زهراء حبيب

البحرين رائدة في التشريعات العقابية الحديثة وأنسنة العقوبات

500 مستفيد من مبادرة «رعاية» منذ إطلاقها 2021

359 طفلاً و38 امرأة استفادوا من مبادرة «رعاية»

77 قضية شبهة اتجار بالأشخاص منذ بداية عام 2023 حتى الآن

النواب العموم بـ«دول التعاون» يعتمدون وثيقة «البحرين» الأخلاقية للذكاء الاصطناعي

تدريب متعمق ومتخصص لمكافحة الجريمة العابرة للحدود

«مركز عمليات افتراضي لمكافحة الاحتيال الإلكتروني» و«نظام نموذجي لإجراء المقابلات الموحدة مع الأطفال المجني عليهم»، و«مشروع لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وفق معايير شكلية وموضوعية ضامنة للعدالة» و«تدريب متعمق ومتخصص لمكافحة الجريمة العابرة للحدود»، كان هذا بعض ما كشفه مساعد النائب العام المستشار وائل بوعلاي، بأول حوار صحفي خص به «الوطن» حول مشاريع ومبادرات نفذتها وتعمل على تنفيذها النيابة العامة.المستشار وائل بوعلاي أسهب في الحديث عن أنسنة العقوبات في البحرين باعتبارها من الطرق الحديثة المعمول بها في أغلب دول العالم، مشيراً إلى أن المملكة تتميز على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط في هذا الجانب، وأصبح لديها تجربة رائدة في التشريعات العقابية الحديثة.ولم يفت المستشار بوعلاي تسليط الضوء على مبادرات اجتماعية أطلقتها النيابة العامة، منها «رعاية» و«حماية» لحماية الأسرة والطفل في آن واحد، والحفاظ على الروابط الأسرية بتقديم كافة أنواع الدعم للمستفيدين، حيث يقدر عدد المستفيدين من مبادرة «رعاية» منذ إطلاقها عام 2021 بنحو 500 حالة، بينها 359 طفلاً، و38 امرأة.ومن أوجه أنسنة التشريعات والإجراءات، وفقاً لما أوضحه المستشار بوعلاي، ما تقدمه النيابة العامة من نظام نموذجي لإجراء المقابلات الموحدة مع الأطفال ضحايا جرائم الاعتداء الجنسي وفق أسس قانونية ونفسية، وبسؤالهم حول الجريمة وملابساتها لمرة واحدة فقط في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، للحد من الأثر النفسي السلبي عند تعرضهم لمقابلات متعددة حول الجريمة وتكرار استدعائها في ذاكرتهم.وشدد على أن جميع القضايا الواردة إلى النيابة العامة لها أهميتها، غير أن هناك أنواعاً من الجرائم ذات خطورة جسيمة، ومنها الواقعة على الثروة البحرية، فمنذ بداية العام 2024 الجاري حتى الآن، باشرت النيابة التحقيق والتصرف في 111 قضية.ويشير مساعد النائب العام إلى أنه تم التحقيق والتصرف في قضايا مقيدة بشأن تصدير الأسماك بالمخالفة لأحكام القانون، أحيل منها 43 قضية إلى المحكمة المختصة، وقد بلغت كميات الكائنات البحرية المصادرة في جميع تلك القضايا أكثر من طنين.وفيما يأتي نص الحوار الذي تنفرد فيه «الوطن» مع مساعد النائب العام المستشار وائل بوعلاي:

