كان يفترض بالخطة الأمريكية التي وضعها جو بايدن وبمساهمة «خطيرة» من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، كان يفترض بها أن تجعل روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين «يركعان» ويعلنان الاستسلام والإقرار بالهزيمة جراء دخولهم أوكرانيا لتأديب رئيسها الموالي للتحالف الأنجلو-أمريكي الفرنسي، لكن ما حصل كان أمراً «هزلياً» جداً.

فمع دخولنا الشهر الثالث من الأزمة الروسية الأوكرانية، وتداخل معسكر المتحالفين مع المخططات «الحربية المجنونة» للبيت الأبيض، مع تداخلهم في فرض العقوبات الاقتصادية وسعيهم لخنق «الدب الروسي»، نجد أن هذه النتائج هي التي تحققت:

مازالت روسيا كنظام وقيادة وسلطة قائمين وثابتين في مواقعهم، بل زادوا قوة سياسية مثلما تكشف الأخبار يومياً.

مازالت أوكرانيا في نفس الوضع، ومازال رئيسها يناشد يومياً من وعدوه بحمايته من الروس إن هو نفذ ما يريدونه من مخططات لإزعاج نظام موسكو نيابة عنهم.

مازال معسكر بايدن يتحدث عن السلام، ورغم ذلك يُمنع الرئيس الأوكراني من الجلوس مع الروس وإنهاء ما يحصل بالتوافق، في المقابل تستمر إمداداتهم لأوكرانيا بالأسلحة حتى تستمر الحرب.

اقتصادياً، لم يتدمر الاقتصاد الروسي، فسعر البترول قفز إلى مستويات قياسية، بل سعر الروبل ارتفع وانتعش أكثر من السابق، وباتت روسيا المتحكمة في اتجاه صادراتها.

ارتفاع الأسعار الدولية للسلع بسبب فرض هذا الحصار الساذج، منح روسيا اليد العليا في بيع البترول بأعلى سعر، بل بالتوجه إلى الشرق عوضاً عن الغرب، وعليه الأسعار المعنية بالسلع والطاقة ارتفعت بشكل مخيف بالنسبة للدول الأوروبية التي انساقت وراء مخطط بايدن.

بعض الدول تضررت عملاتها حتى، مثل اليابان التي انساقت وراء الأهواء الأمريكية، فانخفضت عملتها الين إلى أدنى مستوى لها خلال 20 عاماً. اليابان التي دمرتها أمريكا بالقنابل الذرية في الحرب العالمية، لكنها بكل جنون تقف مع نظام فجرها وقتل مئات الآلاف من شعبها.

لو واصلنا في سرد ما تحقق سنجد أنها أمور سلبية أكثر بالنسبة للدول المتحالفة مع بايدن؛ فالأوضاع الاقتصادية الداخلية لديها زادت تعقيداً، بل هي مازالت محتاجة للواردات من روسيا، ما يعني أن الروس باتوا يحققون أرباحاً مالية أكبر من السابق، فبحسب صحيفة «هيل» الأمريكية فإن فرض العقوبات ساعد روسيا على مضاعفة إيراداتها تقريباً إلى حوالي 62 مليار يورو من بيع الوقود لفارضي العقوبات من الأوروبيين، علما أن الاتحاد الأوروبي ودوله وحدها شكلوا نسبة 71% من مستوردي الوقود الروسي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. كما بلغ إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز والنفط والفحم من روسيا حوالي 44 مليار يورو في فترة الشهرين هذه، مقارنة بنحو 140 مليار يورو لعام 2021 بأكمله، بحسب الصحيفة الأمريكية. بل حتى الأمريكان، فمع مناشدات بايدن البائسة لتخفيض سعر النفط تهاوت بورصة «وول ستريت» إلى أدنى مؤشر منذ عام 2020، أي بتهاوٍ نسبته 500%.

العاقل سيفهم أن ما حصل تضرر منه الأوروبيون في المقام الأول، ثم الولايات المتحدة الأمريكية التي بات شعبها يستوعب اليوم أن لديه رئيساً «نائماً» لا يبالي بتداعيات قراراته غير المدروسة، رئيساً يظن أنه «بالاسم» فقط كساكن للبيت الأبيض بإمكانه فعل ما يشاء مع من يشاء وقتما يشاء، وأنه نجح في استدراج الأوروبيين لمحاصرة روسيا عدوه الأول، ونسي ما وعدوا به أوكرانيا ورئيسها وكل من معهم حينما أضروا بمصالحهم الاقتصادية، ما يعني الضرر لتلك الشعوب الأوروبية.

كان بالإمكان حل هذه المسألة برمتها لو طلبوا من الرئيس الأوكراني أن يوقف مشاغباته للروس وأن يجلس معهم ويتفاوض ويحل الموضوع بسلام، لكنها غطرسة بايدن وغباء من تبعه ولا شيء غيرهما.