رام الله، غزة - عزالدين أبوعيشة، (وكالات)

استنكرت السلطة الفلسطينية قرار الولايات المتحدة وقف تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مطالبةً دول العالم بـ"رفض هذا القرار وتوفير كلّ ما هو ممكن من دعم للوكالة"، فيما نددت الوكالة الدولية الأممية بقرار واشنطن، رافضة الانتقادات الأمريكية الموجهة إليها، بينما استنكرت جامعة الدول العربية القرار الأمريكي، مؤكدة أن "القرار الذي صدر عن البيت الأبيض يفتقر للمسؤولية والحس الإنساني والأخلاقي".

من جانبه، كتب المتحدث باسم "الأونروا" كريس غونيس على "تويتر" أن الوكالة "تعرب عن أسفها العميق وخيبة أملها لإعلان الولايات المتحدة أنها ستتوقف عن توفير التمويل للوكالة بعد عقود من الدعم السياسي والمالي الثابت".



وقال "نرفض بأشد التعابير الانتقاد الموجه إلى مدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامجها للمساعدة الطارئة بأنها "منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه"".

كذلك أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس عن "أسفه" لقرار واشنطن، بحسب ما أعلن المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك في بيان.

وأكد البيان أن "الأونروا تحظى بثقة الأمين العام الكاملة" مشيراً إلى أنها "تقدم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين وتساهم في إحلال الاستقرار في المنطقة".

ودعا "الدول الأخرى إلى المساعدة في سد العجز المالي" الذي تواجهه الأونروا حتى "تتمكن من الاستمرار في تقديم مساعدتها الحيوية" للفلسطينيين، منوهاً بالجهود التي بذلتها المنظمة للتكيف بعد خفض التمويل الأمريكي في مطلع العام.

بدوره، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن قلقه إزاء ما أعلنه البيت الأبيض، من توقف تمويل الأونروا.

وقال أبوالغيط إن "القرار يفتقر للمسؤولية والحس الإنساني"، محملاً واشنطن المسؤولية عما سيلحقه هذا القرار من أضرار كبيرة بنحو 5 ملايين لاجئ فلسطيني، واصفاً القرار الأمريكي بأنه "يزيد من تعقيد المشكلات في الشرق الأوسط، ولا يساهم في استقرار المنطقة بأي حال".

وأعربت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" عن "أسفها العميق وخيبة أملها من إعلان الولايات المتحدة أنها لن تقدم التمويل للوكالة بعد عقود من الدعم السياسي والمالي القويين".

وقال المتحدث باسم "الأونروا" سامي مشعشع، في بيان حصلت "الوطن" على نسخة منه إن "هذا القرار مفاجئ بالنظر إلى قيام الأونروا والولايات المتحدة بتجديد اتفاقية التمويل في ديسمبر 2017 والذي يدل على اعتراف الولايات المتحدة بالإدارة الناجحة والمتفانية والمهنية للوكالة".

ورداً على الاتهامات الأمريكية، قال مشعشع "نحن نرفض وبأشد العبارات الممكنة الانتقاد بأن مدارس الأونروا ومراكزها الصحية وبرامج المساعدات الطارئة تشوبها عيوب لا يمكن إصلاحها".

وأضاف أن "هذه البرامج تتمتع بسجل حافل في إنشاء واحدة من أنجح عمليات التنمية البشرية وأبهرها نتائج في الشرق الأوسط، وأن مجتمع البلدان الدولي، ومانحينا والبلدان المستضيفة لنا قد أشادوا باستمرار بالأونروا لما تقدمه من إنجازات ومعايير".

ولفت إلى أن "الولايات المتحدة نفسها كانت دائما المانح الأكبر والأكثر سخاء للأونروا، إذ قدمت إسهامات قيمة للغاية في أعمال الأونروا الإنسانية المنقذة للحياة، بما في ذلك الدعم لضمان حصول الفتيات على التعليم وضمان المعايير الصحية العالية وتقديم المساعدات الغذائية لأكثر الفئات ضعفاً".

وأوضح مشعشع أنه "في يناير 2018، أبلغتنا الولايات المتحدة بتخفيض قدره 300 مليون دولار من الدعم الذي تقدمه لميزانية الأونروا، إذ قدمت 60 مليون دولار مقارنة بـ364 مليون دولار في عام 2017".

