الإعلامي المصري: ظهرت في البرنامج بعد الشعور بالاستفزاز بسبب "الصورة الخطأ"


على مدار ساعة كاملة، سرد الإعلامي المصري باسم يوسف، أمام أكثر من 1200 شخص في معرض الشارقة الدولي للكتاب، تفاصيل آخر حوارين مع الإعلامي البريطاني بيرس مورجان بشأن حرب إسرائيل على غزة، واللذان حظيا بمتابعة واسعة، وحصدا ملايين المشاهدات.

واستضاف معرض الشارقة الذي سينهي فعالياته الأحد، في دورته الـ42، باسم يوسف (49 عاماً) في جلسة حوارية أدارها الإعلامي الإماراتي أنس بوخش، بشأن مسيرته من الطب إلى الإعلام، ثم الانتقال إلى "ستاند آب كوميدي" يحظى بمتابعة واسعة، وأخيراً مجال الكتابة، حيث وقّع كتابه الموجّه للأطفال "نادية في مغامرة ساحرة"، والذي ألّفه بالاشتراك مع الكاتبة كاثرين دالي، وصدر عن دار نشر هاشيت أنطوان.

وكشف باسم يوسف الذي لقي استقبالاً حافلاً من جمهور المعرض، أنه رفض إجراء الحوار مع بيرس مورجان مرتين في البداية، حين تواصل معه فريق إعداد البرنامج، مبرراً قراره بأن "الصورة في الإعلام كانت بشعة جداً، وكان الخروج للحديث عن جانب مغاير لما يتحدث عنه الإعلام، نوع من الانتحار، فرفضت في البداية".


وتابع: "وعندما بدأت في متابعة الأمور أكثر، شعرت بالاستفزاز، وأن الصورة المعروضة عنّا خطأ، لذا حين تواصل معي فريق البرنامج لمرة ثالثة قررت الموافقة".

وتعرّض باسم لطريقة إجراء الحوار مع مورجان، والمعروف بأنه أحد المذيعين الذين يفضلون الصدام في المقابلات، قائلاً: "قررت أن الطريقة الأنسب لإجراء الحوار، هو ألا أتعامل معه بجديّة، وأن أزايد على ما يقوله، فإذا قال أنتم قتلتم 10 سأقول قتلنا 20، وهكذا، ووجدت أن الأمر نجح".

وأضاف جراح القلب السابق، أنه بعد وصول الحلقة الأولى لرقم قياسي من المشاهدات، عرض على مورجان إجراء جولة ثانية، ولكنه قرر أن تكون مختلفة. وزاد: "كنت أحتاج إلى أن أشرح الأمور. التحضير للمقابلة الثانية كان مختلفاً. على مدار أسبوعين تحدثت مع أكاديميين وباحثين في التاريخ، ومواطنين من الضفة الغربية، وأعضاء بالكنيست الإسرائيلي، لأجل التحضير لما سأقوله".

خطة مواجهة مورجان

وتابع باسم يوسف: "بعد أن أصبح لديّ المعلومات الكافية، كانت طريقة توصيل المعلومة هي النقطة المحيرة، وقررت أنني لست ذاهباً إلى مشاجرة، أو لإلقاء النكات. الفكرة كانت أن استمع وأجبره على الاستماع لي. مهما كان الشخص الذي أمامي صدامي، أو يريد تسجيل أهداف ضدي. ينبع الغضب من عدم وجود مساحة، لذا قررت ألا أقاطعه أدعه ينهي كلامه، وبهذا أجرده من سلاحه، ثم أقول ما في جعبتي، وهنا لم تعد المقابلة سجالاً ولكن حواراً".

وشدد على أنه لم يرد الصدام مع مورجان، مضيفاً: "حين أعطيته زيت الزيتون من الضفة الغربية في بداية الحلقة، لم أقل له إن إسرائيل اقتلعت 800 ألف شجرة زيتون، تركته حتى مضى في المقابلة، وحين بدأ في تذوق الزيتون مع الزعتر، قلت له بالمناسبة إسرائيل اقتلعت 800 ألف شجرة".

وبرز يوسف على الساحة في السنوات التي تلت ثورة 25 يناير 2011 في مصر، عبر فيديوهات ساخرة نشرها على الإنترنت، على غرار برنامج The Daily Show، والذي كان لا يزال يقدمه حينها الإعلامي الأميركي جون ستيوارت، وانتقد فيها التغطية الإعلامية للثورة، ليقدم محتوى سياسياً جديداً بنكهة ساخرة.

ومع اتساع شهرته، تفاوضت معه أكثر من قناة تلفزيونية ليقدم برنامج "البرنامج"، الذي تنقل بين قنوات عدّة، وجرى تصوير أبرز مواسمه على مسرح سينما راديو الشهير في وسط القاهرة، قبل أن يتوقف في 2013، ليعود مجدداً في 2014، قبل أن يتوقف نهائياً.

