أيمن شكل

كلمات بسيطة وصريحة، تحدث بها آسيوي يعمل في مهنة غسيل السيارات بأحد شوارع منطقة الحد، حيث كشف عن أدق تفاصيل حياته في البحرين منذ أن حضر في 2014، وخالف الإقامة بعد سنتين، كيف يسكن ويأكل وكم يكسب من تلك المهنة حيث يجمع 300 دينار من غسيل السيارات ويأكل ويسكن بـ23 ديناراً شهرياً.

وفي حوار مع "الوطن" أكد "العامل الهارب" - الذي كان معلماً في بلده - أنه سيستغل الفرصة التي أتاحها فيروس كورونا (كوفيد 19)، للعودة إلى بلده.



كيف حضرت إلى البحرين ومتى؟

- لم أكن أسمع عن البحرين، حيث أعيش في قرية نائية ببنغلاديش وأعمل معلماً في مدرسة أطفال، ولم يكن الراتب يكفي أسرتي، ولكن جاء أحد الأصدقاء وعرفني بشخص قال إنه يعمل في البحرين ودخله ممتاز، فطلبت منه أن يقابلني به، وعندما التقيته عرض علي القدوم للعمل في البحرين مقابل دفع 180 ألف تاكا، وهو يعتبر مبلغاً كبيراً جداً، إلا أنه أكد لي أنني سأستعيد ما دفعته خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر، فقررت اقتراض المبلغ وبيع قطعة أرض لكي أتمكن من شراء تذكرة السفر.

وحضرت إلى البحرين في بداية عام 2014، حيث استقبلني صديقي وأخذني إلى سكن في المحرق به عمال من بنغلاديش، وعرفني على بعضهم والذين كانوا يسكنون في البيت بنظام إيجار السرير مقابل 8 دنانير في الشهر وتحتوي الغرفة على 8 أسرة والبيت عبارة عن طابقين في الطابق الأول 5 غرف والثاني 4 غرف، ونتشارك المطبخ والحمامات في بعض الغرف وأخرى خارجها، ولكن هناك نظام متبع بين السكان، لأن بعضهم يعمل مساء ويعمل آخرون في النهار، وهو ما يسمح لنا بوجود متوسط في السكن لأن العدد كبير.

- هل يعلم صاحب البيت عدد الساكنين فيه؟

حقيقة لا أعرفه ولكن هناك وسيط مسؤول عن البناية وهو الذي يجمع الإيجار ويسلمه لصاحب البيت، لكن من المؤكد أنه يعرف التفاصيل، فقد علمت من أحد الأشخاص الساكنين أن الشرطة حذرته بضرورة تجديد البيت وأيضاً بضرورة تحذير السكان من استخدام سلندرات الغاز الصغيرة، لكن لا يوجد التزام كامل من القاطنين في المسكن.

- هل كل سكان المنزل من عمال غسيل السيارات؟

لا بل هناك موظفون في شركات يفضلون توفير المصروفات لأن بعضهم يتقاضون رواتب تبدأ من 180 ديناراً ولا تتجاوز 300 دينار.

- هل تعرف كفيلك؟

لم أره أبداً، ولكن تابعت مع أحد المخلصين إجراءات إقامتي عندما حضرت للبحرين، وبعد انتهاء الإقامة لم أجددها.

- ما هو عملك وما متوسط دخلك منه؟

أعمل في غسيل السيارات بمنطقة الحد، وأفضل المناطق الداخلية الهادئة حتى أكون بعيداً عن الرقابة لأن إقامتي منتهية، بعد سنتين من قدومي ولم أتمكن من تجديدها.

- كم يبلغ متوسط دخلك الشهري

متوسط دخلي 300 دينار شهرياً، أدفع منها 8 دنانير لإيجار سرير في الغرفة بالسكن، و15 ديناراً لمطعم يقدم وجبتي غداء وعشاء لمدة شهر.

- وهل هناك مناطق تستطيع منحك دخلاً أفضل من هذا؟

المنامة تعتبر من أفضل أماكن العمل، وربما يصل الدخل الشهري لمن يعملون هناك إلى 500 دينار، كما أن تلك المناطق تظل تحت سيطرة جماعات معينة، هم الذين يمنحون الموافقة على العمل أو رفضها، وقبل كل شيء تحتاج إلى إقامة سارية، وتبقى منطقة المنامة حتى في ظل الإقامة المشروعة من المناطق الخطرة، لأن الوجود في شوارع مفتوحة وتجارية ربما يعرضنا لخطر القبض علينا فكما تعلم مهنة غسيل السيارات ليست مقننة.

