وليد صبري

التحضير لاتفاق تأسيس مجلس أعمال بين البلدين
علاقات البحرين والجزائر تتميز بالمودة والمحبة والأخوة والتقدير
دعوة البحرين للمؤتمر الدولي للسلام دليل على جنوح العرب للسلام
جائزة الملك حمد للتعايش السلمي لبنة تعكس ميول البحرينيين للوئام
نهيب بأفراد الجالية الجزائرية في البحرين المشاركة بالانتخابات الرئاسية


أكد سفير الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لدى مملكة البحرين، د. محمود براهم أن «العلاقات بين البحرين والجزائر تتميز بأنها علاقات مودة ومحبة وأخوة وتقدير، حيث تتسم بأنّها علاقات تقوم على احترام عميق تربط البلدين وقيادتيهما واللذين يتمتعان برصيد معتبر من التعاطف الأخوي والمحبة الصافية».
وأضاف سفير الجزائر في حوار خص به «الوطن» أن «دعوة المملكة خلال القمة العربية التي عقدت في البحرين مؤخراً، في عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط دليل آخر على جنوح العرب للسلام وتفضيلهم لحل الصراعات الدولية بالطرق السلمية والتفاوض من أجل تسوية الخلافات الدولية بالطرق السلمية وتفادي ويلات الصراعات المسلحة وعواقبها الوخيمة على البشر، كما أنّ هذه الدعوة تمثل أيضاً تأكيداً آخر لمبادرة السلام العربي المنبثقة عن قمة بيروت التي انعقدت سنة 2002».
ونوه إلى أن «البحرين بلد يسوده الهدوء والأمن والطمأنينة، وتتمتع مكوناته بالوئام المطلق ولا يصدر عنه ما يضر بجيرانه وشركائه، كما أن إنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي لبنة تعكس ميول البحرينيين للوئام ومحبتهم للسلام واتخاذه خياراً استراتيجياً نابعاً من إرثهم العربي الإسلامي وقيم التسامح التي تنضح بها ثقافتهم والنابعة من ديننا الحنيف، كما أنّ هذا التوجه يعكس أيضاً القيم التي تحكم المجتمع والدولة في البحرين الشقيقة وموقعها الجيوسياسي ومقدراتها الاستراتيجية، لذلك فإن إنشاء الجائزة هو تجسيد محسوس لهذه الميول وتحقيق على أرض الواقع لتلك القيم».
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، أوضح السفير د. محمود براهم أن «حجم المبادلات التجارية بين البحرين والجزائر في نهاية سنة 2023 بلغ نحو 300.76 مليون دولار، منها 299.4 مليون دولار صادرات بحرينية نحو الجزائر، فيما صادرات الجزائر نحو البحرين تساوي 1.36 مليون دولار»، مبيناً أن «البلدين يرتبطان بخمس اتفاقيات ومذكرات تفاهم، كما أنّ التحضير لاتفاق إحداث مجلس أعمال بحريني جزائري جاري الآن».
ودعا السفير د. محمود براهم أبناء الجالية الجزائرية في البحرين إلى «المشاركة في الانتخابات الرئاسية حيث من المقرر أن يستمر التصويت حتى السبت المقبل».
وقال إن «الجزائر تتمتع بموارد وإمكانيات كبيرة»، موضحاً أنها «مصنفة في المرتبة 16 عالمياً من حيث احتياطيات النفط والعاشرة عالمياً من حيث موارد الغاز الطبيعي المؤكدة وفي مجال الطاقات الجديدة والمتجددة». وإلى نص الحوار:



كيف تقيمون العلاقات بين البحرين والجزائر في ظل التطورات الإقليمية والدولية؟
- بادئ ذي بدء أتوجّه بالشكر لجريدة الوطن والعاملين بها على ما يبذلونه من جهد في خدمة المواطن البحريني والعربي على العموم عبر ما يقدمونه من مواد إعلامية ثرية ومفيدة.
أما بخصوص العلاقات بين البحرين والجزائر فدعني أقول لك أنها علاقات مودة ومحبة وأخوة وتقدير. فبعد المسافات لم يمنع الشعبين من تبادل شعور الأخوة والوعي بوحدة المصير ولم يمنعهما أيضاً من إبداء تضامنهما الأخوي مع بعضهما البعض. فالجزائر كانت دوماً محل اهتمام لدى البحرينيين. وكانت لهؤلاء هبات مشرّفة في هذا الشأن تعود أولاها إلى فترة جهاد الأمير عبد القادر باعث الدولة الجزائرية الحديثة ثم فيما بعد خلال الثورة الجزائرية التحريرية الكبرى. وقد عرف هذا البلد الطيب مظاهرات شعبية عارمة تأييدا للثورة في الجزائر بل وجّه هذا الشعب العظيم إعانة مالية معتبرة للثورة الجزائرية وكل ذلك يعبر عن الدرجة العالية من الوعي والحسّ العروبي لدى الأشقاء البحرينيين.
