وكالات


قال الرئيس الأميركي جو بايدن، في خطاب الاتحاد أمام الكونجرس، الثلاثاء، إنه "إذا هددت الصين سيادتنا فسنرد لحماية أنفسنا، وقد فعلنا"، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستقف إلى جانب أوكرانيا "مهما استغرق الأمر".

وشدد على أن الولايات المتحدة الآن في أقوى وضع منذ عقود لمنافسة الصين أو أي دولة أخرى، وأضاف: "لم يكن أبداً رهاناً جيداً أن تراهن ضد أميركا".

وتأتي هذه التصريحات بعد أيام من توتر مع الصين، إثر قيام سلاح الجو الأميركي بأمر مباشر من بايدن، بإسقاط منطاد صيني حلّق فوق الأراضي الأميركية، قالت واشنطن إنه مخصص لـ "التجسس"، ما دفع وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى إرجاء زيارة كانت مقررة إلى بكين، إلى موعد غير محدد.


وألقى بايدن (80 عاماً) خطابه في مبنى الكابيتول أمام حضور يشمل أعضاء الكونجرس بمجلسيه والغالبية العظمى من المسؤولين الكبار في الإدارة، إضافة الى جمهور عريض عبر شاشات التلفزيون، مدعوماً بأنباء عن استعادة اقتصاد البلاد عافيته من تبعات الجائحة، وتراجع البطالة إلى مستويات هي الأدنى منذ عقود.

ويأتي الخطاب بعدما أظهر استطلاعين للرأي، أجريا في الآونة الأخيرة، أن أكثر من نصف الناخبين يرفضون ترشح بايدن لولاية رئاسية ثانية في 2024.

دعوة الجمهوريين للتعاون

وتوجه بايدن إلى الجمهوريين قائلاً إنه "يمكننا العمل سوياً"، داعياً إياهم إلى التعاون لرفع سقف الدين.

وأضاف أنه "لا يوجد ما يمنع من العمل سوياً في الكونجرس الجديد، طالما عملنا سوياً في الكونجرس الماضي"، داعياً إلى وقف "القتال لمجرد القتال".

وقال الديمقراطي بايدن: "كثيراً ما قيل لنا إن الديمقراطيين والجمهوريين لا يستطيعون العمل معاً. ولكن على مدى العامين الماضيين، أثبتنا خطأ المتشككين والمعارضين".

وأضاف: "أقول لأصدقائي الجمهوريين إنه إذا كنا قد تمكنا من العمل معاً في دور الانعقاد السابق للكونجرس، فلا يوجد سبب يمنعنا من العمل معاً والتوصل إلى إجماع على أشياء مهمة في دور الانعقاد الحالي أيضاً".

وجلس رئيس مجلس النواب، الجمهوري كيفن مكارثي، خلف بايدن لأول مرة.

وقال بايدن "السيد رئيس مجلس النواب، لا أريد أن أشوه سمعتك، لكنني أتطلع إلى العمل معك"، ليطلق بكلماته تلك ضحكات المشرعين.

ويسيطر الجمهوريون بأغلبية ضئيلة على مجلس النواب، في حين يسيطر الديمقراطيون بأغلبية ضئيلة أيضاً على مجلس الشيوخ.

ويواجه بايدن مشرعين جمهوريين متحمسين لوضع بصمتهم المحافظة على السياسة الأميركية بعد 4 سنوات من سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب.

ومن الاختبارات المهمة لهذا التحدي بين الحزبين، ضغط البيت الأبيض لرفع سقف الديون البالغ 31.4 تريليون دولار والذي يجب رفعه قريباً لتجنب التخلف عن السداد.

وقال البيت الأبيض إن بايدن لن يتفاوض بشأن هذه الضرورة، إذ يريد الجمهوريون خفض الإنفاق مقابل دعمهم.

