوترات أقلها قد تؤدي الى حرب أهلية".

وقالت الأمم المتحدة إن السلطات اللبنانية لم تبلغها بوقف طلبات الإقامة المقدمة من مفوضية شؤون اللاجئين، التابعة لها في بيروت، وسط انتقادات من رئيس الحكومة اللبنانية لقرار وزير الخارجية جبران باسيل.

وأكد استيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة أنه لم يتم إبلاغهم حتى بأي شيء في هذا الصدد.

وذكر تقرير للخارجية اللبنانية أن اللاجئين السوريين عبّروا عن رغبتهم بالعودة إلى بلادهم "طوعياً"، مشيراً إلى لقاءات مع موظفين في مفوضية شؤون اللاجئين، لم يشجعوا عودة اللاجئين.

ورد دوغريك على التقرير بالقول "اطلعنا على تلك التقارير.. ونريد أن نؤكد أن اللاجئين لديهم الحق في اتخاذ قرار العودة بأنفسهم.. هذا حق أي لاجئ، سواء أكان في لبنان أو في بنغلاديش، لا بد من استبيان رأي اللاجئ في مسألة عودته إلى موطنه".

وأوقفت الخارجية اللبنانية الجمعة طلبات الإقامات المقدّمة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، بعد اتهام المفوضية بعرقلة "عودة" اللاجئين السوريين لبلادهم.

ويواجه قرار وزارة الخارجية مواقف رافضة في الداخل اللبناني ومن مسؤولين أبرزهم رئيس الحكومة سعد الحريري، إذ انتقد نديم الملا مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري لشؤون النازحين، قرار باسيل وأشار إلى أن الحريري طالب باسيل بالعودة فوراً عن القرار الذي لا يعبّر عن سياسة الحكومة اللبنانية.

وتابع "كذلك قام باسيل بالتحقيق، ومن ثم إصدار الحكم على المفوضية وكأنه المسؤول عن ملف اللاجئين، في حين أن هناك وزيراً معنياً هو معين المرعبي، إضافة طبعاً إلى رئيس الحكومة المكلف".

وهاجم وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة قرار باسيل الأحادي الجانب قائلاً "يتصرف هذا الوزير وكأن الدولة تعلن حرب إلغاء على المؤسسات الدولية دون حساب للتداعيات المحلية على سمعة لبنان والخسائر المرتقبة إن لم يرحل النازحون وانقطعت المساعدات".

واتهم وزير الخارجية اللبنانية باسيل المفوضية بـ"تخويف" اللاجئين الراغبين في العودة "طوعا" على حد قوله، وذلك من خلال القول بأن الوضع داخل سوريا غير آمن بدرجة تتعذر معها عودة اللاجئين.

وفي نوفمبر 2017 قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد اللاجئين السوريين في لبنان انخفض إلى ما دون مليون شخص، إذ بلغ وفق إحصاءاتها 997 ألف لاجئ.

وأعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الجمعة إيقاف طلبات الإقامة المقدمة لصالح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، متهماً إياها بـ"تخويف" النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم.

ويقدر لبنان راهناً وجود نحو مليون ونصف لاجئ سوري على أراضيه فروا خلال سنوات الحرب من مناطقهم ويعانون من ظروف إنسانية صعبة للغاية. وتتحدث المفوضية عن أقل مليون لاجئ مسجل لديها.

وقالت المفوضية إنها لم تتبلغ رسمياً بالقرار الذي وصفه مستشار لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بأنه "منفرد" و"لا يمثل موقف الحكومة اللبنانية".

وجاء في بيان "أصدر وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل تعليماته إلى مديرية المراسم لإيقاف طلبات الإقامات المقدمة إلى الوزارة والموجودة فيها لصالح المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان إلى حين صدور تعليمات أخرى".

وجاء قرار الخارجية، وفق البيان، غداة إرسالها بعثة إلى منطقة عرسال شرق البلاد تبين لها أن المفوضية "تعتمد إلى عدم تشجيع النازحين للعودة، لا بل إلى تخويفهم عبر طرح أسئلة محددة تثير في نفوسهم الرعب من العودة نتيجة إخافتهم من الخدمة العسكرية والوضع الأمني وحالة السكن والعيش وقطع المساعدات عنهم وعودتهم دون رعاية أممية".

وطلب باسيل دراسة "إجراءات تصاعدية" أخرى قد تتخذ بحق المفوضية إذا واصلت "السياسة نفسها".

ونفى المتحدث باسم المفوضية في جنيف ويليام سبيندلر أن تكون المنظمة لا تشجع اللاجئين على العودة.

وقال لصحافيين في جنيف "نحن لا نعوق أو نعارض العودة إن كانت خياراً شخصياً، هذا حقهم (...) لكن من وجهة نظرنا، فإن الظروف في سوريا ليست مؤاتية بعد للمساعدة على العودة رغم أن الوضع يتغير، ونحن نتابع "الوضع" من كثب".

وقالت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان ليزا أبوخالد إن المفوضية لم تتلقَّ أي إشعار رسمي لتعليق إصدار طلبات الإقامة لموظفيها الأجانب.

ولم تعلق أبوخالد على مدى تأثير الإجراء اللبناني في عمل المفوضية في لبنان، لكنها أشارت إلى أن معظم موظفي المفوضية في البلد المذكور من اللبنانيين.

وقالت "هناك 600 موظف في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين هنا في لبنان والغالبية العظمى منهم لبنانيون"، بدون أن تقدم رقماً محدداً لعدد الموظفين الأجانب.

من جهته، أكد نديم الملا مستشار رئيس الوزراء اللبناني أن "الوزير باسيل لم يتشاور مع الرئيس الحريري وزملائه في الحكومة، خاصة المعنيين بملف اللاجئين".

وتوقع الملا أن يتراجع باسيل عن قراره.

وفي الأشهر الأخيرة كرر مسؤولون بارزون بينهم رئيس الجمهورية والحكومة مطالبة المجتمع الدولي بتأمين عودة اللاجئين السوريين إلا أن باسيل هو الوحيد الذي صعد من خطابه تجاه المنظمة واستدعى ممثليها لاجتماعات عدة.

وبرز التوتر بين الخارجية والمفوضية في أبريل الماضي حين أعلنت المفوضية عدم مشاركتها في عملية غادر بموجبها 500 لاجئ إلى سوريا محذرة من "الوضع الإنساني والأمني". وردت وزارة الخارجية اللبنانية معتبرة أن ذلك يدفعها إلى "إعادة تقييم" عمل المفوضية.

ويأتي قرار باسيل، وفق بيان الوزارة، بعد مراسلات عدة بينه وبين المفوضية والأمم المتحدة و"بعد عدة تنبيهات من الوزارة وجهت مباشرة إلى مديرة المفوضية في بيروت السيدة ميراي جيرار (...) بدون أي تجاوب لا بل أمعنت المفوضية في سياسة التخويف نفسها".

وحذرت منظمات دولية من إجبار اللاجئين السوريين على العودة إلى بلادهم، في وقت تضع الحكومة اللبنانية هذه المسألة ضمن أولوياتها.

***