التعاون المشترك

النيابة أشارت في مناسبات عدة إلى وجود تعاون وتنسيق مع الجهات التنفيذية، فكيف تقيمون هذا التعاون وما هي حدوده ونتائجه؟- نعم هناك تعاون وتنسيق مستمرين مع الوزارات والجهات العامة في المملكة، وهذا التعاون من منظور النيابة العامة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدعوى الجنائية وما يتصل بها من إجراءات وما يترتب عليها من نتائج وآثار، هذا أولاً، وثانياً إننا في النيابة العامة نستهدف من التعاون والتنسيق مع كافة الجهات الصالح العام، وتعزيز القدرات والجهود الوطنية، ودعم الاستراتيجيات الموضوعة في مجالات التنمية والتطوير بما يحقق أهدافها. وفي الحقيقة فإن التعاون الذي تبديه النيابة العامة في هذا النطاق لا يقتصر فقط على الوزارات والجهات التنفيذية، بل يشمل أيضاً منظمات المجتمع المدني كلما اقتضى الأمر التواصل معها لهذه الأغراض ولتحقيق ذات الأهداف.أما عن حدود التعاون والتنسيق فالنيابة العامة حريصة في ذلك أشد الحرص على العمل من منطلق مركزها القانوني وما تتمتع به من الاستقلالية التامة باعتبارها شعبة من السلطة القضائية، غير أن استقلالية النيابة في أداء رسالتها لا يعني لزوماً امتناع التنسيق مع غيرها من السلطات والجهات المعنية ما دامت الحيادية والموضوعية مضمونة في أداء مهامها، وما دام ذلك يصب في نهاية الأمر في صالح الفرد والمجتمع، فوضعية النيابة العامة كسلطة قضائية لا تحد من مساهماتها المباشرة وغير المباشرة في خدمة المجتمع ورعاية مصالحه.ما هي أبرز صور التعاون والتنسيق بين النيابة العامة والجهات المختصة؟- هناك محددات لهذا التعاون، ومؤشرات لوجوب التنسيق مع الجهات، أهمها إنفاذ أحكام القانون، وسلامة تطبيقه، وضمان الممارسات الصحيحة التي تحقق الصالح العام، فضلاً على تعزيز ودعم القدرات والاستراتيجيات الموضوعة في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي من أهداف النيابة المرعية في خطتها المستدامة بناءً على تعليمات سعادة النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين، فكلما وقفت النيابة العامة من خلال إجراءاتها في الدعوى الجنائية على أي ملاحظات واقعية أو قانونية، فإنها تبادر إلى مخاطبة الجهات المعنية للنظر فيها ودراستها واتخاذ ما تراه لتلافي أسبابها ومعالجتها، كما يحصل التنسيق أيضاً إعمالاً لأحكام القانون التي يفرض تنفيذها التنسيق والتعاون بين السلطات والجهات المختصة كافة لتحديد أساليب العمل والقواعد التي يجب أن تتبع في العمل عند تطبيق القانون بغية تحقيق رؤية المشرع والأهداف التي يرمي إليها من إصدار القانون. ومن صور التعاون أيضاً دعوة النيابة العامة الجهات التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني ذات الاختصاص للمشاركة في مبادراتها المتعلقة بمكافحة الجريمة والحد من آثارها، وتلك الخاصية توفر الحماية والرعاية للفئات المستهدفة بهذه المبادرات.والحق أننا في الأحوال جميعها نجد تعاوناً صادقاً ومساهمات مؤثرة في هذه المجالات من جانب شركائنا من الجهات المعنية، إيماناً منها بأهمية مبادرات النيابة وآثارها الإيجابية في النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية.وبهذه المناسبة نعرب عن شكرنا وتقديرنا البالغ لهذه الجهات كافة عما تبديه من تعاون بناء قائم على تفهمها وإدراكها أهمية هذه المبادرات.

«رعاية» و«حماية»

