حوار - مجاهد محمد

الإصرار والرغبة، دفعاه ليأخذ مكانه بكل جدارة بين عمالقة الإخراج في الخليج، واستطاع أن يرسخ تلك المكانه كمخرج بحريني متميز من خلال أعمال درامية خالدة مثل "نيران والبيت العود وسعدون وغيرها الكثير. في حقبة وصفت بالذهبية، ترسخت في أذهان أجيال، فكانت مصدر فخر لتلفزيون البحرين خلال فترة بين 1990 وحتى بدايات الألفية الثانية. المخرج المبدع أحمد يعقوب المقلة، والذي أكد أن الأعمال التراثية انطلاقته القوية نحو الإخراج. يحدثنا عن الدراما البحرينية وتجربته فيها وما هي توقعاته لها في الأيام القادمة.

حدثنا عن بداياتك في مجال العمل التلفزيوني؟ بدايتي كانت في عام 1982 في تلفزيون البحرين، حيث عملت كمساعد مخرج لمدة تزيد عن خمس سنوات كسبت من خلالها خبرة في مجال الإخراج حيث بدأت بإخراج برامج مختلفة ولم يكن هناك تخصص في التلفزيون، بالإضافة إلى نقل المسرحيات في ذالك الوقت.



كيف كان التلفزيون السبب الرئيس للتوجه للإخراج، لماذا؟ التلفزيون كان عشق الطفولة وكبر معي هذا العشق لمراحل متقدمة من عمري ومن خلال المتابعة لإعمال الدراما لزمن طويل كانت نقطة الأنطلاقة نحو الإخراج من خلال برنامج "تربية وتعليم" حيث كان يحتوي أعمال درامية توعوية وفي عام 1990 كان أول عمل درامي عملت عليه، وكان يحمل عنوان "غناوي بوتعب" وانطلقت من بعده لأول عمل درامي خاص وكان مسلسل "البيت العود" نقطة الصعود الأقوى بالنسبة لي نحو احتراف الأخراج وعمل حقيقي يحمل لمساتي الخاصة.

كيف تصف العلاقة بين المخرج والكاتب من خلال أعمالك الغزيرة؟ يمكن أن نصفها بأنها علاقة تفاهم بناءة وحقيقية بين المخرج والكاتب ولابد أن تتواجد المرونة ليكون العمل الدرامي جيد ويرقى لمستوى المشاهد، وكثير ما نركز في أدق التفاصيل ويمكنني القول إنني كنت محظوظ بالعمل مع كتاب كبار مثل، راشد الجودر وعلي الشرقاوي وغيرهم من الكتاب المتميزين.

هل هناك أعمال معينة تفضل العمل عليها؟ بدأت بأعمال درامية من التراث وعملت أيضاً في الدراما الحديثة وأعمال "الفانتازيا" وغيرها من الأعمال. ويمكن القول إن الأعمال التراثية انطلاقتي القوية نحو الأخراج. ننتقل لجانب آخر، يقال بأن الممثل البحريني يمتلك خصائص متميزة في مجال الدراما، ما رأيك؟ مع انطلاق الأعمال الدرامية في تسعينات القرن الماضي، حملت التميز والشهرة الواسعة قدمها تلفزيون البحرين وظهر الفنان البحريني من خلال تلك الأعمال يحمل عشق حقيقي للعمل الدرامي وحب لا يوصف رغم أن التجربة لا تزال جديدة عليه، إلا أنه أظهر ترابطاً كبيراً مع محيطه من الفنانين الآخرين وأعمال الزمن الجميل أكدت هذه الخصائص وكانت سر نجاح الدراما في تلك الفترة.

وصفت الفنانة، مريم زمان الدراما بأنها "متقدمة وتحتاج إلى الاستمرارية" هل تتفق معها؟ منذ تسعينات القرن الماضي، قدمنا أعمالاً درامية كبيرة ومستمرة ودفعت الدراما البحرينية نحو قمة الدراما الخليجية وتفوقت عليها حتى بداية الألفية الثانية ومن ثم توقفت، وهذا أبعد الفنانين عن الساحة الفنية مما أدى لتراجع في مستوى الدراما البحرينية، وكلما شحت الاعمال قل مردود الفنان البحريني.

هل هناك سبب في عدم إنتاج أعمال درامية بحجم "سعدون أو نيران"؟ الموازنات في تلفزيون البحرين السبب الأول، وعدم تواجد دعم مادي حيث كان تلفزيون البحرين هو الداعم المباشر آنذاك وكان له دور فاعل في تقديم أعمال درامية متميزة.