أما بخصوص العلاقات الجزائرية البحرينية في ظل التطورات الإقليمية والدولية، فيمكن القول بأنّ هناك علاقات احترام عميق تربط البلدين وقيادتيهما واللذين يتمتعان برصيد معتبر من التعاطف الأخوي والمحبة الصافية. وفي ظل التطورات الإقليمية الحالية عرفت العلاقات الثنائية بين البلدين طفرة تتمثل في تكثيف التشاور بينهما. فقبيل انعقاد القمة العربية الأخيرة في شهر مايو بالمنامة كان سعادة الوزير د. عبد اللطيف بن راشد الزياني قد زار الجزائر والتقى بمعالي وزير الخارجية والجالية الوطنية في الخارج السيد أحمد عطاف في إطار التحضير لهذه القمة ومما لا شك فيه أنّ هذا اللقاء كانت له آثاره الحميدة على صيرورة أعمال هذه القمة ونتائجها.
هل هناك خطة جزائرية لجذب المستثمرين البحرينيين؟
- ما انفكت السلطات الجزائرية تبذل مجهودات حثيثة في سبيل النهوض بالاقتصاد الوطني لا سيما عمن ترقية الاقتصاد الوطني لا سيما عبر اعتماد القانون الجديد للاستثمار بالجزائر بتاريخ يوليو 2022 الذي يعتبر لحظة فارقة في مسار عقلنة الاقتصاد الجزائري وترشيده وأمثلته. فهذا القانون له مزايا عديدة أهمها: مساواة المستثمر الجزائري بنظيره الأجنبي؛ وحفظ جميع المزايا المكتسبة؛ وضمان تحويل الاستثمارات ورؤوس الأموال المستثمرة وعوائدها؛ وحق الطعن أمام اللجنة العليا لدى رئاسة الجمهورية وحق اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة النزاعات التجارية وغيرها؛ وتوفير حل الشباك الواحد لفائدة المستثمرين عبر الوكالة الجزائرية للاستثمار؛ وإمكانية استفادة المستثمرين سواء أجانب أو جزائريون من إعفاءات جمركية وضريبية خلال مدة الإنجاز أو الاستغلال وفق نظم تحفيزية خاصة «نظام المناطق، نظام القطاعات نظام الاستثمارات المهيكلة»؛ ومحافظ عقارية صناعية داخل المناطق الصناعية ومناطق النشاطات؛ والإعفاء من إجراءات الداخلية والتوطين البنكي؛ وتكفل الدولة الجزائرية بأعمال التهيئة القاعدية للمنشآت.
البحرين دعت إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الـ33.. كيف ترون تأثير ذلك على تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم؟
- تمثل دعوة البحرين، خلال القمة العربية الأخيرة في البحرين، إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط دليل آخر على جنوح العرب للسلام وتفضيلهم لحل الصراعات الدولية بالطرق السلمية والتفاوض من أجل تسوية الخلافات الدولية بالطرق السلمية وتفادي ويلات الصراعات المسلحة وعواقبها الوخيمة على البشر. كما أنّ هذه الدعوة تمثل أيضاً تأكيداً آخر لمبادرة السلام العربي المنبثقة عن قمة بيروت التي انعقدت سنة 2002.
وللأسف كل المؤشرات تدلّ على عدم اكتراث الأطراف الأخرى المعنية بمثل هذه المبادرات. فهي لا تعير للسلام أي اهتمام، ولا تبدي أي احترام للقوانين الدولية، بل تتخذ من العنف وسيلة ومنهجاً في تفاعلها مع الحقوق العربية المشروعة لا سيما حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وعلى حدود سنة 1967 وحق لاجئيه في العودة إلى وطنهم. وقد ظهر ذلك جلياً في رفض الكنيست الإسرائيلي الأخير والقاطع لفكرة حل الدولتين.