نرجو في هذا المعرض إعطاءنا فكرة موجزة عن مبادرات النيابة العامة التي أشرتم إليها، وبيان الغرض منها وما تحقق منها؟- الأمر يستلزم في البداية بيان رسالة النيابة العامة ومهامها؛ فالنيابة العامة كما هو معلوم تختص في الدعوى الجنائية وهي في هذا النطاق تعمل على حماية الحقوق العامة والخاصة، وتمكين كل فرد من الحصول على حقوقه بما يخولها القانون من صلاحيات، وإذا كان هذا هو دور النيابة العامة، فإن أولى مهامها هي المساهمة بفاعلية في مكافحة الجريمة، ويمتد ذلك إلى الجريمة العابرة للحدود في ضوء الاتفاقيات الدولية المنضمة إليها المملكة، ولهذا تعتمد النيابة العامة في خطتها المستدامة تطوير أدواتها وتنمية قدرات أعضائها من خلال التدريب المتعمق والمتخصص بشكل مستمر. وفي ذات السياق توسع من مساحة مساهماتها في مكافحة الجريمة بما تقدمه من مساهمات في مجال التوعية والتثقيف للحد من الجريمة والقضاء على بواعثها وأسبابها بقدر المستطاع.وفي هذا الصدد أطلقت النيابة العامة حتى الآن مبادرتين ذات طبيعة قانونية واجتماعية، الأولى هي مبادرة «رعاية» التي ترمي إلى إزالة الأسباب الاجتماعية أو الشخصية التي تقود إلى اقتراف الجريمة أو الوقوع ضحيتها وإحاطة جهات ومؤسسات الدولة المختصة بها لدراستها والعمل على تلافيها، وذلك برصد النيابة العامة حالات الأسر المتصدعة والمرأة المعنفة وجنوح الطفل أو تعرضه للخطر خلال إجراءات الدعوى الجنائية، والمبادرة بمخاطبة الجهات المعنية التي يُرى إمكانية الاستفادة من خدماتها في توفير الرعاية.كما أطلقت الحملة الوطنية لحماية الأطفال من الاستغلال والابتزاز الإلكتروني، والتي تهدف الإفاقة إلى صور جرائم الاستغلال والإيذاء الجنسي والنفسي والاقتصادي التي قد يتعرض لها الأطفال عند استخدامهم الإنترنت فضلاً على الابتزاز الإلكتروني لهذه الفئة واستغلالهم من بعد استدراجهم إلى إتيان أفعال مخلة على سبيل المثال لاستخدامها في السيطرة عليهم ودفعهم تحت وطأة التهديد بما أتوه إلى ارتكاب جرائم أو الاستيلاء منهم على أموال، وكذلك رفع ثقافة أولياء الأمور ومتولي مسؤولية الطفل بطرق الحماية الحديثة واستخدام تطبيقاتها الإلكترونية، فضلاً على طرق التعامل مع الحالات التي من الممكن أن تكون ضحية للاستغلال والابتزاز الإلكتروني، وحدود وضوابط السماح للأطفال بالتعامل مع الفضاء الإلكتروني واستعمالهم الوسائط المتصلة بالإنترنت.واستمراراً لجهود النيابة العامة في حماية ورعاية الأطفال وتحقيق مصالحهم الفضلى على نحو ما أوجب قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة، فقد وضعت النيابة العامة بمشاركة الجهات المعنية ذات الاختصاص نظاماً نموذجياً لإجراء المقابلات الموحدة مع الأطفال ضحايا جرائم الاعتداء الجنسي وفق أسس قانونية ونفسية، وذلك بسؤالهم في ظروف الجريمة وملابساتها لمرة واحدة في مراحل الاستدلال والتحقيق والمحاكمة، وذلك بغرض الحد من الأثر النفسي السلبي الذي يمكن أن يقع عليهم عند تعرضهم لمقابلات متعددة حول الجريمة وتكرار استدعائها في ذاكرتهم، وهذا جميعه مراعاة لخصوصية الطفل وتكوينه الشخصي والإنساني في هذه المرحلة العمرية. وقد تم تحديد قواعد العمل وسير الإجراءات على ذلك النحو استخلاصاً من أعمال لجنة شاركت فيها النيابة والجهات ذات الاختصاص، ووضع بهذه القواعد والنظم دليلاً استرشادياً اعتمده سعادة النائب العام، وتم تعميمه للعمل بموجبه.ما حجم الاستفادة المتحققة عن هذه المبادرات؟- هذه المبادرات وجدت في جانب منها لمواجهة الأسباب المؤدية إلى الجريمة فهي بمثابة مساعٍ للوقاية منها وللحد من آثارها الضارة، وترمي في جانب آخر إلى توفير الحماية القانونية والرعاية الاجتماعية التي من شأنها المساهمة في الجهود الوطنية المبذولة لتحقيق سياسات واستراتيجيات الدولة التي وجه بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم في مجالات التنمية المختلفة، وفي كفالة وضمان حقوق الأفراد والمجتمع ككل.وقد حققت عن هذه المبادرات فوائد جمة على المستويين الفردي والأسري لها مردود على الصالح العام، وكان ذلك نتيجة الرصد الدقيق للحالات الفردية والأسرية المحتاجة إلى الرعاية والحماية، والتعاون البناء من قِبل الشركاء في تقديم الخدمات المختلفة.وقد استفاد من مبادرة «رعاية «500» حالة وذلك منذ إطلاقها، منهم 359 طفلاً، و38 امرأة وذلك مما قدمه الشركاء من خدمات في مجالات التعليم والصحة وغيرها، فضلاً على ما تقدمه النيابة العامة والجهات المعنية من أوجه الحماية القانونية.

