صنفان من البشر سوف تقابلهما في حياتك، وتتلمس الفرق الشاسع بينهما. شخصية جامحة مقدامة تحقق أهدافها، سريعاً، برغم كل الصعوبات والتحديات التي تواجهها. وأحياناً بحجم تنازلات كبير تقدمه لتصل إلى مبتغاها. وشخصية مترددة، تراوح مكانها، لا تستطيع إنجاز شيء برغم الفرص المتاحة التي قد يكون القدر سخياً في منحها. وفي نهاية المطاف ربما تجد الشخص الجموح الطموح قد حصد نتائج مروعة بسبب الطموح الذي تحول إلى تهور. وربما تجد الشخص المتردد نادماً لأنه لم يقتنص الفرد كما ينبغي.

لماذا نتردد في الإقدام أو الإحجام عن أي أمر يطرأ لنا؟ الإجابة الأبسط؛ أننا نتردد في اتخاذ أي قرار لأننا نخاف. نحن نخاف لأننا لا نملك معرفة كافية بتفاصيل العديد من الأمور. ونخاف لأننا لا نعرف على نحو دقيق مآلات الأمور ونهاياتها. وربما نخاف لأن تجاربنا المريرة السابقة علمتنا أن الطريق غير آمن، وأن الأشواك منثورة في كل مكان سوف نتحرك فيه. نحن نخاف لأننا نخشى من تبعات النتائج وما سيترتب عليه اتخاذنا لأي قرار. والخوف شعور غريزي مرتبط بالإحساس بالأمن وحفظ البقاء. الخوف يحمينا يؤمننا. هكذا تقول الجدات. وهكذا سطرها الموروث «من خاف سلم». من يتعلق بالخوف سوف يشعر بالراحة وهو يتبع إرشادات السلامة التي سوف يمليها عليه عقله الباطن والظاهر وقلبه وجوارحه.

مصادر التردد يمكن أن تكون خارجية. فإذا كنت محاطاً بأشخاص يتخصصون في تثبيط عزيمتك وإثنائك عن كل جديد؛ فسيكونون هم مصدر التردد الرئيس. الأسرة والأصدقاء وعامة الناس يؤثرون على قناعاتنا. يشكلون عامل ضغط عصبي لا يستهان به. نحن نفكر بآرائهم فيما سنفعل. وانطباعاتهم عنا. وردود أفعالهم عن الحال التي سنصل إليها. وحين نتجرد من ذواتنا وندور في فلك الآخرين، فإن سلوكياتنا ستكون انعكاساً لرضاهم وعدم رضاهم عنا. ولن نكون نحن ورغباتنا الأولوية الأولى في مسيرة حياتنا.

كل الأسباب السابقة للتردد تنم عن ضعف في شخصية الإنسان المتردد، وخلل في اتزانها. الإنسان المتردد هو الذي يعجز عن بناء تصوره الذاتي لما هو عليه الآن، وما يريد أن يكون عليه مستقبلاً، وكيف يحقق ذلك. إنه شخص يدور اهتمامه حول رأي الآخرين ورضاهم وليس تحقيق أهدافه. كل ذلك سوف يعيقه عن اتخاذ قرار يحقق تغييراً في حياته. وسيجعله يخاف من نتائج التغيير.