بعد نجاحها في التعاون الأول مع المركز الأوروبي للأبحاث النووية (سيرن) من خلال تصميم وتنفيذ رافعة أتوماتيكية للصيانة، تستعد جامعة البحرين لتنفيذ المزيد من المشروعات التعاونية مع المركز في عدة مشروعات.

فبعد سنوات من التعاون بقبول "سيرن" - وهو أكبر المراكز البحثية في العالم - تدريب مجموعة من طلبة جامعة البحرين سنوياً في الفترة التدريبية الصيفية ضمن 300 طالب منتقى من جميع أنحاء العالم؛ خطت الجامعة خطوة أخرى في هذا التعاون وذلك بتصنيع منصة رافعة أتوماتيكية لصيانة أكبر جهاز في العالم، وإنجاز مشروع معالجة البيانات، علاوة على ابتعاث عدة طلبة للتدرب والعمل في المنظمة الأوروبية العملاقة.

وأعربت رئيسة جامعة البحرين الدكتورة جواهر بنت شاهين المضحكي، عن فخرها بالنتائج الذي تحققت جراء التعاون العلمي بين الجامعة ومركز "سيرن" في تنفيذ مشروعات متطورة، جاءت نتائجها متوافقة مع أعلى المعايير العالمية، مشيرة إلى أن ذلك أهَّل الجامعة الوطنية لتنفيذ المزيد من المشروعات بالتعاون مع المنظمة، التي تعد أضخم مختبر في العالم لبحوث فيزياء الجسيمات.



وكانت د. المضحكي تفقدت مؤخراً ورشة كلية الهندسة للاطلاع على منصة الرافعة الأتوماتيكية التي أنجزها فريق كلية الهندسة، برفقة مستشار سيرن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مارتن غاستال، حيث استمعت إلى شرح مفصل بشأن عمل الرافعة، التي ستستخدم لصيانة أكبر جهاز في العامل تستخدمه المنظمة، ويمتد عبر حدود دولتي فرنسا وسويسرا.

ومن المتوقع شحن الرافعة وإرسالها إلى مركز الأبحاث النووية (سيرن) ليتم تركيبها وتشغيلها خلال الأسابيع المقبلة، حيث ستحل المنصة الجديدة - التي صنعتها كلية الهندسة - محل المنصة الحالية التي تستخدم في صيانة الكاشف بطريقة يدوية.

وقالت رئيسة الجامعة: "إن العمل بالتعاون مع "سيرن" يعد فرصة للتواصل مع أعلى مواصفات التصنيع، وهي شراكة تتطلع لها مختلف الجامعات"، مؤكدة أن "هذه التجربة فتحت الباب لمزيد من المشروعات العملية مع أكبر مجمع علمي ذري ونووي في العالم".

وأشارت إلى أن هذه "الشراكة" بدأت بالتعاون مع مؤسسة "ابحث" التابعة لمركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث، ولمصلحة مركز الأبحاث النووية (سيرن)، وهو الأمر الذي يعزز العمل كفريق واحد هدفه تثبيت اسم مملكة البحرين في هذا المركز البحثي البالغ الأهمية، مؤكدة أن هناك العديد مما تناقشه الجامعة مع "سيرن" اليوم من أوجه التعاون التي تحفز منتسبي الجامعة، في أكثر من كلية، للمضي قدماً في إنجاز هذه المشاريع التي ترفع من قدراتهم إلى حدودها القصوى.

مزايا رافعة جامعة البحرين

التعاون الذي أنتج منصة الرافعة الأوتوماتيكية التي صممتها ونفذتها كلية الهندسة بطلب من منظمة "سيرن" تتميز بعدة مزايا من أهمها أنها تقلل فترة إدخال المنصة وتثبيتها في كاشف الميون من نحو يومين إلى عدة ساعات.