وتابع بايدن في الخطاب، أن الشعب أرسل إلينا رسالة واضحة. القتال من أجل القتال، والسلطة من أجل السلطة، والصراع من أجل الصراع، لا يوصلنا إلى أي مكان"، مضيفاً: "كانت هذه دائماً رؤيتي للبلد: استعادة روح الأمة، وإعادة بناء العمود الفقري لأميركا: الطبقة الوسطى، لتوحيد البلاد. لقد تم إرسالنا إلى هنا لإنهاء المهمة!".

وشدد على أن "قصة أميركا هي قصة تقدم ومرونة... نحن الدولة الوحيدة التي خرجت من كل أزمة أقوى مما كانت عليه عندما دخلناها. هذا ما نفعله مرة أخرى"، مشيراً إلى أن فيروس كورونا "لم يعد يسيطر على حياتنا"، كما "واجهت ديمقراطيتنا أكبر تهديد لها منذ الحرب الأهلية"، وذلك في إشارة إلى اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب الكونجرس. ولكن بايدن شدد على أنه رغم الكدمات، لا تزال ديمقراطيتنا غير منقسمة وغير منقطعة".

"وضع اقتصادي أفضل"

وفيما يتعلق بالاقتصاد، شدد بايدن على أنه "قبل عامين، كان اقتصادنا يترنح. أما الآن، حطمنا رقماً قياسياً يبلغ 12 مليون وظيفة جديدة، تم خلق وظائف جديدة في غضون عامين أكثر مما خلقه أي رئيس في أي وقت مضى خلال 4 سنوات". وتابع: "قبل عامين، أغلق فيروس كورونا أعمالنا ومدارسنا، وسرقوا منا الكثير".

واعتبر أن الاقتصاد الأميركي في وضع أفضل للنمو أكثر "من أي بلد آخر على وجه الأرض"، على الرغم من التحديات التي فرضها وباء كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال بايدن: "الوباء عطّل سلاسل إمداداتنا وحرب بوتين الجائرة والوحشية في أوكرانيا عطّلت إمدادات الطاقة إضافة إلى إمدادات المواد الغذائية"، مضيفاً: "لكننا في موقع أفضل من أي بلد آخر على وجه الأرض".

وأشار إلى أن خطته الاقتصادية "تتعلق بالاستثمار في الأماكن والأشخاص الذين تم نسيانهم. وسط الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها العقود الأربعة الماضية، تُرك الكثير من الناس، أو يعاملون كما لو كانوا غير مرئيين".

ولفت إلى أنه "هذا هو السبب في أننا نبني اقتصاداً لا يُترك فيه أحد. تعود الوظائف، ويعود الفخر، بسبب الخيارات التي اتخذناها في العامين الماضيين. هذا مخطط لإعادة بناء أميركا، وصنع فرق حقيقي في حياتك".

أزمتي الطاقة والمناخ

واتهم بايدن شركات النفط الكبرى باستغلال أزمة موارد الطاقة الأخيرة للتربح، مطالباً بفرض بزيادة ضريبية كبيرة على عمليات إعادة شراء أسهم الشركات لتوجيهها للاستثمار أكثر في الإنتاج، وفقاً لـ"فرانس برس".

وقال بايدن: "العام الماضي حققوا أرباحاً بلغت 200 مليار دولار في خضم أزمة طاقة عالمية. أعتقد أن هذا أمر فاحش".

كما دعا الرئيس الأميركي الى فرض حد أدنى للضريبة على أصحاب المليارات، قائلا "لا يجب أن يدفع أي ملياردير معدل ضرائب أقل من مدرّس أو رجل إطفاء".

ووصف أزمة المناخ بأنها "تهديد وجودي"، مشيراً إلى أنه "فخور" بتصدي بلاده لهذا التحدي على الرغم من أن الاقتصاد سيستمر في الاعتماد على النفط والغاز في المستقبل القريب.

وقال بايدن في خطاب حالة الاتحاد: "أزمة المناخ لا يهمها إن كنت في ولاية حمراء أو زرقاء. إنها تهديد وجودي. لدينا التزام ليس تجاه أنفسنا بل تجاه أطفالنا وأحفادنا لمواجهة هذه الأزمة".