واستطرد قائلاً "وبعد إعلان اليوم، ستواصل الأونروا، بمزيد من التصميم، التواصل من أجل حشد الدعم مع الشركاء الحاليين -20 منهم حتى الآن أسهموا بمزيد من المال مقارنة بعام 2017، بما في ذلك دول الخليج وآسيا وأوروبا- ودول أخرى جديدة".

وأشار مشعشع إلى أننا "ممتنون للغاية للتضامن واسع النطاق الذي عمل وضعنا غير المسبوق على خلقه، وممتنون أيضاً لسخاء العديد من المانحين والذي مكننا من البدء بالعام الدراسي في موعده المقرر من أجل 526 ألف فتاة وصبي في هذا الأسبوع".

وتابع "هذا هو ما تعنيه الأونروا، وبوصفنا جهازاً تابعاً للجمعية العامة للأمم المتحدة فإننا سنواصل تقديم خدمات ومساعدات عالية الجودة لأكثر من 5.4 مليون لاجئ من فلسطين في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وغزة والأردن ولبنان وسوريا".

وكررت الرئاسة الفلسطينية السبت التنديد والتحذير من عواقب قرار واشنطن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينية "الأونروا" فيما أكدت اللجان الشعبية التي تدير مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة أن القرار يستهدف القضية الفلسطينية ككل.

من جهته، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة إن "القرار الأمريكي هو جزء من مسلسل القرارات والتوجهات الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني والمتمثلة بموقفها المرفوض من القدس، مرورا بمحاولاتها فصل غزة عن الضفة الغربية، وانتهاء بقرارها قطع كل المساعدات عن الأونروا".

وقال أبوردينة في بيان إن خطاب الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر "سيتعرض لموضوع اللاجئين لأهميته تماما كقضية القدس".

وأضاف أن "هذا القرار الأمريكي لا يخدم السلام، بل يعزز الإرهاب في المنطقة، وهو بمثابة اعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني".

وقال المدير التنفيذي للجان الشعبية محمود مبارك إن القرار الأمريكي "لا يستهدف الوكالة فقط، وإنما يستهدف القضية الفلسطينية".

وأضاف أن "جوهر القضية الفلسطينية كلها القدس واللاجئون، وإذا انتهت قضية القدس واللاجئين انتهت القضية الفلسطينية، لذلك نحن نعلم تماما أننا نتعرض لمؤامرة دولية".

وفيما حذر من "انعكاسات خطيرة جداً لهذا القرار"، أشار إلى أن المكتب التنفيذي الممثل لهذه اللجان دعا إلى اجتماع عاجل الثلاثاء "لبحث تداعيات القرار الأمريكي".

ولاحقاً استنكرت السلطة الفلسطينية قرار الولايات المتحدة، مطالبةً دول العالم بـ"رفض هذا القرار وتوفير كلّ ما هو ممكن من دعم للوكالة".

وقال أمين سر اللجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين صائب عريقات في بيان "نحن نرفض ونستنكر هذا القرار الأمريكي جملة وتفصيلاً، فلا يحقّ للولايات المتحدة الأميركية إلغاء وكالة الأونروا التي تشكلت بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وطالب عريقات دول العالم بـ"رفض هذا القرار، وتوفير كلّ ما هو ممكن من دعم لوكالة الأونروا احتراماً لقرار الأمم المتحدة المنشئ لوكالة الأونروا، إلى حين حلّ قضية اللاجئين من جميع جوانبها كما نص قرار" إنشاء الوكالة الأممية.

بدوره، وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة إن "القيادة برئاسة الرئيس محمود عباس يدرسون التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمواجهة القرار الأمريكي بخصوص الأونروا، والسعي الجاد لاتخاذ القرارات الضرورية لاستمرار عمل "الأونروا"".

وأفصح أبوردينة لـ"الوطن" أن "خطاب الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة المقرر هذا الشهر سيتعرض موضوع اللاجئين والقدس، والأونروا"، موضحاً أنّ "القرار الأمريكي لا يخدم السلام، ويبرز القرارات الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني".

وأكّد أبوردينة أن "القرار الأمريكي مخالف لكل قرارات الشرعية الدولية، داعياً الأمم المتحدة لاتخاذ موقفا لمواجهة العنصرية الأمريكية".

وأضاف أبو ردينة "ترفض القيادة الفلسطينية كلّ المؤامرات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وتسعى لنيل حقوقنا المشروعة بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين".

من جانبه، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن "بلاده ستعمل على التنسيق مع المملكة الأردنية لحماية "الأونروا"، والدور الذي تقوم به من توفير الدعم للاجئين، حتى تحقيق حق العودة".

