الحرة

بعد الخضة التي تسبب فيها إفلاس منصة FTX للعملات المشفرة، قلق جديد خيم على المستثمربن في مجال العملات الرقمية بعد موجة سحب أموال هائلة من أكبر منصة للعملات الرقمية (بايننس).

وسحب مستثمرون ما يصل إلى 3 مليارات دولار من بايننس، الثلاثاء، وفقا لـ"نانسين" المهتمة بتحليل سلسلة الكتل (بلوكتشين).

لماذا هذا السحب الكبير؟

يعزو تقرير لـ"سي أن أن بيزنيس" ذلك، إلى الجو السلبي السائد في سوق العملات الرقمية والذي أخاف مستخدمي أكبر بورصة لهذه العملات في العالم.

وقال مدير المحتوى في "نانسين"، أندرو ثورمان، لـ"سي أن أن" إن بايننس شهدت "هذا الارتفاع في السحب بعد نشر تقرير عن التحقيق الجاري من قبل وزارة العدل الأميركية في البورصة الأمر الذي أدى إلى توتر المستثمرين".

والعامل الثاني الذي أدى إلى زعزعة الوضع، هو الكشف عن أن "مساهم كبير في السوق قد سحب مبالغ ضخمة من بايننس من دون أن يودع خلال الأسابيع الماضية".

وهذه العوامل أدت إلى خلق حالة في الذعر في الأسواق.

هل وضع بايننس مثل FTX؟

أكد الرئيس التنفيذي لـ"نانسين" أليكس سفانيفيك لـ"سي أن بي سي" أن "وضع بايننس يختلف تماما عما حصل مع "FTX".

وأوضح أن "بايننس لديها أصول بقيمة 60 مليار دولار، وعمليات السحب تشكل نسبة صغيرة منها".

وضمن الإطار، صرح الرئيس التنفيذي لشركة بايننس تشانغبينغ تشاو أن البورصة شهدت عمليات سحب بنحو 1,1 مليار دولار، وفق سي أن أن.

وطمأن تشاو خلال حديث على تويتر، الأربعاء، أن "الأموال تتدفق من جديد إلى المنصة"، واصفا عمليات سحب الأموال التي حصلت بأنها "سلوك طبيعي للغاية في السوق".

وقال تشاو، إن بعض المستثمرين انسحبوا من قطاع العملات المشفرة بعد انهيار FTX في نوفمبر.

وتعليقا على هذا الانسحاب، يعتبر تشاو أن الضرر الذي ألحق بعض المستثمرين من FTX، جعل البعض يعتقد أن جميع منصات العملات الرقمية الأخرى سيئة، لكنه أوضح أنه "إذا كان أحد البنوك سيئا فهذا لا يعني أن جميع البنوك الأخرى مثله".

وأدت المخاوف بشأن القطاع إلى انخفاض أسعار العملات الرقمية. ووصلت البيتكوين إلى ما دون الـ18 ألف دولار، بانخفاض يزيد عن 60 في المئة منذ بداية العام.

وتخضع أعمال شركة بايننس بدورها للتدقيق بعد إفلاس FTX، حسب ما ورد في تقرير سي أن أن بيزنيس.

وقال تشاو، الأربعاء، إن الوضع "استقر" في بورصة العملات بايننس، وذلك، في محاولة لتهدئة مخاوف المستثمرين بعد أن اضطرت الشركة إلى وقف عمليات السحب.

هل يجب أن يسحب المستثمرون أموالهم من منصات العملات الرقمية؟

يسدي استشاري العملات الرقمية، نادر الديراني، نصيحة للمستثمرين في هذا المجال، قائلا إنه "يجب استخدام منصة بايننس للتداول، واستخدام محفظة مستقلة "Software wallet" مثل "TrustWallet" أو "Hardware Wallet" مثل "Ledger" للاحتفاظ بالعملات التي يملكها الفرد.

ويوضح أن المنصات للتداول فحسب، وليست المكان المناسب للاحتفاظ بممتلكات الشخص من العملات الرقمية.

