الاقتصادية

كشفت صحيفة الاقتصادية السعودية، عن تسبب "النفايات الفضائية" إزعاجاً لشركات الأقمار الاصطناعية والفضاء.



ولا يوجد تقدير قاطع لحجم الحطام الفضائي، لكن بعض التقديرات وأكثرها رصانة تشير إلى تسعة آلاف طن من النفايات الفضائية أي ما يعادل وزن 750 حافلة مدرسية، ولا يمكن الاستهانة بهذا الكم من النفايات الفضائية إذا أراد الإنسان مواصلة إطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية لاستكشاف الكون وتسهيل حياته على الأرض أيضا.

وبيّنت بحسب ماركو فوكس رئيس مجلس إدارة شركة "أو إتش بي" الألمانية للفضاء، "إنه من الضروري وضع قواعد ملزمة لإزالة الأقمار الاصطناعية من الفضاء عقب الانتهاء من استخدامها حتى لا تشكل خطرا"، مضيفاً بأن "القواعد الأساسية موجودة بالفعل"، مشيرا في المقابل إلى أن هناك حاجة إلى عقوبات ورقابة.

وذكر فوكس، الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس الاتحاد الألماني لصناعات الطيران والفضاء، أنه يجب كذلك منع إنتاج خردة فضائية "ضارة"، وقال "لدينا الآن واقعة قصف متعمد من قبل روسيا، وهذا بالطبع كارثي عندما تلوث مناطق كاملة من الفضاء بالخردة لإظهار أنه يمكنك قصف أقمار اصطناعية".

وكانت روسيا قصفت أخيرا قمرا اصطناعيا للتجسس خارج الخدمة، بصاروخ خاص.

ولم يستبعد دميتري روجوزين رئيس وكالة الفضاء الاتحادية الروسية "روسكوزموس"، من حيث المبدأ إجراء مزيد من الاختبارات.

وعندما سألته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عما إذا كانت روسيا ستقصف مزيدا من الأقمار الاصطناعية؟ قال "أرجح لا أكثر من نعم"، مشيرا إلى أن بقايا القمر الاصطناعي لم تشكل أي تهديد لمحطة الفضاء الدولية.

وأوضح فوكس أن نفايات الفضاء تمثل تحديا عالميا، ويتعين على جميع وكالات الفضاء الوطنية، التي يبلغ عددها نحو 100، أن تضمن الالتزام بالقواعد، مبينا أن وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" وكذلك مركز الفضاء الجوي الألماني DLR يعملان على الحيلولة دون أن تصبح الأقمار الاصطناعية الجديدة خردة فضائية فيما بعد، موضحا أن الأقمار الاصطناعية الصغيرة، على سبيل المثال، يمكن أن تبنى بطريقة تجعلها تحترق في الغلاف الجوي للأرض عند الانتهاء من استخدامها.

وباستخدام حسابات نموذجية، يقدر العلماء أن مدار الأرض يحتوي بالفعل على نحو مليون جزء من الخردة الفضائية يزيد حجمها على سنتيمتر واحد و330 مليون جسيم يزيد حجمها على مليمتر واحد.

يشار إلى أنه منذ خمسينيات القرن الماضي، أطلقت البشرية مئات الصواريخ إلى الفضاء وأرسلت آلاف الأقمار الاصطناعية إلى المدار الخارجي للأرض، بعضها فشل وبعضها تقادم وخرج عن نطاق العمل وبات نسيا منسيا، وبقي هناك في المدار ولم يعد إلى الأرض.

ومع تزايد أعداد تلك النفايات أو الخردة الفضائية، بات عالم الفضاء يواجه أخطارا متزايدة من إمكانية تصادم تلك النفايات الفضائية بعضها بعضا ومع الأقمار الاصطناعية النشطة، ما قد يسببكوارث تمتد من فقدان الإنسانية للقدرة على التنبؤ بالطقس إلى عالم الاتصالات وكوارث أخرى تمتد من التأثير السلبي في القدرة العسكرية والأمن القومي إلى البنية التحتية للفضاء ذاته.

