حسن الستري

تخطو المملكة بثبات نحو الاستدامة والتحول نحو ما يسمى بالاقتصاد الأخضر.

يبرز ذلك "بحسب ما نشره مجلس التنمية الاقتصادية" على "الانستغرام" في كل من برنامج عمل الحكومة، والاستراتيجية الوطنية للطاقة التي تم الإعلان عنهما خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، ويظهرأن التزام المملكة بتخفيض انبعاثات الكربون بنسبة 30% بحلول العام 2035 والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول العام 2060.



وبحسب مجلس التنمية الاقتصادية، تسعى خطة العمل الوطنية لتحقيق الحياد الكربوني عبر ثلاث ركائز، وهي: اقتصاد منخفض الكربون، التكيف مع تغيرات المناخ، خلق الفرص الاستثمارية في الاقتصاد الأخضر الجديد.

كما تهدف الاستراتيجية الوطنية للطاقة إلى تخفيض الانبعاثات بنسبة 30 % بحلول 2035، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060 عبر: تحسين الطلب على الطاقة، تنويع مصادر الطاقة، نشر تقنيات خفض الكربون لإزالة الكربون من القطاعات التي تصعب إزالته منه.

الاستثمار في الاقتصاد الأخضر

تتيح مملكة البحرين بيئة مثلى للمستثمرين لاختيار ونشر تقنيات المناخ المبتكرة، عبر الصناعة الخضراء، التقنية الخضراء، التمويل الأخضر، الزراعة المستدامة، الأعمال الإنشائية الخضراء.

ألبا

ويساهم مصنع معالجة بقايا بطانة خلايا الصهر التابع لشركة المنيوم البحرين "ألبا"، والأول من نوعه في المنطقة، في تحويل 35 ألف طن من المخلفات سنوياً إلى منتجات ذات قيمة صناعية يتم إعادة استخدامها ضمن سلاسل التوريد الصناعية في البلاد.

ويمتد على مساحة 26,000 متر مربع ويمتلك طاقة استيعابية لمعالجة 35,000 طن من هذه المادة سنوياً دون أي مخلفات، وتحويلها لمنتجات ذات قيمة يتم استخدامها في صناعات أخرى مثل صناعة الإسمنت. وقد استُكمل المشروع في الوقت المحدد بالرغم من التحديات التي فرضتها الجائحة، محققاً أكثر من 75,000 ساعة عمل دون أي إصابات مضيعة للوقت.

إن هذا المشروع يمثل خطوة حقيقية نحو الأمام ودليلاً ملموساً على التزامنا التام ومساعينا الجادة المبذولة لتحقيق تطلعات جميع الأطراف المعنية فيما يخص الحد من المخلفات الصناعية وإعادة تدويرها، بل أيضاً فيما يتعلق بتحويل بقايا بطانة خلايا الصهر إلى مادة ذات قيمة مضافة وتوليد قيمة مستدامة داخل الاقتصاد الدائري، كما قال الشيخ دعيج بن سلمان بن دعيج آل خليفة، رئيس مجلس إدارة شركة ألبا.

حلبة البحرين الدولية

تمكنت حلبة البحرين الدولية لسباق السيارات من جعل سباق جائزة البحرين الكبرى لطيران الخليج للفورمولا ون محايد كربونياً من خلال الاستفادة من تخزين كمية كافية من الطاقة الشمسية لتزويد السباق بالطاقة على مدى الأيام الثلاثة للسباق.

مطار البحرين الدولي

واصل مطار البحرين الدولي تقدمه نحو تحقيق الحياد الكربوني من خلال عدد من المبادرات الإدارية التي أصبح من خلالها ثاني مطار في منطقة الشرق الأوسط يصل إلى المستوى الرابع في اعتماد المجلس الدولي للمطارات المتعلق بالكربون.

ففي مايو الماضي حصل مطار البحرين الدولي على جائزتين دوليتين في الاستدامة البيئية تقديراً لجهوده في تكريس الممارسات البيئية السليمة وفي التحول الأخضر للمساهمة في تحقيق أهداف الحياد الكربوني الصفري.

وفي إطار دعم جهود الاستدامة في مطار البحرين الدولي، تعقد اللجنة البيئية للمطار اجتماعاً شهرياً لمتابعة المواضيع البيئية الملحة، ومن بينها إدارة الكربون والمخلفات والطاقة والمياه والمشتريات الخضراء وجودة الهواء والضوضاء والتعامل مع التغير المناخي والمرونة والتكيف.

وتنسجم أهداف الاستدامة في مطار البحرين الدولي مع أهداف الخطة الوطنية لكفاءة الطاقة التي أعدتها هيئة الطاقة المستدامة، والتي تهدف إلى المحافظة على الموارد وبلورة جهود المملكة في التحول إلى الطاقة المستدامة وفق رؤية البحرين الاقتصادية 2030. ومن أهم أهداف الخطة خفض استهلاك الطاقة في البحرين بنسبة ستة بالمائة بحلول عام 2025. ويعد مطار البحرين الدولي أكبر منشأة خضراء في البحرين، مما ينعكس على حجم دوره في تحقيق أهداف الخطة.