الصيد الجائر

كيف تتعامل النيابة العامة مع قضايا الصيد البحري المخالف للقانون وخاصة أن النيابة قد صرحت مراراً بشأن بعض هذه القضايا؟- النيابة العامة معنية بتطبيق القانون، صحيح أن جميع أنواع القضايا لها أهميتها، غير أن هناك أنواعاً من الجرائم ذات خطورة جسيمة، ومنها الواقعة على الثروة البحرية التي تعد من المقومات الاقتصادية المهمة في المملكة، حيث إن الصيد الجائر يمثل تهديداً كبيراً للثروة البحرية والتوازن البيئي، ويؤدي إلى استنفاد الأرصدة السمكية بمعدل أسرع من قدرتها على التجدد، ما يهدد العديد من الأنواع البحرية.إضافة إلى ذلك، يتسبب الصيد الجائر في قتل الأنواع غير المستهدفة بشكل عشوائي، وتؤدي هذه الممارسات إلى تعطيل سلاسل الغذاء البحرية، ما يؤثر سلباً على النظم البيئية البحرية والتنوع البيولوجي، ويهدد الأمن الغذائي، ومن الضروري التشديد على مخالفي القانون والقرارات الوزارية المنظمة لحماية الثروة البحرية وضمان مستقبل مستدام لها.ولذلك فإن النيابة العامة تولي حماية الثروة البحرية والمخزون السمكي اهتماماً كبيراً وهي محل متابعة مباشرة من سعادة النائب العام، وخلال الفترة من بداية العام الجاري 2024 حتى الآن باشرت النيابة العامة التحقيق والتصرف في 111 قضية تتعلق بمخالفة أحكام القانون تتمثل في الصيد باستخدام أدوات الصيد المحظورة كشباك الجرف العائمة وشباك الجر القاعية، فضلاً على صيد وحيازة وبيع الروبيان وأسماك الصافي والشعري والعندق خلال فترة الحظر، وصيد وتداول صغار الأسماك والصيد في المناطق المحمية، والصيد التجاري بدون ترخيص.

كما باشرت النيابة أيضاً التحقيق والتصرف في قضايا مقيدة بشأن تصدير الأسماك بالمخالفة لأحكام القانون، أحيل منها 43 قضية إلى المحكمة المختصة، إذ بلغت كميات الكائنات البحرية المصادرة في جميع تلك القضايا أكثر من طنين، فيما صدرت أحكام بمصادرة القوارب والأدوات المستخدمة في الصيد المخالف.