وتشير بعض الدراسات إلى أنه يوجد حاليا ألفا قمر اصطناعي نشط يدور حول الأرض في الوقت الحالي، وهناك أيضا ثلاثة آلاف قمر اصطناعي عاطل عن العمل ومتناثر في الفضاء، علاوة على ذلك هناك نحو 34 ألف قطعة فضائية بحجم أكبر من عشرة سنتيمترات وملايين القطع الأصغر التي يمكن أن تكون كارثية إذا اصطدمت بشيء آخر.

هذا، وقد حذر عدد من علماء الفضاء من الاستهانة بخطورة تلك المشكلة، فالبشرية تفقد ما يراوح بين ثلاثة وأربعة أقمار اصطناعية سنويا بسبب تصادم الحطام الفضائي، وتقدر وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" أنه في غضون خمسة إلى عشرة أعوام سيصبح تأثير تلك النفايات في البنية التحتية الفضائية ملموسا.

دونالد جاي كيسلر العالم الأمريكي كان أول من تناول موضوع النفايات الفضائية وتأثيرها المستقبلي، وفي 1978 طرح ما يعرف باسم متلازمة كيسلر، التي تشير إلى أنه إذا كان هناك كثير من النفايات الفضائية في المدار، فإنه قد ينتج عنها تفاعل متسلسل حيث يصطدم مزيد من الأجسام ببعضها بعضا وينشئ خردة فضائية جديدة في هذه العملية إلى الحد الذي يصبح فيه مدار الأرض غير صالح للاستخدام.

من وجهة نظر بعض العلماء قد يبدو هذا الموقف متطرفا، لكن الوقائع تشير إلى إمكانية تحقق متلازمة كيسلر، فتزايد الاستخدام التجاري والمؤسسي للفضاء سيزيد من عدد الأقمار الاصطناعية في المدار بشكل أكبر خاصة مع إطلاق ما يعرف بـ"الأبراج الضخمة" للنطاق العريض للأقمار الاصطناعية، وهي بمنزلة بوتقة من الأقمار الاصطناعية التي تطلق معا لخفض تكلفة الإطلاق، ما يزيد من مخاطر الاصطدام ومزيد من الحطام الفضائي، فعلى سبيل المثال، في 2007 ضاعف التدمير المتعمد للقمر الاصطناعي "فنج ين - وان سي" كمية الحطام على ارتفاع 800 كيلومتر ما أدى إلى زيادة 30 في المائة في إجمالي الحطام في ذلك الوقت.

ويقول خبراء "إذا لم يتم التخفيف من النفايات الفضائية فقد نشهد نشوب صراع حاد بين أقطاب صناعة الفضاء العالمية، بل قد يمتد الصراع ليشمل الاقتصادات الناشئة مثل الهند، فما إن يصبح "العقار الرئيس" - المدار الخارجي للأرض - مزدحما للغاية فإن عملية التشغيل لن تكون آمنة، فالمستخدمون الأوائل للفضاء، أقصد الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق، مسؤولون عن تلوث الفضاء بالنفايات، وإذا لم يتم تنظيف الفضاء فسنشهد منافسة حادة على الأماكن الشاغرة".

وأكدوا أن حماية الأقمار الاصطناعية من الاصطدام بالحطام الفضائي أمر مكلف، "لأننا سنكون في حاجة إلى تصاميم خاصة ومراقبة أكثر دقة وفريق تشغيل أكبر لنقل الأقمار الاصطناعية بعيدا عن مصادر الخطر، وأحيانا استبدال تام لمهام تلك الأقمار، تلك التكلفة تصل إلى ما يراوح بين 5 و10% من إجمالي تكاليف المهمة، وفي بعض المدارات المنخفضة ستتجاوز التكلفة تلك النسبة".