موسكو - عبدالله إلهامي

جهود بحرينية روسية لمعارضة محاولات الضغط والإملاء..
مجموعة للرؤية الاستراتيجية بين البحرين وروسيا لإنشاء نظام إقليمي للسلام
الصراحة والود المتبادل أبرز ما يميز العلاقات بين البحرين وروسيا
علاقاتنا مع البحرين حافز لإطلاق آليات متعددة الأطراف على مستوى المنطقة
موسكو لا تفرض رؤيتها حول كيفية حل مشاكل المنطقة لكنها منفتحة للحوار


أكد نائب الرئيس الأول للجنة الروسية للتعاون والتضامن مع شعوب آسيا وإفريقيا، ونائب رئيس جمعية الدبلوماسيين الروس والأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد، أندريه غليبوفيتش باكلانوف، أن نتائج القمة العربية التي ترأستها البحرين، تشير بوضوح إلى رغبة وجاهزية الدول العربية لتعزيز دورها في حل المشكلات الإقليمية والعالمية.
وأبدى في حوار مع «الوطن»، ثقته بأن جهود مملكة البحرين وروسيا الاتحادية المشتركة ستساهم في تحسين المناخ العالمي وتشكيل نظام دولي قائم على ميثاق الأمم المتحدة، والمبادئ القائمة على المساواة واحترام السيادة الوطنية ومعارضة محاولات الضغط والإملاء.
وحول أبعاد المؤتمر الدولي للسلام الذي تقدّمت البحرين بطلب انعقاده، أوضح باكلانوف أن أي خطوة نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط تستحق الترحيب، إلا أن الجانب الإسرائيلي ليس جاهزاً حتى الآن للمفاوضات.
وشدّد باكلانوف على أنه يمكن تأسيس مجموعة للرؤية الاستراتيجية تضم سياسيين ودبلوماسيين وخبراء لتحضير ومناقشة كافة الاقتراحات والإجراءات التي قد تؤدي إلى إنشاء نظام إقليمي للأمن والسلام، مبيّناً أن الصراحة والود المتبادل أبرز ما يميز العلاقات بين البحرين ورسيا. وفيما يأتي نص اللقاء:

تحمل زيارة الملك الحالية لروسيا العديد من الرؤى لتحقيق تطلعات الشعوب العربية، كيف ترون انعكاسات مخرجات قمّة البحرين على الوضع العربي؟
- نرى أن نتائج القمة العربية تشير بوضوح إلى رغبة وجاهزية الدول العربية لتعزيز دورها في حل المشكلات الإقليمية والعالمية. وأسفرت القمة عن عدد من المبادرات المهمة، أبرزها اقتراح إرسال قوات حفظ السلام إلى الأراضي الفلسطينية.
هناك العديد من التفاصيل التي يجب توضيحها بخصوص هذه المبادرة؛ هل يشمل الأمر إرسال قوات حفظ السلام إلى غزة فقط أم يمتد ليشمل الضفة الغربية أيضاً؟ ومع أي من الممثلين الفلسطينيين سيتم بحث هذه الخطة؟ هل يمكننا أن نتوقع تشكيل وفد فلسطيني شامل لمناقشة هذا الموضوع؟ هناك العديد من المسائل المعقدة التي ستؤثر على تنفيذ هذه الفكرة.
من الضروري الحصول على مزيد من المعلومات حول الموقف الموحّد للدول العربية بشأن جميع الجوانب الرئيسة لتسوية النزاع في المنطقة. لقد لاحظنا تصريحات من قادة بعض الدول، وخاصة الإمارات العربية المتحدة، بشأن ضرورة معالجة عدد من القضايا الأساسية مسبقاً، بما في ذلك الوجود العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. ونعتقد أن هذه القضايا ستُناقش بين الأطراف خلال المفاوضات في موسكو.
تقدّمت البحرين بطلب انعقاد مؤتمر دولي للسلام، كيف يمكن العمل على تقريب وجهات النظر لتحقيق سلام شامل في المنطقة؟
- نرى أن أي خطوة نحو تحقيق السلام في الشرق الأوسط تستحق الترحيب، ولكن من الضروري الانطلاق من تحليل واقعي للوضع الحالي؛ فالجانب الإسرائيلي ليس جاهزاً حتى الآن للمفاوضات، وينبغي أن نذكّر بأن رئيس الوزراء الحالي لإسرائيل نتنياهو هو الذي قطع بشكل أحادي المفاوضات حول الوضع النهائي للأراضي الفلسطينية التي بدأت في طابا في مايو 1996.
كما تدعم الولايات المتحدة هذا التوجه من إسرائيل. وبدون تغيير مواقف هذين البلدين سيكون من الصعب تحقيق تقدم نحو شرق أوسط خالٍ من الصراعات.
تقوم الولايات المتحدة بعرقلة عمل اللجنة الرباعية الدولية وتتجنب استئناف التواصل الرسمي بشأن قضايا الشرق الأوسط؛ لذا يبدو أن التعاون بين روسيا والدول العربية ضروري لتغيير هذه التوجهات السلبية.
كيف يمكن العمل على توحيد الرؤى البحرينية الروسية لتنفيذ ما تحمله هذه الزيارة من أجل إحلال السلام؟
- أعتقد أننا يمكن أن نؤسس مجموعة للرؤية الاستراتيجية تضم سياسيين ودبلوماسيين وخبراء لتحضير ومناقشة كافة الاقتراحات والإجراءات التي قد تؤدي إلى إنشاء نظام إقليمي للأمن والسلام.
بالمناسبة، مثل هذه المجموعة موجودة بالفعل بيننا وبين المملكة العربية السعودية، وتحمل اسم «نادي حكيموف» نسبةً إلى دبلوماسي روسي قام في عشرينات القرن الماضي بمبادرة لتعزيز العلاقات الودية مع شعوب الخليج.
كيف تقيمون العلاقات بين البحرين وروسيا، وما أبرز ما يميزها؟
- أبرز ما يميز هذه العلاقات هو الصراحة والود المتبادل اللذان يسودان لقاءاتنا ومفاوضاتنا واتفاقياتنا.
خلال زيارة جلالة الملك لروسيا، تم توقيع اتفاقيات في التجارة والشؤون الإنسانية والطاقة، كيف سيؤثر ذلك على المستويين العربي والدولي؟
- هذا سيقدّم مثالاً ممتازاً لتطوير العلاقات والتعامل مع الأوضاع الإقليمية والدولية المعقدة. نحن مستعدون لاستخدام علاقاتنا الثنائية واتفاقياتنا مع البحرين كحافز لإطلاق آليات متعددة الأطراف على مستوى المنطقة.
وقد تم تضمين جزء من هذه الآليات في مقترحاتنا المعروفة لإنشاء نظام أمني إقليمي في منطقة الخليج. كما أننا مستعدون لاستئناف عمل فرق العمل متعددة الأطراف في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط، بما في ذلك الموارد المائية، والبيئة، والتعاون الاقتصادي، واللاجئون، والقضايا العسكرية والسياسية. الأحداث الحالية تؤكد بوضوح الحاجة إلى المضي قدماً في هذا الاتجاه.
أود أن أذكر هنا أن أول اجتماع دولي عقدته في موسكو في يناير 2000 كرئيس للاتحاد الروسي كان مؤتمر وزراء خارجية المنطقة حول هذا الموضوع، بالتحديد التعاون المتعدد الأطراف في الشرق الأوسط.
ما دور روسيا تجاه العالم العربي، وخاصة في ضوء زيارة ممثل الرئيس بوتين للبحرين في سياق انعقاد القمة العربية؟
- بصراحة، نحن على عكس بعض الدول الكبرى الأخرى، لا نفرض دورنا أو رؤيتنا حول كيفية حل مشاكل الحياة الدولية ومنطقة الشرق الأوسط. لكننا منفتحون للحوار ومستعدون للتعاون العملي في المجالات السياسية والأمنية والتجارية والاقتصادية والاستثمارية.
الأهم من ذلك، نحن أصدقاء تقليديون للعالم العربي، والصداقة بيننا أثبتت جدارتها عبر الزمن. نحن قوة عظمى ذات تاريخ طويل، ولم نأتِ أبداً إلى الشرق الأوسط كمستعمرين، بل على العكس، ساعدنا الشعوب العربية على التخلص من التبعية الخارجية.
اليوم نحن واثقون من أن جهودنا المشتركة ستساهم في تحسين المناخ العالمي وتشكيل نظام دولي قائم على ميثاق الأمم المتحدة، والمبادئ القائمة على المساواة واحترام السيادة الوطنية ومعارضة محاولات الضغط والإملاء.
أود أن أؤكد نقطة مهمة أخرى. وفقاً لرأي رئيس اللجنة الروسية للتضامن والتعاون مع شعوب آسيا وإفريقيا، السيناتور إلياس أوماخانوف، يجري حالياً تقارب بين الدول العربية والإسلامية وروسيا في إطار ما يُعرف بـ»الأغلبية العالمية». وبطبيعة الحال، يحتاج هذا التجمع الجديد إلى أفكار تقرب بين الشعوب والدول. وإحدى هذه الأفكار الموحدة هي التضامن والاستعداد للعلاقات المبنية على الاحترام المتبادل بين الناس والشعوب من مختلف الدول.
وكما أشار إلياس أوماخانوف، فإن المفاوضات التي جرت وروح التعاون والصداقة التي تتشكل بين شعبي روسيا والبحرين تعتبر خطوة مهمة نحو تشكيل مجتمع جديد من الشعوب والدول.