جرائم الاحتيال الإلكتروني

الملاحظ من المتابعة أن هناك كثرة في بلاغات التعرض للاحتيال الإلكتروني، فكيف تتعامل النيابة العامة مع هذه البلاغات، وخاصة حينما تكون الجريمة عابرة للحدود؟- لإدراكنا خطورة هذه الجرائم، ولاحتياجها في كثير من الأحوال إلى اتخاذ العديد من الإجراءات القضائية المتعلقة بضبط الدليل وملاحقة الجناة والأموال، أُنشِئت نيابة الجرائم الإلكترونية بموجب قرار النائب العام رقم 59 لسنة 2022، ومن ضمن اختصاصاتها التحقيق والتصرف في جرائم الاحتيال الإلكتروني، وتجري التحقيقات فيها في موالاة وتتابع غير منقطع، وتتسم الإجراءات المتخذة من قبل النيابة بالسرعة لغرض أولي مهم هو وقف المشروع الإجرامي مع أول حركة له بالحيلولة دون تمكن الجناة من الاستيلاء فعلياً على الأموال موضوع الجريمة، ويجري العمل على رصد أدلتها الإلكترونية، وتحديد مآل هذه الأموال والحسابات البنكية التي تداولت عبرها والتحفظ عليها، وقد يلزم الأمر في كثير من الأحوال توجيه طلبات إنابة قضائية إلى السلطات القضائية بالدول الأجنبية لمباشرة جانب من إجراءات التحقيق المتعلقة بجمع المعلومات والملاحقة كسماع أقوال الشهود واستجواب المتهمين والتحفظ على الأموال واستردادها. كما أنه بحسب الظروف الواقعية للجريمة تباشر نيابة الجرائم المالية وغسل الأموال تحقيقات موازية بشأن ما قام من شبهات بإجراء الجناة عمليات غسل الأموال لإضفاء المشروعية عليها.

مركز عمليات افتراضي

جدير بالذكر في هذا المقام أن النيابة العامة في إطار ما توليه من اهتمام بمكافحة الاحتيال الإلكتروني، نظمت طاولة مستديرة بالتعاون مع مصرف البحرين المركزي وعدد من البنوك والمؤسسات المالية بمقر معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية، الذي نخصه بالشكر الجزيل على استضافته العديد من فعاليات النيابة العامة، وتمخضت عنها عدة توصيات انعكست إيجاباً على معدلات ارتكاب جرائم الاحتيال الإلكتروني، ومنها ما هو في طور التنسيق كإنشاء مركز عمليات افتراضي لمكافحة الاحتيال الإلكتروني وضم ممثلين من وزارة الداخلية والمؤسسات المالية والمصرفية، يضع في أولى مهامه تلقي البلاغات واتخاذ الإجراءات العاجلة في التحفظ على الحسابات البنكية المشتبه بها ومنع انتقال الأموال إلى خارج البلاد، فضلاً على اقتراح تعـزيـز سياسة الأمن المصرفي بتشديد إجراءات التدقيق في هويـة العمـلاء عند فتح الحسابات، وهو ما تم تنفيذه بتشديد الإجراءات المعمول بها لدى المصرف تجاه المصارف والمؤسسات المخالفة، إلى جانب اقتراح زيادة الأمن المعلوماتي من خلال تضمين الرقم السري المؤقت بيانات المعاملة المصرفية أو الإجراء المصرفي المطلوب، والنظر في إجراءات إعادة تثبيت تطبيقات الدفع الإلكتروني، وهو ما انعكس على أرض الواقع من خلال زيادة مستويات الأمان لدى شركات الدفع الإلكتروني بتطبيق نظام المصادقة الثنائية، والتفعيل عن طريق بصمة الوجه وعدم الاكتفاء برمز التحقق، بالإضافة إلى إرسال رسائــــــــل نصية للمستخدمين تفيد بنوع المعاملة ومقدار المبلغ المسحوب من حساباتهم.مكافحة الاتجار بالبشرلقد أعلن عن تبوء البحرين مكانة دولية متقدمة في مكافحة الاتجار بالأشخاص، فما هو دور النيابة العامة في إحراز هذه المكانة؟- تبوء مملكة البحرين الفئة الأولى في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية الخاص بمكافحة الاتجار بالأشخاص سبع سنوات على التوالي جاء بناءً على ما تتخذه مملكة البحرين من إجراءات تشريعية وتنفيذية وقضائية لمكافحة هذه الجريمة، والجهود والمساعي الجادة التي تبذلها المؤسسات المختصة لمكافحة هذه الجرائم، والنيابة العامة في مقدمة هذه المنظومة، وفي طليعة السلطات المعنية، وهي تولي ذلك النوع من القضايا اهتماماً كبيراً، فبالإضافة إلى ما تضطلع به نيابة الاتجار بالأشخاص من مهام في إطار اختصاصها بالتحقيق والتصرف في الجرائم المنصوص عليها في القانون، ومتابعة القضايا ومباشرتها أمام المحاكم المختلفة، ومراجعة ما يصدر عنها من أحكام وتقدير ملاءمة الطعن فيها، وكذلك زيارة مراكز إيواء المجني عليهم وإعداد التقارير بما تسفر عنه تلك الزيارات، فإنها تحرص على تزويد الجهات الرسمية ذات الصلة بالبيانات والإحصائيات اللازمة لقضايا الاتجار، وبما يتكشف لها من طرائق مستحدثة في ارتكاب الجريمة.كما تنظم النيابة الدورات التدريبية وورش العمل التخصصية لمأموري الضبط القضائي في كيفية التعامل مع تلك الجرائم ورصد الأدلة وتطبيق أحكام القانون في شأن حماية المجني عليهم وتوفير الرعاية لهم اتساقاً مع المعايير والمبادئ الدولية.هذا وخلال الفترة من بداية عام 2023 حتى الآن باشرت النيابة العامة التحقيق في 77 قضية قيدت عن وقائع أثيرت فيها شبهة جريمة الاتجار بالأشخاص، وقد أحالت منها 27 قضية إلى المحكمة المختصة فيما أصدرت العديد من القرارات والأوامر ذات الصلة بتوفير الحماية القانونية للمجني عليهم.