هذا ما قالته عميدة كلية الهندسة في جامعة البحرين الدكتورة الشيخة هيفاء بنت إبراهيم آل خليفة، التي أشارت - في سياق حديثها عن مميزات هذه الرافعة- إلى أن فريق عمل الرافعة استطاع تقليل وزنها من 16 طناً تقريباً إلى ثلاثة أطنان فقط، علاوة على التحكم الأوتوماتيكي فيها عبر حساسات متطورة جداً، وبطريقة آمنة ضمن نحو خمسة مستويات للأمان والسلامة، موضحة بأن الرافعة تتوقف تلقائياً في عدة حالات من بينها فترة قبيل الاصطدام أو الانزلاق.

ولفتت عميدة كلية الهندسة إلى أن الرافعة الأتوماتيكية تمت عملية تشغيلها واختبارها من جانب شركة بيرو فري تاس، المتخصصة في منح شهادات عالمية للتأكد من التوافق بين التصاميم والتنفيذ، وفق شروط ومعايير الجودة والسلامة، مشيرة إلى أن الجهاز حظي باعتماد الشركة بعد اختباره. وأشادت بالطلبة المشاركين في المشروع، ومن بينهم: عبدالسلام سعد، وأحمد عبدالرحمن الحامد، ومحمد وليد الأنصاري، كما أشادت بالجهود التي بذلها المساعد الفني في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية بالكلية محمد صاق سعيد.

المزيد من المشاريع المشتركة

عندما تظهر ثمار التعاون بين طرفين أو أكثر، يشجع ذلك على المضي في هذه المشاريع التي من شأنها أن تنعكس إيجاباً على الطرفين، ولا سيما الجامعة بوصفها منتجة للمعرفة، ومراكز أبحاث.

هذا ما يشير إليه عميد كلية العلوم بجامعة البحرين الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الحلو، الذي قال إن الجامعة أصبحت عضواً مشاركاً في تجربة كاشف الميون منذ العام 2019م، ومنذ ذلك الحين تم تنفيذ عدة مشروعات من بينها: مشروع من قبل كلية تقنية المعلومات في مجال معالجة البيانات، ومشروع من كلية الهندسة لتصميم وتنفيذ الرافعة الأوتوماتيكية، وتعمل كلية الهندسة حالياً على تنفيذ مشروعين جديدين في مجال أجهزة الاستشعار والتبريد في كاشف الميون.

وأشار إلى أن عدة طلبة جرى ابتعاثهم للعمل والتدرب في المشاريع العلمية بمدينة جنيف السويسرية كان آخرهم الطالبة نور سويدان، والطالب حسن الفرج، من قسم الفيزياء بكلية العلوم بالجامعة.

وينوه د. الحلو بعمل طلبة الجامعة وتدربهم في أهم مركز للبحث العلمي على مستوى العالم في مجال الجسيمات الأولية، مؤكداً بأنها فرصة فريدة للتواصل مع الفرق البحثية العالمية، والمشاركة في التجارب العلمية الكبرى، وطلبة من كل مكان من العالم.

عميدة كلية تقنية المعلومات في الجامعة الدكتورة حصة جاسم الجنيد، لم تكن أقل تفاؤلاً من نظيرها أ.د. الحلو، إذ تعبر عن سعادتها بتوسيع دائرة التعاون العلمي بين جامعة البحرين ومنظمة سيرن، الذي بدأ بابتعاث أحد طلبة الكلية للمساعدة في تنفيذ مشروع لاستخدام وحدة معالجة البيانات، لإعادة بناء الحدث لتصادم البروتونات، وهو المشروع الذي مهد لتعاون مستمر في مجال التكنولوجيا.

وتؤكد د. الجنيد أن الكلية ستواصل مساعيها لابتعاث المزيد من الطلبة ضمن المشاريع المشتركة في مجال التكنولوجيا وتقنية المعلومات، حيث إن هذه التجربة تساعد الطلبة على تطوير قدراتهم العلمية والعملية، واكتساب المزيد من الخبرات. قائلة: "ماذا يريد الطالب الباحث الجاد غير أن يتدرب في مركز يعمل فيه أكثر من 16000 عالم وباحث وطالب دكتوراه، وتشترك في أبحاثه أكثر من مئة دولة؟!".