سنوات كنت أحاول أن أضع اسمي بين مصاف الشخصيات المرموقة من الكتاب وأصحاب الرأي والشخصيات البارزة، وفي بداياتي تعلمت أساسيات الكتابة على يد الدكتور عبدالرحمن مصيقر، وهو شخص ملم بالكتابة والتأليف إضافة إلى تخصصه.

كتبت بعد فترة من العمل معه مقالاً لنشره، وكنت من أسعد الناس يومها بهذا المقال الذي أشاد به معظم الموظفين معي بالمكتب، حتى جاءت اللحظة التي كنت أنتظرها، رأي من اعتبره معلماً وقدوة، وما أن أكمل المقال إلا به يسألني ما الهدف من هذا المقال! وقتها لم أجد الإجابة لسؤاله، ثم قال لي، أي كاتب لديه فكرة أو رسالة يريد إيصالها لشريحة من الناس، وغير ذلك يعتبر خربشة لا تستحق النظر إليها، إن كنت لا تعلم لماذا تريد الكتابة فلا تكتب.

تلك الكلمات والجدية أعطتني الدافع لأجد سبباً لأكون كاتباً وصاحب رأي ولكن بهدف، أن أحمل رسالة وغاية في كتاباتي، أن أمثل شريحة من المجتمع وجيلاً يريد أن يقول شيئاً، فتعلمت وقرأت وبحثت في عدة مجالات، ورغم ذلك لم أجد الفرصة التي أبحث عنها لدى صحفنا، فأغلبهم لم يقتنع بمستوى الذي قدمته كنماذج، وقتها أيقنت بأني أحتاج أن أكون أفضل مما أنا عليه، وأن عالم الصحافة والإعلام يبحث عما هو مميز وهادف.

واليوم اكتشف أن الحال تغير، وأن المعايير تغيرت ليس بالنسبة للمؤسسات الإعلامية فقط بل حتى عند المجتمع، فشرط «الرسالة والهدف» بات من النظريات المنتهية.

اليوم ما يقال عنه صناعة المحتوى بعيداً كل البعد عن الواقع، فالأساس أصبح صناعة التسلية صناعة الإثارة صناعة التفاهة، هذه الأمور التي أصبحت تشد الكبير والصغير لمتابعة من هم في الأصل «تافهين» ويصفون أنفسهم بالمؤثرين أو المشاهير.

وهؤلاء لا تطلب منهم المنصات أي هدف أو علم أو خبرة أو ثقافة، فقط يحتاجون إلى تقديم ما هو مُسلٍ فقط للمتابع، استخدم كرشك أو أسلوبك المائع أو مفاتنك أو ارقص بمسباحك، كل ذلك لا يهم، المهم أن تجذب أكبر شريحة ممكنة، وإن كان على حساب القيم والعادات، فالغاية اليوم هي «المال» فقط، بالنسبة لمنصات الإعلام الجديد «الشركات العالمية» أو أصحاب الحسابات، وخل الناس تضحك لأتفه الأسباب.