ويقول الديراني إنه وفق الاحصاءات وتحليل بيانات منصات التداول، انخفض مخزون محفظة منصة بايننس بنسبة 8 في المئة من البيتكوين، وخلال نوفمبر عاد المخزون وارتفع 24 في المئة بينما كانت منصة FTX تنهار.

وقال إنه وفق تصريح تشاو، الأربعاء، فإن مجموع سحوبات المستخدمين من منصة بايننس وصلت إلى نحو 6 مليارات دولار، بينما الإيداعات تجاوزت 6,5 مليارات.

وأكد الديراني أن بايننس الأولى عالميا بفارق ضخم عن المنافس في المرتبة التالية، وهي تقود سوق العملات الرقمية، خصوصا من ناحية الاستحصال على تراخيص من العديد من الدول، مثل فرنسا وإسبانيا والإمارات وغيرها.

انفجار "فقاعة" العملات الرقمية؟

اعتبر خبير الأسواق المالية نديم السبع، في حديث سابق مع موقع "الحرة" أن FTX ليست أول منصة تفلس، ولن تكون الأخيرة، فإن منصات تداول عملات رقمية أخرى ستتهاوى تباعا كـ"الدومينو".

لكنه أشار إلى أنه "لا يمكن القول إن عصر التشفير انتهى لأن السوق أكبر من مجرد منصة تداول، ففكرة البلوكتشين أوسع من مجرّد عملة رقمية تتداول وتتهاوى".

وتابع أن ما يحصل هو غسل للسوق بحيث تُنظّف من كل المنصات التي كانت تستخدم أموال الناس من أجل استثمارات مشبوهة. وهذا الأمر يؤدي الآن إلى العديد من الخسائر.

ويمر عصر التشفير بمرحلة حساسة، لكنها لن تقضي عليه، بل سيستمر بشكل مختل، وفق السبع.

وأكد أنه "في سوق العملات الرقمية من الطبيعي أن تخسر الناس أموالها، بخاصة أنهم يستثمرون بأصول ذات درجة أخطار مرتفعة.

من جهته، أوضح الخبير المالي دان قزي، الذي يعرف عن نفسه أنه معارض للعملات الرقمية، بوقت سابق في حديث لموقع "الحرة"، أن "هذه العملات ليست سوى احتيال يغر الناس، ونهايتها الانهيار الكلي"، وأضيف أن "هذا الانهيار لن يحصل الآن".

فالنسبة لقزي، يجب أن يحصل أمران كي تنهار العملات الرقمية بشكل كلي:

بداية، يترتب الانتهاء من ظاهرة التقليد الأعمى، بعد أن يعجز الأشخاص الذين خسروا أموالهم في هذه العملات من الدخول مجددا إلى المضاربة، وتاليا لن يكونوا عاملا محفزا للآخرين كي يقلدوهم.

ومن ناحية ثانية، يجب أن تحصل عملية محاسبة تؤثر في الأسواق، فالعملات المشفرة غير مراقبة، وكل ما هو ممنوع في الأسواق العادية مسموح في سوق العملات الرقمية، وهذا يؤدي إلى استغلال العديد من المؤسسات لهذا الوضع، والاستفادة من الناس التي لا تعلم كثيرا عن المجال.

ويشير إلى أهمية "تدخل السلطات في عالم التشفير، أو وضع حد له من خلال محاسبة المؤسسات الخارجة عن القانون، وقد تكون حادثة FTX عبرة في هذا المجال".

إلا أن الرئيس التنفيذي لـ"كوين بايس" (CoinBase) برايان أرمسترونغ كان لديه رأي مختلف، فقد اعتبر في مقال كتبه في موقع "سي أن بي سي" أن "سقوط FTX حصل نتيجة لممارسات تجارية محفوفة بالمخاطر وغير أخلاقية، بما في ذلك تضارب المصالح بين الكيانات المتشابكة، وكذلك قرار إقراض أصول العملاء من دون إذن".