كيف ترون التعايش السلمي والتسامح الديني في البحرين؟ وماذا عن إنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي؟
- البحرين بلد يسوده الهدوء والأمن والطمأنينة، وتتمتع مكوناته بالوئام المطلق ولا يصدر عنه ما يضر بجيرانه وشركائه. وإنشاء جائزة الملك حمد العالمية للتعايش السلمي لبنة تعكس ميول البحرينيين للوئام ومحبتهم للسلام واتخاذه خياراً استراتيجياً نابعاً من إرثهم العربي الإسلامي وقيم التسامح التي تنضح بها ثقافتهم والنابعة من ديننا الحنيف. كما أنّ هذا التوجه يعكس أيضا القيم التي تحكم المجتمع والدولة في البحرين الشقيقة وموقعها الجيوسياسي ومقدراتها الاستراتيجية. وإنشاء جائزة الملك حمد للتعايش السلمي هو تجسيد محسوس لهذه الميول وتحقيق على أرض الواقع لتلك القيم.
كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وماذا عن قيمة الصادرات والواردات؟
- بلغ حجم المبادلات التجارية بين البحرين والجزائر في نهاية سنة 2023 حوالي 300.76 مليون دولار أمريكي، منها 299.4 دولار صادرات بحرينية نحو الجزائر، وصادرات الجزائر نحو البحرين تساوي 1.36 مليون دولار، وتتمثل أبرز الصادرات الجزائرية للبحرين في التمور، والألبسة، والمشروبات، ومواد البناء، وتستورد الجزائر من البحرين، خامات حديد مكثفة، وألمنيوم، ورقائق زجاجية، وصفائح، وأجهزة تحكم، وغيرها.
كم عدد اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين الشقيقين؟
- ترتبط الجزائر مع البحرين بخمس اتفاقيات وهي: اتفاقية إنشاء اللجنة المشتركة العليا، واتفاقية تشجيع الاستثمارات، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، ومذكرة تفاهم حول التشاور السياسي، واتفاقية تعاون بين غرفتي تجارة البلدين. كما أنّ التحضير لاتفاق إحداث مجلس أعمال بحريني جزائري جارٍ الآن.
هل من بعض المعطيات حول موارد الجزائر ومقدراتها؟
- أما فيما يتعلق بموارد وإمكانيات الجزائر فمعتبرة ونخص منها على سبيل الذكر لا الحصر كون بلدنا هو أكبر دولة في أفريقيا والعاشرة في العالم من حيث المساحة مع ناتج إجمالي بلغ 163 مليار دولار سنة 2021 وبنمو اقتصادي قدر في نفس السنة بــ3.4 ٪. كما تتمتع الجزائر بواجهة بحرية على البحر الأبيض المتوسط طولها 1622 كلم، وتمثل بوابة لأفريقيا بحدود مع 7 دول وبلوغ مباشر وسريع إلى العواصم الاقتصادية، وقد حباها الله بتضاريس طبيعية متنوعة. كما أن الجزائر تمثل سوقاً استهلاكية كبيرة بـ44.6 مليون مستهلك وحدود مع أكثر من 103 ملايين مستهلك مدعومة باتفاقيات ضمن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية «54 دولة ونحو 1.2 مليار نسمة»، واتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي «27 دولة أو 448 مليون نسمة»، ومنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى «18 دولة و421 مليون نسمة».
وعلى مستوى البنية التحتية تتوفر الجزائر على 51 مطاراً، و51 ميناء بحرياً، وشبكة سكك حديدية طولها 4695 كم وشبكة طرقات عصرية تطال 140918 كم تربط الجزائر وتونس والنيجر ومالي وتشاد ونيجيريا القارة الأفريقية بأكملها. كما تتمتع الجزائر بقوة عاملة شابة ومؤهلة «250 ألف خريج جامعي سنوياً» ولها نسيج اقتصادي متنوع ومتكامل مع قطاع خاص فعال يمثل 85% من النسيج الاقتصادي الوطني، وقطاع عام قوي منفتح على الشراكة في فروع النشاط التالية: الطاقة البتروكيماوية، الصناعة الدوائية. صناعة الأغذية، الصناعة الميكانيكية، مناجم الحديد والصلب، مواد البناء، النسيج والجلد، معدات النقل، التصنيع الكيميائي، المعدات والخدمات الكهربائية والإلكترونية.
