الكثير من وسائل الإعلام الأمريكية نشرت تقارير وتحليلات سياسية عن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة العربية السعودية، وجميعها تلخصت في جملة واحدة هي إرجاع مسار العلاقات بين الرياض وواشنطن، وذلك بعدما شهدت تلك العلاقات شداً وجذباً.

غير أن العملية التشاورية التي سبقت الزيارة كان لها أصداء على المستويات كافة؛ فمنهم من برر الزيارة بأنها من أجل إقامة علاقات دبلوماسية بين الرياض وتل أبيب، وقد نفى السفير الأمريكي في إسرائيل في حديثه إلى وسائل الإعلام أن يعلن الرئيس هذه الخطوة، وبالتالي قد فند أي حديث بخصوص ذلك، في المقابل نشرت «إكسيوس» بعض التسريبات عن وجود اتفاق بشأن تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مقابل ضمانات تقدمها الرياض إلى إسرئيل، فيما تغير خطاب وسائل الإعلام الأمريكية بضرورة أن تكون الرياض حليفاً قوياً ومحورياً لواشنطن.

وهذا ما يدفعنا للحديث عن الملفات التي ستواجهها الإدارة الأمريكية في الأيام القادمة والتي قد تشهد تحولات مهمة على المستوى الدولي؛ فإصرار روسيا على مواصلة الحرب في أوكرانيا والعقوبات الأوروبية والأمريكية التي فرضتها على موسكو جعلت العالم في أزمة غذائية وطاقة وغيرها من المشاكل التي أصابت كثيراً من الدول بإضرار بالاقتصاد وبالحياة العامة للشعوب، وفي الوقت نفسه فإن بكين قالت عبر تصريحات المسؤولين إن التدخل العسكري لتايوان ما هو إلا مسألة وقت لا غير، وهذا سيجعل واشنطن في وضع صعب، ولا يمكن أن تتفاوض إدارة جو بايدن من دون أن تملك مقومات لفرض هيمنتها على هذه الملفات، فالحل الأمثل لها هو الرياض لتكون ضمن دول الحلفاء، وهذا الاتجاه تحدث فيه أكثر من وسيلة إعلامية وعلى رأسها «فورين بوليسي».

وخلاصة الموضوع فإن الهجوم الإعلامي من قبل الرئيس جو بايدن لا بد من أن يكون له ثمن، فقد تنازلت واشنطن عن العقيدة التي تقول إنها ملتزمة بحماية الرياض ضد أي عدوان خارجي، وهذا ما دفع السعودية إلى الاعتماد على نفسها في حماية مصالحها عبر الانفتاح على الشرق، فهي ليست الدولة التي يتم لي ذراعها، فمنذ تأسيس الدولة السعودية تمتعت بعلاقات رصينة مبنية على الاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بالدول؛ لأن الرياض هي مصدر القرار العربي والإسلامي ولن تكون راضخة لأي حسابات قد تتسبب في الإضرار بمصالحها القومية أو مصالح أشقائها العرب والمسلمين، ولكن يبقى السؤال، «ماذا سيقدم بايدن للسعودية؟».