مع حلول عيد الأضحى كل عام تعود إلينا مهاترات وانشقاقات المجتمع حول قضية مضى عليها 17 عاما، وهي قضية إعدام صدام حسين والتي تمت فجر يوم العيد سنة 1427هـ، هذه الشخصية الجدلية ما زالت تعيش بيننا في العالم الافتراضي رغم رحيلها عن عالمنا الواقعي.

على مواقع التواصل فريق يمجد صدام وفريق يشتمه، ولكل فريق وجهة نظر، هناك من أعطاه صفة القائد العربي الوحيد الذي واجه ألد أعداء العرب في الثمانينيات وهزم إيران وضرب قلب تل أبيب، وهناك من يعطيه صفة الطاغية والمجرم، بسبب ارتباط اسمه بمقتل فئات من الشعب العراقي وغزوه دولة الكويت.

وقبل أن أعرج فيما أصاب الدول الشقيقة من دمار وخسائر، سأستذكر بعض اللحظات التي عشناها أيام الغزو الصدامي الغاشم على الكويت، أيام ولحظات كنا نتحصن فيها في بيوتنا البسيطة ونقويها بالأشرطة اللاصقة خوفاً من «الكيماوي»، الكثير يتذكر جملة «أطلقت صفارة الإنذار» وهذه الجملة وإن أصبحت مع الوقت ذكرى مضحكة إلا أنها كانت في الواقع تنذر باقتراب خطر، وكان هذا الخطر عبارة عن صواريخ باليستية «سكود» يطلقها النظام الغاشم على أرض مملكتنا الحبيبة.

أغلب هذه الصواريخ تم إسقاطها قبل إصابتها أهدافها، وأغلب الأهداف كان في منطقة الصخير حيث عصب البلاد «النفط والغاز»، واذكر في تلك الأيام حينما كان والدي «رحمه الله» يعمل في شركة نفط البحرين «بابكو» وأيام الحرب كان يتغيب عن المنزل لأيام وكانت الوسيلة الوحيدة للتواصل معه الهاتف الأرضي.

تخيل يا من تمجد صدام أن تسمع عبارة «خطر قادم» وأن منطقة بها والدك تقصف ولا يمكنك أن تتواصل معه لأيام، تخيل بأن هذه الأرض التي تنتمي لها قصفها صدام وكان ينوي خرابها وإلحاق الأذى بقيادتها! جنودنا المشاركين في تحرير الكويت وتضحياتهم! فكيف لك أن تمجد صدام؟

تذكر كيف أن هذا الطاغية شرد شعباً بأكمله وعاث في بلادهم خراب ودمار، قتل من قتل، وأحرق أكثر من 700 بئر نفط حقد بدولة الكويت الحبيبة والتي ظلت مشتعلة لما يقارب 10 أشهر، مسبباً سحابة كبيرة من الدخان السام والذي غطى معظم دولة الكويت ووصل لأغلب دول الخليج.

المملكة العربية السعودية الحبيبة، عانت أيضاً من قصف متواصل خاصة في المنطقة الشرقية، نتج عنه استشهاد عدة أرواح بريئة إضافة للخسائر المادية، ورغم ذلك استغرب من البعض يمجد صدام!

السعودية أنفقت ما يزيد عن 700 مليار دولار من أجل تحرير الكويت ودحر الغزو الغاشم، كما أن الخسائر المادية طالت أغلب دول المنطقة التي وجهت كثيراً من ميزانياتها في سبيل دحر الغزو وتقديم العون للأشقاء وهو واجب على الأشقاء في الرخاء والشدة.

وبعد أن علمت أن صدام وجه سلاحه وعداوته لبلادك وقيادتك ولاشقائك في الخليج هل لا زلت تصر على تمجيده؟ واستحضاره كل عيد؟

صدام حسين مسح كل حسناته وأفعاله الحسنة بمجرد أن غدر بأقرب الناس إليه، متناسياً فضلهم ودعمهم له طوال السنوات الماضية، ولهذا مسحنا عنه صفة الفخر لتبقى لديه صفة الغدر.