التقدير هو أن كل من سمع أمين عام «حزب الله» وهو يقول في خطاب التحشيد قبل أيام من الانتخابات في لبنان «نحن لسنا أدوات ولا عملاء ولا أحجار شطرنج.. والجمهورية الإسلامية في إيران لا تتدخل في لبنان، لا في السياسة ولا الانتخابات» لا بد أنه استحضر مشهد «ودي أصدق بس قوية قوية»، ذلك أن العالم كله يعرف حجم التدخل الإيراني في لبنان ويعرف أن النظام الإيراني هو الذي أسس هذا الحزب وهو الذي يموله ويدعمه ويصدر الأوامر إلى قادته، ويعرف أن من يخالفه جزاؤه العذاب الأليم.

لن يختلف أحد في أن نصر الله فشل في الترويج لهذه الفكرة لأن العالم كله سمعه في يونيو 2016 وخلال خطاب له يقول وبالفم الملآن إن «موازنة حزب الله ومعاشاته، مصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران.. ومالنا المقرر إلينا يصل إلينا.. وليس عن طريق المصارف.. وكما وصلت إلينا صواريخنا التي نهدد بها إسرائيل يصل إلينا مالنا.. ولا يستطيع أي قانون أن يمنع وصول هذا المال إلينا.. والعقوبات على المصارف لن تفلح في منع تمويل الحزب».

هل يعقل أن إيران التي فعلت وتفعل كل ذلك لا تتدخل في السياسة والانتخابات اللبنانية؟ هل يعقل أنها تعطي كل ذلك من أجل سواد أو اخضرار أو ازرقاق عيون اللبنانيين؟

بناء على اعترافات نصر الله عن تمويل إيران لحزبه فإنه لا يمكن لأحد أن يشك أبدا في أن الأموال التي يصرفها الحزب على المهرجانات الخطابية والتحشيد للانتخابات أموال إيرانية، بل إن الأكيد هو أن هذا يشمل قيمة السندويتشات والمياه المعدنية التي توزع خلال تلك التجمعات.

لأن نصر الله يريد تغطية الشمس بالغربال ولأن هذا غير ممكن في كل الأحوال، لذا فإن أحداً لم يصدق ما قاله عن إيران وعدم تدخلها في لبنان واستحضر ذلك المشهد الكوميدي.