حماية الأسرة

على أي نحو تباشر النيابة العامة اختصاصاتها في تطبيق قانون حماية الأسرة من العنف الأسري والعدالة الإصلاحية للأطفال؟- هذه النوعية من القضايا تتولاها بالتحقيق والتصرف نيابة الأسرة والطفل، التي مرت بتطورات عدة منذ تأسيس النيابة العامة، وقد تم تطويرها ودعمها لتكون قادرة على تطبيق أحكام قانون حماية الأسرة من العنف الأسري وقانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة وقانون الطفل بما يحقق غايتهم التشريعية، وجدير بالذكر أن اتخاذ القرارات والتصرف في القضايا المتعلقة بالخصومة الجنائية في دائرة الأسرة، يتم بروية بعد دراسة متأنية للبعد الاجتماعي والآثار المترتبة عليها حفاظاً على الوشائج الأسرية، ولهذا لا تتصرف النيابة في هذه القضايا بالإحالة إلى المحاكم إلا في أضيق الحدود كي لا تعظم الضغائن بين أفراد الأسرة فيما تعمل في المقابل بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية على توفير الحماية اللازمة مع ضبط العلاقات وتقويم السلوك داخل الأسرة.كما تراعي النيابة المصالح الفضلى للطفل التي جعل لها القانون الأولوية في كل الإجراءات والتصرفات، وهي ملتزمة بالضوابط المنصوص عليها في قانون العدالة الإصلاحية للأطفال والخاصة بالمعاملة الجنائية للطفل وحمايته من سوء المعاملة التي تتفق والمعايير والمبادئ الدولية في هذا الشأن، ومن ذلك شمول الطفل بمعاملة خاصة تتفق وسنه وحالته الشخصية والنفسية، بما يضمن حقوقه في الخصوصية، وفي التمثيل القانوني وحصوله على المساعدة القانونية والقضائية، وفي الاستماع إليه وتفهم متطلباته، وتوفير الحماية والمساعدة الصحية والاجتماعية له.وجدير بالذكر أن هناك تعليمات من سعادة النائب العام لأعضاء النيابة بضرورة التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية بشؤون الطفل والأسرة لتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة بما يحقق مصلحة الطفل ويوفر حمايته، وحتى يمكن الوقوف على الأسلوب الأمثل في التعامل مع وقائع العنف الأسري والحد منها.

