في 29 نيسان 2004 أصبح عدد أعضاء حلف شمال الأطلسي من الدول التي انتزعها من غريمه التاريخي حلف وارسو سبع دول بعد انضمام بولندا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وسلوفينيا وجمهوريات البلطيق السوفيتية السابقة الثلاث لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، حينها صرح وزير الخارجية الروسي المعين حديثاً سيرغي لافروف «إن روسيا لا تبدي فرحتها بما يجري، إلا أنّها لا تريد أن تجعل من هذا الأمر فاجعة».

الوزير سيرغي لافروف الذي تعلم الدبلوماسية في سريلانكا كأول محطة له في حياته العملية، هو المنظّر الفكري لما يجري حالياً في أوكرانيا، ويتعدى منصبه مهام طارق عزيز حين غزى سيده الكويت في عام 1990 في مشهد يشبه ما يقوم به بوتين حالياً في أوكرانيا 2022. ونراهن أن سيرغي لافروف قد قرأ كتاب انتقام الجغرافيا «Revenge of Geography»، لروبرت كابلان Robert S. Kaplan أستاذ الاقتصاد في هارفارد. وعرف أن لا محالة من توسيع حلف شمال الأطلسي في اتجاه روسيا، فالمنتصر في الحرب الباردة لن يشعر بلذة النصر دون مكافأة وهي احتواء روسيا قلب العالم البري، فالاحتواء يمنحهم مكاسب جيوسياسية واضحة، لكن يجب أن تسبق ذلك خطوة هي منع تصاعد دور روسيا في جوارها الإقليمي ومنه أوكرانيا. ففي نظريات عدة تتمتع أوكرانيا بموقع يجعلها جزءاً حيوياً مما يسمى قلب العالم القاري.

وهذا ما قفز بها في الفكر الاستراتيجي الروسي، لتصبح مسألة أوكرانيا قصة حياة أو موت لموسكو، لذا لابد من تحرك يشمل منع انضمامها للناتو، وغزوها وتفكيكها وجعل أجزاء منها منطقة عازلة بين نفوذ روسيا ونفوذ حلف شمال الأطلسي.

ولأن جريمة غزو أوكرانيا لا تختلف عن أية جريمة أخرى لذا تقوم على ثلاثة أركان: المبرر، وكان طلب كييف الانضمام للعدو في غرفة عمليات الحرب الروسية وهو حلف شمال الأطلسي. الفرصة، وقد تراكمت وتأكدت بسكوت حلف شمال الأطلسي عن غزو روسيا لجورجيا وضم أجزاء منها لروسيا 2008، ثم غزو موسكو لشبه جزيرة القرم 2014، ونضجت الفرصة بوصول الديمقراطيين للحكم والناتو مفكك.

بالعجمي الفصيح

قال بوتين إن غزو أوكرانيا تم لأن دول الناتو كانت ستهاجمنا، وهذا كان هو الركن الثالث أو التبرير أو مسوغ الحرب.