نشرت وزارة العمل إعلاناً على مواقع التواصل عن الوظائف الشاغرة في سوق العمل، وانهالت التعليقات السلبية والساخرة والمشككة، ومرة أخرى لنساير هذه التعليقات لنعرف أحقيتها أو أحقية الإعلان.

أكثر الملاحظات والتعليقات كانت بسبب عنوان الإعلان وهو الذي سبب الكثير من اللغط، فالإعلان ذكر أن الوظائف هي لحاملي الثانوي وأن الراتب قد يصل إلى 2500 دينار!!

وبالنظر إلى الموقع وجدنا أن هناك فعلاً وظائف بهذا الراتب إنما ليست لحاملي الثانوية العامة، بل هي لذوي التخصصات النادرة كمحلل بيانات، أو استشاري برامج الحاسب، إنما اللبس كان في صياغة الإعلان وهو الذي أدى إلى التركيز عليه والتشكيك فيه، وكان بالإمكان تفادي ردود الفعل المشككة لو أن الوزارة أعادت النشر مع تعديل الصيغة أو لو أن الباحثين دخلوا الموقع واكتشفوا ذلك بأنفسهم، بأنه فعلاً توجد وظائف بهذا الراتب إنما لتخصصات معينة كما هو مذكور.

عدا هذه الملاحظة هل فعلاً هذا الموقع جاد؟ هل هناك شباب بحرينيون استفادوا منه؟ هذا ما سألت وزارة العمل عنه فحصلت منهم على قائمة أسماء اخترت بعضها واستأذنتهم بذكر تجربتهم مع الموقع.

«علي ثامر» أحدهم خريج ثانوية عامة مضى عليه أكثر من عشرة أشهر وهو يبحث عن عمل ولم ينجح كانت طريقته السابقة بالمراسلة للشركات مباشرة عبر البريد الإلكتروني، ولم يحصل على رد، وحين سمع عن الموقع دخل وسجل بياناته وكما وصف العملية بأنها سريعة وبسيطة جداً على غير ما سمع من تعليقات سلبية، فقبل في دورة وفرتها له تمكين فوراً، وخلال أيام عرض عليه أكثر من وظيفة وأخيراً تم توظيفه كمخلص في إحدى الوزارات براتب 350 ديناراً وهو ذات الراتب الذي كان معلناً في الموقع.

«خديجه إبراهيم» خريجة بكالوريوس محاسبة مضى عليها شهران تبحث عن وظيفة وحين علمت بالموقع دخلت وحصلت على وظيفة مساعدة إدارية في إحدى المدارس الخاصة.

وكذلك «محمد الحلي» ومثله «محمود مكي» و«علي هلال» جميعهم توظفوا من خلال الموقع، سألتهم جميعاً عن مدى تطابق مهام الوظيفة مع ما ذكر في الموقع فقالوا هي ذاتها لم تتغير، سألتهم عن الراتب، قالوا كما جاء في الموقع، سألتهم عن دور وزارة العمل، قالوا أجريت مقابلات العمل بوجود الأطراف الثلاثة أي طالب العمل وصاحب العمل والوزارة، لم أكن سأكتب مدحاً أو قدحاً إلا لو تأكدت بنفسي وكلمت أصحاب الشأن بنفسي، وعموماً ذلك ليس قدحاً أو مدحاً إنما هو ذكر معلومات وحقائق فقط ولكم الحكم.

من المهم أن نعرف أن من يضع الوظائف على الموقع هم أصحاب الأعمال وليست وزارة العمل، أي الشركات والمؤسسات الخاصة هي من يحدد الشاغر الذي يوجد لديه وهي من يحدد الراتب، دور وزارة العمل التدقيق على المعلومات التي وضعت وصحتها.

دور الوزارة بالتأكد هل يوجد فعلاً جهة عمل مرخصة بهذا الاسم؟ هل الوظيفة المعلنة صحيحة أم لا؟ هل الاختصاصات المطلوبة لها مناسبة أم لا؟ ثم التدقيق بعد إعلان الاكتفاء من قبل صاحب العمل، هل تم توظيف أحد؟ وذلك بعد إجراءات التأمين وهكذا، فدور وزارة العمل هو الرقابة على تلك الإعلانات وصحتها.

التعليقات كانت حافلة بالتشكيك أن أصحاب الأعمال غير صادقين وتلك الإعلانات للتمويه وهناك تلاعب، واستدل المعلقون على ذلك بأن ما يقال في الموقع شيء والحقيقة شيء آخر، فبعضهم يقول المسمى الوظيفي يختلف عن المهام المطلوبة، أو يقال لطالبي الوظيفة اكتفينا بسرعة، أو أن تلك الإعلانات يهدف منها غلق ملفات معونات التعطل بحجة أن أصحابها رفضوا الوظائف المعروضة، في حين يقول بعض العاطلين لم يتصل بنا أحد!!

بخصوص الاكتفاء فإنه أمر طبيعي إذا كان الشاغر محدوداً والطلب آلاف الطلبات فمن الطبيعي أن عملية الاختيار تكون سريعة وصاحب العمل هو من يغلق الطلب بعد الاكتفاء، ومن قال إنه لم يتصل فذلك أحد لأنه تم شغل الشاغر بسرعة، من نجح واستفاد من الموقع كان يثابر على الدخول يومياً كما قالت خديجة بأني لم أيأس وكل يوم كنت أدخل وأقدم.

هذه هي ملاحظات مئات المعلقين على الإعلان تكررت كثيراً على أكثر من حساب على الانستغرام إنما الخلاصة بأن من استفاد من الموقع هم من تم توظيفهم واستقروا في وظائفهم وأدخلت بياناتهم في التأمين الاجتماعي، وللعلم فإنهم رواتبهم مدعومة من الدولة لمدة ثلاث سنوات وهي كافية له للاستقرار والتطور والتعلم والارتقاء.

أتدرون ما مشكلتنا، صدى الأصوات التي تستفيد قليل، فلا تسمع عنهم ولا تراهم ولا يردون على المشككين، وهم غير ملزمين فهم مشغولون بأعمالهم في حين أنك لا ترى غير الأصوات المشككة هي التي تنشط وتتحدث عن تجاربها هي.

نحن بحاجة لقليل من التوازن في عرض الحقائق لخلق مزاج عام معتدل.