تمكين المرأة

ما هي خطوات النيابة العامة لتعزيز وتمكين المرأة في عمل النيابة؟- لم يغب دور المرأة في النيابة العامة، ولها مساهماتها البارزة في أعمالها؛ فالنيابة تحرص منذ إنشائها على إعمال مبدأ المساواة بين الجنسين القائم على توافر الخبرة والكفاءة، وتطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص تولت المرأة في النيابة العامة رئاسة العديد من النيابات والمكاتب المتخصصة، علماً أن لدى النيابة لجنة تكافؤ الفرص التي تعنى بمتابعة تحقيق التوازن بين الجنسين وتقديم التوصيات في هذا الشأن.

الذكاء الاصطناعي

ما هي صور التطوير المستقبلية لدى النيابة؟- النيابة العامة لديها خطة مستدامة لتنمية قدراتها، والتطوير والتحديث هو أمر ضروري لتدبير القدرة على التطبيق الأمثل لأحكام القوانين ومواكبة ما يستجد منها وتحقيق مقاصد هذه القوانين الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، والغرض من ذلك أن تبلغ النيابة العامة أفضل مستوى في الأداء، وتكون قادرة بشكل تام على إنفاذ القانون وتحقيق العدالة الناجزة وضمان الحريات العامة والخاصة وحمايتها وفقاً لأحكام القانون.والتطوير وفق هذه الخطة ينصب على منظومة العمل من حيث هيكلته وأسلوبه، وطرق التحقيق والتصرف في الدعوى الجنائية، ويشمل دائماً تنمية قدرات أعضاء النيابة العامة وموظفيها ودعم البحث القانوني والعلمي، وحالياً تتخذ النيابة خطوات متقدمة في التحول الرقمي، وتسعى بكل جدية لإنجاز مشروعها في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وفق معايير شكلية وموضوعية ضامنة للعدالة.ما هي صور التطوير المستقبلية لدى النيابة؟- النيابة العامة لديها خطة مستدامة لتنمية قدراتها، والتطوير والتحديث هو أمر ضروري لتدبير القدرة على التطبيق الأمثل لأحكام القوانين ومواكبة ما يستجد منها وتحقيق مقاصد هذه القوانين الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية، والغرض من ذلك أن تبلغ النيابة العامة أفضل مستوى في الأداء وتكون قادرة بشكل كامل على إنفاذ القانون وتحقيق العدالة الناجزة وضمان الحريات العامة والخاصة وحمايتها وفقاً لأحكام القانون. والتطوير وفق هذه الخطة ينصبّ على منظومة العمل من حيث هيكلته وأسلوبه، وطرق التحقيق والتصرف في الدعوى الجنائية، ويشمل دائماً تنمية قدرات أعضاء النيابة العامة وموظفيها ودعم البحث القانوني والعلمي. وحالياً تتخذ النيابة خطوات متقدّمة في التحول الرقمي واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وذلك من خلال تقديم الوثيقة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي والتي اعتمدها النواب العموم والمدعون العامون بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتضمّنت الوثيقة (19) مادة قانونية، وضمت في متنها (8) مبادئ رئيسة تتعلق بأهمية تحقيق العدالة والإنصاف عند تفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما تشدد الوثيقة على ضرورة وجود رقابة على مخرجات هذه التطبيقات، سواء فيما يتعلق بالقرارات المتخذة أو الأحكام الصادرة. كما تلتزم بمبدأ الشفافية من خلال إعلام الأطراف المعنية بطرق اتخاذ القرارات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأن يتصف ذلك الإعلام للغير باليُسر والوضوح. بالإضافة إلى ذلك، يجب تزويد هذه الأنظمة بقيم إنسانية تسمح لها باحترام مبدأ سيادة القانون وحقوق الإنسان، مع توفير مستوى عالٍ من الأمان والسرية للبيانات والمعلومات. كما يتعيّن أن يستمر تقييم وتطوير هذه الأنظمة بما يتماشى مع ترشيد الطاقة واستدامة الاستخدام، مع تحقيق توازن بين متطلبات الخصوصية والحقوق الفردية وتعزيز الابتكار.وقد أصدر النائب العام الدكتور علي بن فضل البوعينين القرار رقم (13) لسنة 2024 بشأن العمل بوثيقة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في أعمال النيابة العامة والادعاء العام بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.