"الأخبار تتحول إلى سيرك"

وانتقد الإعلامي المصري باسم يوسف التغطيات الإخبارية للأحداث، موضحاً: "مشكلة الأخبار أنها أصبحت تمر عبر مقدمي الأخبار، تحولت صناعة الأخبار إلى صناعة ترفيه وتسلية، وكما لم تعد الحبكة هي المهمة في المسلسلات، ولكن الشخصيات".

ودلل على حديثه بقوله: "الأمر الذي مكّن المسلسل الأميركي الشهير Friends، وجعله يستمر لعشرة مواسم، هو شخصياته وليس حبكته"، متابعاً: "انتقل إهمال الحبكة إلى الأخبار، وبات الأمر يتعلق بمقدمي تلك الأخبار ورؤاهم، وهو ما حوّلها إلى سيرك، إذ أصبحت الأخبار تتعلق بمقدمي الأخبار وبذواتهم المتضخمة".

وبعد توقف برنامج "البرنامج"، سافر باسم يوسف في 2014 إلى الإمارات، وأقام بها حتى نهاية 2015، ثم توجّه إلى الولايات المتحدة، حيث بدأ من جديد في مجال مختلف لم يخضه من قبل، وهو "ستاند آب كوميدي" باللغة الإنجليزية، عبارة عن تقديم (كوميديا ارتجالية أمام الجمهور).

وعن تلك التجربة قال باسم يوسف: "أمضيت نحو سنتين إلى ثلاث في حالة انعدام توازن، إلى أن توصلت لتركيبة ناجحة، أردت أن أصنع قالباً يدر دخلاً، ويكون خاصاً بي".

ووصف الفترة الأولى في تلك المرحلة بأنها "كانت بشعة"، إذ كان في مرحلة صعبة، أراد فيها الخروج من صيغة برنامجه السياسي الساخر الشهير "البرنامج"، الذي صنع نجمه، موضحاً: "لجأت إلى اللغة الإنجليزية، لأبتعد قدر الإمكان عن البرنامج، لأن إذا قدمت أي محتوى باللغة العربية، فالمقارنات مع البرنامج ستصبح جاهزة فوراً".

ويقدم باسم يوسف حالياً "ستاند آب" باللغتين العربية والإنجليزية، ويقول: "هما قصتان مختلفتان، لكل منهما أفكاره". ومؤخراً قام باسم بجولات عدّة في ولايات أميركية، وفي كندا، وينتظر أن يتوجه إلى سيدني في أستراليا لجولة تتضمن عدداً من العروض خلال نوفمبر.

وعن أزمة خفوت بريقه وفقدان جزء كبير من شهرته بعد رحيله عن مصر، واضطراره إلى البدء من جديد في الولايات المتحدة، قال يوسف: "الشهرة جاءتني في سن متأخرة نسبياً، 37 سنة تقريباً. لذا حينها كان الأمر غريباً، ولما أُخذت مني لم أحزن، كنت في حالة توقع دائم أنها ستذهب".

وأشار إلى "التأثير المدمر" الذي تحدثه الشهرة في الكثيرين، لافتاً إلى أهمية إظهار التعاطف مع الآخرين.

"نادية والرحلة السحرية"

وفي مسيرته الإعلامية الممتدة منذ 12 تقريباً، لعب باسم يوسف أدواراً كثيرة، المذيع والإعلامي ومقدم البرامج و"ستاند آب"، والممثل أيضاً، وأخيراً دور الكاتب.

وقال يوسف لـ"الشرق"، إن كتابة نص أو سكريبت لـ"ستاند آب"، تختلف بشكل كبير عن الكتابة للأطفال، فالأولى كتابة للمسرح، بها إيقاع ورتم، وهو ما يختلف عن الكتابة لطفل. وأشار إلى أن فكرة الكتاب جاءت حينما طلب منه مدير أعماله، تأليف كتاب يتحدث فيه لابنته نادية.

وأضاف: "فكرت في ابنتي المهاجرة التي تأتي من ثقافة قديمة إلى ثقافة جديدة. وفي 2020 وقت كتابة الكتاب، كان هناك توتر بشأن المهاجرين، وكان دونالد ترمب حينها رئيساً، وكانت هناك مشكلات في تقبل الآخر".

وتابع: "تخيلت أن ابنتي لديها مشكلات في المدرسة، بسبب أنها تأتي من مكان وبيئة ولغة مختلفة، وفي الوقت نفسه تكون معها أداة تجعلها قادرة على الرجوع إلى تاريخها القديم، لذا استلهمت قصة علاء الدين والمصباح السحري. فكرت أن يكون مدرساً من مصر القديمة محبوساً في ميدالية سحرية، وتخيلت أن نادية ذهبت إلى مصر، وعثرت عليها وعادت بها، وفي كل مرة يأخذها الجني (المدرس) إلى قصص موجودة في التاريخ الفرعوني، ومن هذه القصص تستلهم كيف تتعامل مع مشكلات واقعها الحديث".

وأكد باسم يوسف في ختام حديثه على أهمية قبول المختلف، وقال: "مجتمع متشابه هو مجتمع ضعيف، أما المجتمع الذي يضم أطيافاً مختلفة، فهو مجتمع قوي يتعلم من بعضه".