أما إمكانيات الجزائر في مجال المحروقات والمواد المعدنية فمعروفة فهي مصنفة في المرتبة 16 عالمياً من حيث احتياطيات النفط والعاشرة عالميا من حيث موارد الغاز الطبيعي المؤكدة وفي مجال الطاقات الجديدة والمتجددة. والجزائر بلد شاسع يزخر بمعادن متنوعة «ذهب، زنك، قصدير، تنغستين، حديد، منجنيز، موليبديوم، زئبق، فوسفات، باريت، رخام الخ...».
وفي المجال الزراعي تتوفر الجزائر على 48.1 مليون هكتار، منها 8.6 مليون هكتار صالحة للزراعة، و1.47 مليون هكتار مروية، و32.7 مليون هكتار أراضي رعوية و4.1 مليون هكتار غابات. أما في المجال السياحي فالجزائر تمتلك ساحلاً طويلاً وبها 600 شاطئ و249 منطقة توسع سياحي تعادل 57.872 هكتار موزعة على 40 ولاية و282 عين حموية ذات خصائص علاجية على مستوى 38 ولاية، ناهيك عن صحراء شاسعة ذات حدائق طبيعية متنوعة.
ونضيف على المستوى الصناعي تتوفر الجزائر على صناعات ميكانيكية وبحرية وصناعة طيران ومركبات خفيفة ومركبات نقل وصناعات خاصة بالآلات الزراعية والأشغال العامة والري والمحركات وبناء السفن وتصنيع المعدات والصناعات الفضائية والصناعات الكهربائية والإلكترونية والمنزلية والمعدات الكهربائية لتطوير شبكات الكهرباء الذكية والمكونات عالية الأداء والمولدات والمحولات عالية السعة والمنتجات المختلفة «الكابلات والأسلاك والعوازل». كما تتوفر أيضاً على صناعة غذائية ومجمعات متكاملة في الفروع الاستراتيجية «حبوب، تغذية، وزيوت وسكر الخ...». وتتوفر الجزائر أيضاً على صناعات نسيج وجلود وألياف اصطناعية وغير ذلك.
وبالجزائر هناك قطاع صناعات كيماوية رائد «كيماويات، بتروكيماويات، غازات صناعية، سليلوز، أمونيا، يوريا، كحول إيثيلي ومجمعات للحديد والصلب، ومصاهر المعادن، ومسابك. كما تتوفر أيضاً على صناعة التكنولوجيا المتقدمة «تكنولوجيا حيوية، روبوتات، وتكنولوجيا النانو» وقطاع للاقتصاد الأخضر يتمثل في تثمين النفايات والصيدلة البيئية، صناعات معالجة المنتجات الرعوية، استخراج الزيوت الأساسية.
وفضلاً عن ذلك يجد المستثمر الأجنبي ضالته في الجزائر حيث تكاليف الطاقة تكاد تكون معدومة وحيث تتوفر المنشآت والهياكل القاعدية اللازمة لكل عمليات الاستثمار.
ماهي آفاق تطور الجزائر على المستويات المختلفة؟
- لقد قطعت الدولة الجزائرية أشواطاً معتبرة على مستوى عقلنة تسيير الموارد ومحاربة الفساد والنهوض بالاقتصاد الوطني وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين. ويكفي أخي العزيز أن أذكر بأن ثقل جائحة كورونا (كوفيد19) التي أضرت بكبريات الاقتصاديات العالمية لم تمنع الجزائر من تحقيق قفزة نوعية على المستويات السياسية والاقتصادية. فقد تجلى دور الجزائر الريادي والمحوري في الدفاع عن المصالح والقضايا العربية المصيرية كقضية فلسطين وغيرها من القضايا العادلة خلال تبوؤها لعضوية مجلس الأمن. كما تجلى على المستوى الاقتصادي في تحقيق الجزائر للكثير من المكاسب. فأين كنا وأين أصبحنا؟ لقد حققت الجزائر فائضاً تجارياً وقد كان بعض الخبراء يراهنون من قبل على أنها ستلجأ لا محالة إلى الاستدانة الخارجية من أجل تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي كانت تعاني منها منذ بضع سنوات. وذلك إنجاز لا مراء فيه.
واليوم نحن على أهبة خوض انتخابات رئاسية ستعزز نتائجها مسار التصويب الوطني وتزيد من رفعة الجزائر في المحافل الدولية. وأغتنم هذه الفرصة لأهيب بجميع أفراد جاليتنا الكريمة بالبحرين الشقيقة بأن تشارك مشاركة مكثفة في هذا الاستحقاق الوطني وتعبر عن خياراتها بكل حرية وبكل شفافية، حيث من المقرر أن يستمر التصويت حتى السبت المقبل.