هل يمكن القول إن الفنان البحريني لم يمنح الثقة لاستمراره في أعمال درامية بحرينية؟ الفنان البحريني موجود، يشارك في معظم الأعمال الدرامية في الخليج، والكتاب البحرينين والمخرجين لا يزالون يقدمون أعمالهم، وعودتهم لأعمال محلية تحتاج الى أنشاط وإحياء تلفزيون البحرين للدراما وهذا كفيل بعودة قوية للفنان البحريني.

في إطار مختلف، هل الأعمال الدرامية الحديثة قضت على الدراما التراثية الكلاسيكية؟ بالعكس، أصبحت الدراما التراثية مطلب هام من قبل الجمهور، فكثير من الناس يطالبني بإخراج اعمال درامية مثل "فرجان لأول، وسعدون ونيران وغيرها من الأعمال التراثية الراسخه التي حققت جاذبية عالية".

ما سر القوة في الأعمال التراثية كما وصفت؟ غنى الموضوعات الذي كان يميز الأعمال الدرامية البحرينية في ذلك الوقت، بالإضافة لقدرتها على نقل صورة المجتمع بكل أطيافه ومختلف مهنه من أدنى مستوى حتى أعلى مستوى وهذا ما لم يكن متواجداً في الدراما الخليجية، وحتى لو كان متواجداً في الخليج فلم يكن ليكون كما تنقله الدراما البحرينية.

هل المخرج البحريني هو سر قوة دراما التسعينات؟ العمل التلفزيوني يحتاج إلى فريق متكامل، والمخرج لوحده لا يستطيع أن يحقق النجاح بدون العمل المشترك والتعاون البناء.

"سوالف طفاش" هل كان محاولة ناجحة للدراما البحرينية خلال السنوات الماضية؟ قدم المسلسل دراما مطلوبة جماهيرياً، من حيث الكوميديا، لكن لا أعلم أن كانت تجربة حقيقية للنهوض بالدراما البحرينية.

قالوا "الدراما البحرينية تفوقت على نفسها، لكن لم تجد الدعم المناسب"؟ وأنا أقولها أيضاً، فقد شكلت الدراما البحرينية قلق لكل الخليج، وكانت على قدر المنافسة، ولكن اليوم أين الدراما البحرينية؟!، لم تعد موجودة رغم وجود الطواقم المتمرسة والإمكانيات البشرية، فالدعم المادي شرط لا بد منه للاستمرار.

كيف تقيم تجربتك في الخليج خلال السنوات الماضية وحتى الآن؟ العمل في الخليج حقق الزخم في الإنتاج وقوة في الطرح بالنسبة لي، وهو خليط من التجارب في عمل واحد.

نعود لتجربة الدراما الخليجية، يقال إن مسلسلات البنات تطغى على الإنتاج الدرامي في الكويت، ومسألة الزواج من ثانية دائماً ما تصور بأنها تسبب مشاكل وغيرها ما رأيك؟ لا أتفق مع مسألة مسلسلات البنات، فالأعمال متساوية بين الذكور والأناث في الأدوار قد تكون تجارب لكن قليلة، ولا ننسى وجود فنانين كبار من الإناث مثل حياة الفهد وسعاد عبدالله وغيرها، وهما فنانتين كبيرتين قدمتا الكثير للدراما في الكويت والخليج العربي وتجربتي تثبت ذلك. أما مسألة فشل الزواج من ثانية، فواقع المجتمع يقول ذلك والمرأة إذا تزوج عليها زوجها فإنها تخلق مشكلة كبيرة، وفي الدراما لا يمكننا أن ننسلخ من الواقع.

نعود مرة أخرى لذاتك، ما سر قوتك؟ لا أدخل أي تجربة، إلا في حال كنت متأكد منها، والتوفيق من الله سبحانه والاجتهاد موجود في اختيار النص والعناصر المشاركة ولا أدخل في تجربة ألا وأنا واثق منها.

كيف ترى مستقبل الدراما البحرينية؟ أنا متفائل، والدراما البحرينية لها عودة، مجرد قرار من تلفزيون البحرين بالعودة للدراما كفيل بتحقيق الكثير في مجال الإنتاج الدرامي ونعود لقمة المنافسة مرة أخرى.