صندوق تقنية المناخ

تم الإعلان عن إنشاء صندوق تقنية المناخ بقيمة 750 مليون دولار في نوفمبر الماضي، بهدف الاستثمار في تقنيات المناخ الواعدة والتي ستساهم في تسريع التحول العالمي نحو الحياد الكربوني.

وتهدف المحفظة تحت إدارة إنفستكورب، للوصول إلى رأس مال استثماري يقارب 750 مليون دولار للاستثمار في الشركات التجارية في مرحلة النمو بما يتماشى مع الخطط الموضوعة لتحقيق الأمن البيئي عبر توفير رأس مال النمو للشركات المتخصصة في مجال تقديم الدعم لتقليل آثار انبعاثات الكربون حول العالم.

كما تهدف إلى تسريع التحول العالمي نحو اقتصاد خالٍ من الكربون مع التركيز على نشر حلول مناخية مثبتة تجاريًا، مع إمكانية تحويل الصناعات عبر أربعة مسارات تأثير رئيسية تتمحور حول: إدارة الكربون، المباني، النقل، الأغذية والزراعة، بالإضافة إلى توفير منتجات وخدمات عمليات إزالة الأثر الكربوني الواسعة النطاق والتي يتزايد الطلب عليها بأسعار تنافسية.

منصة صفاء

في ديسمبر الماضي، تم اطلاق منصة صفاء الطوعية لتعويض انبعاثات الكربون واتاحة المجال أمام الأفراد والشركات لفهم وإدارة ومعادلة انبعاثات الكربون من خلال تمويل المشاريع المناخية المعتمدة طوعيا.

سيتكمن كل من الأفراد والشركات من خلال منصة "صفاء" من تقليل بصمتهم الكربونية والمشاركة بفعالية في خلق مستقبل أكثر مراعاة للبيئة، مما يدعم أهداف مملكة البحرين المتمثلة في الوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وتهدف صفاء من خلال توعية المجتمعات وتمكين العمل المناخي على المستوى الفردي والمؤسسي، تهدف صفاء إلى استكمال مبادرات إزالة الكربون الهامة عبر توفير منصة تعويض سهلة الاستخدام للانبعاثات الكربونية الفورية التي يصعب تجنبها من أنشطة مثل السفر والإقامة والخدمات اللوجستية. كما تهدف إلى جعل هذه الخدمة في متناول المستخدمين عبر دمجها مباشرة في تطبيقاتهم اليومية المفضلة وهي ليست بديلاً عن جهود إزالة الكربون.

الجدير بالذكر أن منصة "صفاء" تعكس جهود المملكة في توظيف التكنولوجيا والابتكار كأدوات رئيسية لخفض الانبعاثات الكربونية بصورة سلسة وأقل كلفة وأكثر فعالية وصولاً للحياد الكربوني بحلول عام 2060، كما أنها سهلة الاستخدام من قبل الأفراد والشركات، بحيث توفر معاملات أرصدة الكربون عالية الجودة والمعتمدة عالميًا، مما يمكنهم من حساب انبعاثاتهم الكربونية وتعويضها، ومن ثم تخصيص هذه التعويضات للمشاريع البيئية العالمية التي تهدف إلى خفض أو القضاء على انبعاثات غازات الدفيئة، مع التوسع لتشمل المشاريع المحلية والإقليمية في المستقبل القريب.

وسم المصنع الأخضر

دشنت الحكومة لائحة حوافز جديدة لتشجيع المصانع لتبني المزيد من الإجراءات المستدامة والمبادرات الدائرية.

ستتمكن المصانع المؤهلة والتي تنطبق عليها المعايير المحددة من الحصول على أوجه مميزة من التمويل بالإضافة الى تمكينها من الوصول إلى الأسواق العالمية.

ووسم المصنع الأخضر هو برنامج يستند على ركائز استراتيجية قطاع الصناعة (2022-2026) لتعزيز التصنيع المستدام، ودعم الاقتصاد الدائري للكربون، والحوكمة البيئية والاجتماعية عبر تقديم مجموعة من المزايا والحوافز لحامليه بالتعاون مع القطاع الخاص.

ويهدف لدعم التزام مملكة البحرين في تحقيق الحياد الصفري، تشجيع القطاع الصناعي على تبني حلول الطاقة الشمسي، نشر ثقافة الاستدامة والإنتاج الأخضر لدى القطاع الصناعي، تطبيق مفاهيم الاقتصاد الدائري للكربون والحوكمة البيئية والاجتماعية، تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالإنتاج المسؤول، تحفيز المصانع لتبني أفضل التقنيات والانظمة التي تسهم في تقليل بصمتهم الكربونية

معايير وسم المصنع الأخضر:

1. تملك سجل صناعي نشط مصرح من وزارة الصناعة والتجارة

2. تعيد استخدام 10% من مخلّفاتها الصناعية في عمليات إنتاجها

3. تستخدم 10% الطاقة المتجددة لتشغيل منشأتها الصناعية

4. تملك وحدة لاحتجاز الكربون

5. تملك نظام لاحتساب الغازات الدفيئة GHG - Greenhouse gases

6. تملك نظام لرصد الانبعاثات الملوثة للهواء والبيئة

7. تقوم بتطبيق سياسات الحوكمة البيئية والاجتماعية

المزايا المقدمة لحاملي الوسم الأخضر:

1. التمويل: تخفيض 5% على الهامش المطبّق في حال تسجيل الحساب الرئيسي للمنشأة لدى بنك البحرين الوطني

2. التشغيل: تخفيض 10% من القيمة الإجمالية للألواح الشمسية وتكلفة التركيب من مصنع Solar One

3. التصدير: تخفيض 10% من رسوم الخدمة للصادرات الميسرة عن طريق صادرات البحرين

4. التدريب: تخفيض 50% من تكلفة البرنامج التدريبي للحوكمة البيئية والاجتماعية من معهد البحرين للدراسات المالية والمصرفية

إي بي إم ترمينالز

تقدم إي بي إم ترمينالز البحرين مثالاً للاستدامة من خلال مشروع للطاقة الشمسية، ساهمت في جعل ميناء خليفة بن سلمان أول مرفأ بحري يعتمد على الطاقة الشمسية بالكامل على مستوى المنطقة وذلك بنهاية العام 2023.

وشركة إي بي إم ترمينالز شركة مساهمة مقفلة تعمل في قطاع النقل مع التركيز على المؤانئ والخدمات البحرية، وقد تم تأسيسها في مايو 2006.

وتعتبر إي بي إم ترمينالز المشغل الرئيسي لميناء خليفة بن سلمان آل خليفة.

وكمشغل لميناء خليفة بن سلمان، تلعب شركة اي بي ام تيرمينالز البحرين دوراً فعّالاً في دعم الجهود الإقليمية في خفض الانبعاثات الكربونية، حيث أعلنت مؤخراً عن مشروع طاقة شمسية رائد سيجعل الميناء أول ميناء بحري في المنطقة ذاتي الاكتفاء من الطاقة وسيقلل انبعاثات الكربون في الميناء بنسبة 65%. كشريك للمنتدى، ستقدم شركة اي بي ام تيرمينالز البحرين خبرتها ورؤيتها لمساعدة المنتدى على تعزيز العمل المناخي من قبل شركات القطاع الخاص بتسريع خطى خفض الانبعاثات الكربونية الإقليمية وذلك من خلال إبراز استراتيجية الشركة لخفض الكربون والحائزة على جوائز.

يبقى مجلس إدارة شركة إي بي إم تيرمينالز البحرين حازمًا في سعيه لتحقيق التميز، والتركيز على المبادرات الإستراتيجية مثل خطط الشركة لإزالة الكربون، ودفع نمو وتوسع الميناء مع لعب دور نشط في إزالة الكربون في القطاع بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الذي تعهد به صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بخفض انبعاثات المملكة بنسبة 30% بحلول عام 2035 وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060. ومن خلال التزامهم الثابت والدعم المستمر من الحكومة، تستعد شركة إي بي إم تيرمينالز البحرين للمساهمة بشكل كبير للتنمية الاقتصادية في البحرين، وفي الوقت نفسه تعزيز مكانتها كميناء إقليمي رائد.

التشجير

أعلنت مملكة البحرين في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "cop26" عن هدفها لمضاعفة أعداد الأشجار بحلول العام 2035 وذلك بزيادة أعداد الأشجار في المملكة من 1.8 مليون إلى 3.6 مليون شجرة.

كما سعت مملكة البحرين إلى زراعة 150 ألف شجرة في 2022 وهو ما ساهم في هدفها المعلن بنسبة 110%، كما قامت المملكة بزراعة 160 ألف شجرة في 2023.

وتم تأسيس فريق عمل للنظر في اختيار الأنواع النباتية القادرة على العيش في المناخ الصحراوي، كما تمت دراسة لتحديد المواقع الحضرية ذات درجات الحرارة الأكثر ارتفاعاً لإعطائها الأولوية خلال عمليات التشجير.

أشجار القرم

أعلنت مملكة البحرين في مؤتمر الأطراف السادس والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ "cop26" عن هدفها لزيادة أشجار القرم إلى أربعة أضعاف بحلول عام 2035 وهو ما يساهم في زيادة أعداد هذه الأشجار من 400 ألف إلى 1.6 مليون شجرة.

وتم في عام 2022 زيادة الطاقة الاستيعابية لمشاتل نبات القرم بحلول 100 ضعف لتصل إلى مليون شتلة، كما تم زراعة 110 آلاف شتلة نبات القرم في المناطق الساحلية بمملكة البحرين.

إضافة إلى ذلك، تم تأسيس فريق عمل لإعداد مسح واختيار الأماكن الساحلية الملائمة للزراعة على نطاق واسع، كما سعى مجلس التنمية الاقتصادية لأن يكون طموحاً في العام 2023 ليس فقط من خلال تحقيق الأهداف الأولية وإنما أيضاً عبر مضاعفة الهدف السنوي.