- لماذا لم تفكر في تعديل وضعك واستخراج فيزا مرنة؟

الفيزا المرنة تكلف العامل حوالي 60 ديناراً شهرياً، وهذا يعتبر مبلغاً كبيراً، وهناك عمال كثيرون اضطروا للجوء إليها لتفادي مطاردات الشرطة، لكنها تعتبر مناسبة لأي شخص لديه حرفة مثل صيانة الكهرباء أو الأعمال الصحية أو البناء، وهؤلاء يعملون بالساعة ويستطيعون تحقيق مكسب يكفي لدفع التكاليف الشهرية لتلك الفيزا، أما بالنسبة لي، فهي غير مجدية.

- ماذا لو مرضت واحتجت لطبيب؟

حدث أن تعرضت لأمراض مثل البرد والسعال، وتلك الأمور لا تحتاج لاستشارات طبية متخصصة، لكن أحد أصدقائي أصيب بمغص حاد لم نتمكن من معالجته بالبنادول، فقمنا بنقله إلى طبيب خاص والذي أكد أنه يحتاج لعملية استئصال الزائدة الدودية، وبالفعل أجرى له العملية ودفعنا 300 دينار وقتها.

- هل جنيت مبلغاً مرضياً خلال الفترة التي عملت فيها بالبحرين؟

نعم.. حيث قمت بتسديد القرض الذي أخذته قبل سفري واشتريت قطعة أرض أكبر من التي بعتها، وأرسل لعائلتي مصروفاً شهرياً ملائماً، ولدي رصيد أستطيع من خلاله تأمين حياتي عند العودة.

- ومتى ستعود إلى بنغلاديش؟

الأمور تزداد صعوبة في الرزق حالياً بسبب فيروس كورونا (كوفيد 19)، وهناك بعض الزبائن الذين ألغوا الاتفاق معنا خوفاً من نقل العدوى، مع أننا أيضاً نحمل نفس الشعور ونتعرض للمخاطر في هذه الفترة، لكن كما للفيروس سلبياته فإن هناك بعض الإيجابيات، وتمثل الإجراءات التي اتخذتها البحرين بالنسبة لمخالفي الإقامة بسبب كورونا (كوفيد 19) فرصة ذهبية بالنسبة لي، حيث سأقوم بتصحيح أوضاعي والسفر في أقرب وقت ممكن، عندما تعود حركة الطيران مرة أخرى.

- كم عدد أفراد أسرتك ومتى آخر مرة رأيتهم؟

تركت طفلين "ابن 7 سنوات وبنت 9 سنوات" عندما غادرت بنغلاديش، وأراهم فقط عبر الهاتف كلما تسنح لهم فرصة وجود إنترنت لأنهم في قرية نائية ولا يوجد فيها الكثير من وسائل الاتصالات الحديثة، وأشتاق لرؤيتهم واحتضانهم، ولذلك قررت العودة في أقرب فرصة.

- هل تعرضت لمطاردة الشرطة خلال السنوات الماضية التي قضيتها في البحرين؟

لله الحمد لم يحصل معي، لكن أعرف كثيرين تم القبض عليهم وترحيلهم، فهناك أشخاص يأتون إلى البحرين ولا يعرفون الأماكن والمهن الخطرة، فعلى سبيل المثال الذين يقومون ببيع الورود والمياه عند إشارات المرور، هم الأكثر تعرضاً لخطر القبض عليهم، ونحن نحذر القادمين، لكن بعضهم لا يستوعب التحذير ويتم القبض عليهم.

- ما هو رأيك في المجتمع البحريني

أنا لم أذهب لأي دولة أخرى، لكني أسمع من أصدقائي أن البحرين أكثر دولة خليجية يمكن أن يعيش فيها الأجنبي بأمان، كما أن أهلها طيبون مقارنة مع شعوب خليجية أخرى - بحسب ما سمعت – وهذه الطيبة ألمسها بالفعل في الناس دوماً وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث أتوقف عن التعامل مع المطعم لأننا نحصل على الطعام من المساجد والجمعيات الخيرية وكثير من أهل الخير.

- عندما تغادر.. هل ستفكر في العودة مرة أخرى؟

ربما.. لكن في الوقت الراهن سأعود إلى عملي كمدرس، وأريد البقاء مع أسرتي ومحاولة توفير حياة كريمة لهم.