"وحشية الشرطة"

وأكد بايدن أن الولايات المتحدة "لا تستطيع تجاهل" مشكلة وحشية الشرطة، وقال بحضور ذوي تايري نيكولز الشاب الأميركي من أصل إفريقي، الذي توفي مطلع يناير بعد أيام على تعرضه للضرب من قبل الشرطة: "علينا جميعاً في هذا المجلس أن نرتقي إلى مستوى المناسبة. لا يمكننا أن نغض النظر عن ذلك". وأضاف: "دعونا نجتمع وننهي مهمة إصلاح الشرطة".

وقبل ذلك، رحب بايدن بوالدة نيكولز وزوجها وسط تصفيق النواب، وقال: "ليس هناك كلمات لوصف الألم أو الحزن لفقدان طفل، لكن تصوروا فقدان ابن لكم بأيدي الشرطة".

وأضاف: "تصوروا أن عليكم الشعور بالقلق بشأن عودة ابنكم أو ابنتكم إلى المنزل بعد السير في الشارع أو اللعب في حديقة أو مجرد قيادة السيارة".

وفي تعبير عن تعاطفه، ذكر الرئيس بعد ذلك بـ"الحوار" أو "المناقشة" التي تجريها عادة عائلات السود والأقليات العرقية في الولايات المتحدة مع أطفالها حول التعامل مع الشرطة.

وقال جو بايدن: "لم يضطر معظمنا هنا يوماً إلى إجراء مناقشة. النقاش الذي يجب أن يجريه الآباء السود والآباء ذوو البشرة الملونة مع أطفالهم".

وأضاف: "لم أضطر أبداً لإخبارهم (أبنائه) أنه إذا طلب منك ضابط شرطة الوقوف، فلا تبحث عن رخصتك ضع يديك على عجلة القيادة".

انتقاد شركات التكنولوجيا

واتهم بايدن المجموعات العملاقة للتكنولوجيا "بإجراء تجارب على أطفالنا" من أجل "تحقيق أرباح"، مؤكداً أنهم يجب أن تكون هذه الشركات "مسؤولة".

وقال بايدن: "حان الوقت لتمرير تشريع مدعوم من الحزبين لمنع مجموعات التكنولوجيا العملاقة من جمع البيانات الشخصية عن أطفالنا ومراهقينا". كما دعا إلى حظر الإعلانات الموجهة التي تستهدفهم.

وقال بايدن الذي كان قد طلب من الكونجرس الشهر الماضي إصدار تشريعات بشأن هذه المسألة: "يجب أن نحمل شبكات التواصل الاجتماعي مسؤولية التجارب التي تجريها على أطفالنا لتحقيق ربح".

وفي عمود نُشر في 10 يناير على موقع "وول ستريت جورنال"، دعا بايدن البرلمانيين من الحزبين إلى الاتحاد لتعزيز التشريعات المتعلقة بحماية البيانات الشخصية والمستخدمين الصغار من "الاستغلال الجنسي" و"التحرش الإلكتروني".

وشدد على أن "ملايين الشباب يعانون من التحرش والعنف والصدمات النفسية" وقضايا مرتبطة بـ"الصحة العقلية".

حق الإجهاض

ووعد الرئيس الأميركي باستخدام حقه في تعطيل أي قانون ينص على حظر فيدرالي للحق في الإجهاض المهدد منذ أن ألغته المحكمة العليا في الولايات المتحدة في 2022.

وقال بايدن: "إذا أقر الكونجرس حظراً وطنياً، فسأضع فيتو عليه"، ودعا البرلمانيون إلى حماية هذا الحق.

وكانت المحكمة العليا ألغت في يونيو 2022 قانوناً يقضي بحق الإجهاض، معتبرة أنه ليس محمياً بموجب الدستور، وأصدرت قراراً يجيز لكلّ ولاية سنّ القوانين التي تراها مناسبة بشأن الإجهاض.

وقرّرت نحو 20 ولاية جعل الإجهاض غير قانوني فيها.