تذكرت قبل أيام الزعفراني صاحب قصة «أبا الحصاني» والتي ذكرت في مسرحية «على هامان يا فرعون»، خاصة في مقطع «تعالت الهتافات من أفواه الشعب الجائع وهم ينادون الدجاج.. الدجاج، حتى أصبحت أشكالهم كالدجاج». وكانت مناسبة هذه الذكرى خبر ارتفاع أسعار الدجاج في أسواقنا.

حيث تشابهت القصة مع الحبكة، ففي قصة الزعفراني ارتفع سعر الدجاج بسبب «أبا الحصاني» ولدينا هنا في بلادنا «أبا الحصاني» محلياً الذي يتلاعب بالحقيقة ويضيف ويزيد عليها أموراً ليست بواقعية، فتارة يجعل الحرب الروسية الأوكرانية سبب ارتفاع أسعار الدجاج ومرة بسبب الجائحة، وأخرى بسبب ثقب الأوزون وأخيراً بسبب نقص الأعلاف، ولا حسيب ولا رقيب في الأخير.

الجهات الرسمية والمعنية بحماية المجتمع من الغش التجاري والاحتكار وارتفاع الأسعار، لا أدري هل تدرك أم لا أن ترك الحبل على الغارب للتجار وأن تكون كلمتهم هي الوحيدة في تحديد الأسعار ونوع السلع وكمياتها له عواقب اقتصادية سلبية على البلد بأسره، في مقابل استفادة فئة، فحالة ارتفاع الأسعار والتضخم التي يشكلونها في كل مناسبة، لها تأثير مباشر على قطاعات مختلفة في البلد، منها السياحي والاجتماعي والاقتصادي والمالي.

فمجرد ارتفاع سعر سلعة معينة مثل «الدجاج»، سيكون له أثر على أسعار المطاعم، والتي ستلجأ إلى رفع وتقليل الكميات، والذي يؤثر بدوره على المستهلك سواء المحلي أو السائح، وهو أمر يؤثر على السيولة في الأسواق نتيجة تراجع الطلب والبحث عن بدائل أوفر.

ارتباطات وتشعبات أنذر منها الكثير من الاقتصاديين وأصحاب الشأن، إلا أنها لم تجد الأذن الصاغية، لا ربما أن الحال يقول «إذا كان خصمك القاضي من تقاضي»، إذا من يشتكي منهم ويشتكي لهم الناس هم أنفسهم التجار.

ولعل ما يحدث قد - ولا أقول بالتأكيد- سيحيي في الناس ميزة ترتيب الأولويات والتركيز على الضروريات، كذلك الإصرار على أن يكونوا هم أصحاب الكلمة العليا في المجتمع، بأن يقولوا «لا» لكل الجشعين والانتهازيين من التجار، ويقاطعونهم وبضاعتهم حتى يظهروا للمجتمع الاحترام الذي يستحق، نعم سننادي الدجاج الدجاج ولكن لن نموت.