وأضاف المالكي أن "قرار الرئيس الأمريكي بوقف الدعم المالي عن "الأونروا" لن يؤدي إلى تفكيكها وتهميش ملف اللاجئين الفلسطينيين كما يأمل الرئيس ترامب".

وتابع المالكي "ستشهد الأيام والأسابيع المقبلة حراكاً واسعاً وأممياً، لحماية الوكالة، والعمل على حث عديد الدول للإسراع في تغطية العجز الذي خلفه تواطؤ الإدارة الأمريكية مع سياسة الاحتلال الإسرائيلية".

من جهته، قالت النائب عضو المجلس التشريعي الفلسطيني نجاة أبوبكر "تقليل دعم ميزانية "الأونروا" لن يغير رسوخ الحق الفلسطيني، ولن يلغي حقيقة اللاجئين الفلسطينيين، لأن قضية شعبنا لن تكون قضية رواتب لآلاف الموظفين، إنما هي قضية حق تاريخية".

وأضافت أبوبكر لـ"الوطن"، "القرار الأمريكي لن يكون قادراً على إلغاء التفويض الممنوح للأنروا، لأن ذلك من صلاحيات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي منحت الأنروا هذا التفويض".

ودعت أبوبكر الدول العربية "لدعم "الأونروا" بدلاً عن أمريكا، إلى جانب عقد قمة عاجلة للزعماء العرب للإعلان عن خطة شاملة لمواجهة الأخطار الأمريكي".

ولم يكن ذلك القرار الأمريكي الأول في تقليص دعم "الأونروا" بل سبق وأن قلصت التمويل قبل ذلك، وأوقفته كلياً هذه المرة".

وقال رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية أحمد أبوهولي إنّ "قرار واشنطن ابتزاز سياسي لتمرير صفقة القرن، وهدفه إسقاط ملفي القدس واللاجئين من مفاوضات الحل النهائي".

واستنكر أبوهولي في تصريح لـ"الوطن" القرار الأمريكي، موضحاً أن "هدفه إنهاء عمل وكالة الغوث وتصفية قضية اللاجئين".

إلى ذلك، دعت القوى الوطنية والإسلامية للمشاركة في الاعتصام المنوي إقامته أمام البيت الأمريكي في رام الله تنديداً بالموقف الأمريكي ووقف تمويله للوكالة.

وشددت القوى في بيان لها على "أهمية الانخراط الواسع لمواجهة سياسات الاحتلال وإفشال مشاريعه التصفوية الهادفة لشطب قضية الفلسطيني وحقوقه المشروعة المكفولة بالشرعية الدولية وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير".

وقال القيادي في "حماس" سامي أبوزهري إن "قرار إلغاء المعونة الأمريكية المقدمة للوكالة الدولية يهدف إلى شطب حق العودة، ويمثل تصعيداً أمريكياً خطيراً ضد الشعب الفلسطيني".

وتعاني "الأونروا" من أزمة مالية كبيرة قدرها 216 مليون دولار أمريكي، حاولت سد العجز من خلال مؤتمرات للمانحين في روما ونيويورك.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت أعلنت الجمعة في بيان أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب بعدما "درست بعناية المسألة، قرّرت أن الولايات المتحدة لن تقدّم بعد اليوم مساهمات إضافية إلى الأونروا".

وأضافت "عندما قمنا بمساهمة أمريكية قدرها 60 مليون دولار في يناير، قلنا يومها بوضوح إنّ الولايات المتحدة لا تعتزم تحمّل النسبة غير المتكافئة بالمرّة من أعباء تكاليف الأونروا والتي تحمّلناها سنوات عديدة".

والولايات المتحدة التي كانت على مدى عقود المساهم الأوّل في موازنة الأونروا، خفّضت في يناير بنسبة كبيرة مساعدتها للوكالة الأممية، إذ إنّها لم تقدّم هذا العام سوى 60 مليون دولار مقابل 370 مليون دولار في عام 2017.

وأضاف بيان الخارجية الأمريكية إنّ "الولايات المتحدة لن تُقدّم مزيداً من الأموال لهذه الوكالة المنحازة بشكل لا يمكن إصلاحه"، متهمةً الأونروا بأنها تزيد "إلى ما لا نهاية وبصورة مضخّمة" أعداد الفلسطينيين الذين ينطبق عليهم وضع اللاجئ.