«توماس فريدمان» يقول إنه بكى في أثناء المناظرة متأسفاً على حال صديقه بايدن، ويدعوه لعدم الترشح، و»جون ستيورات» الإعلامي الأمريكي اليهودي يقول إن المرشحين الاثنين كان يجب أن يُعرضا على اختبار المخدرات بدلاً من مناظرة سياسية!!

إنما دعْك من هذا كله، كانت المناظرة محزنة ومؤسفة فعلاً، وتدعو للبكاء حسرة وتحسراً لأنها كانت شاهداً على ما تبقّى من ظلال للإمبراطورية الأمريكية، تلك التي تأسست على يد رجال حين تقرأ مداولاتهم لكتابة ميثاقهم عام 1789 تعرف أنك أمام مَن هو أهل لتلك المداولة فعلاً، إنما مناظرة بايدن وترامب كانت الأسوأ منذ بدأت المناظرات العلنية المتلفزة إلى اليوم؛ أي منذ تلك التي كانت بين كندي وريتشارد نيكسون عام 1960، لذلك حزن الأمريكيون لأنهم شاهدوا مدى تدهور مستوى الأحزاب السياسية المتحكمة في حياتهم.

أهذان هما أفضل ما لدى الأحزاب كي يمثلا الولايات المتحدة الأمريكية؟ إذن، ما هو وضع مَن هم دونهم، ومَن لم يفز ولم يصل لرئاسة الأحزاب؟
كيف قبل حزب سياسي عريق كالحزب الديمقراطي أن يكون رجل فاقد الإدراك كبايدن ممثلاً له؟ وتتساءل ما السبب الذي دفعهم إلى إحراجه وإحراج أنفسهم والانتظار إلى وقت المناظرة حتى يدركوا خطأهم ويقروا به؟

محاولات التغطية على أخطائه كانت فاشلة منذ البداية، ولم يكن ترامب لينجح لقوة منطقه وحجته، إنما نجح لأن من كان يناظره كان يستجمع كلماته بصعوبة بعد تدريبات مرهقة. كان بايدن يدعو للرثاء وتشفق عليه لكثرة ما نفخوا في روحه كي يصمد 90 دقيقة.

أهذه هي أمريكا؟

عموماً من منظورنا كشعوب خليجية، لم نعد ننتظر كما السابق المناظرة بين المرشحين، أو ننتظر نتائج يوم الانتخابات، فأثر تلك الإدارات في حياتنا قلَّ، ويكاد ينعدم منذ الربيع العربي، فالعلاقة أصابها من الحزبين شرخ من الصعب إعادة ترميمه.

منذ انقلبت علينا تلك الإدارة الديمقراطية وسعت لفرض الجماعات الإسلامية علينا كشعوب، ثم نجحنا كشعوب وأنظمة في أن نتصدى معاً لمشاريعها الفوضوية بقول كلمة لا، وسمعتها الولايات المتحدة الأمريكية منا كما لم تسمعها من قبل، والعلاقة لم تعد كسابق عهدها رغم كل محاولات الترميم التي جرت في الأعوام العشرة الأخيرة، إنما بحكم كون تأثيرها على العالم أجمع بنسب متفاوتة وفقاً للمصالح المشتركة، بتنا ننظر إلى المتغيرات هناك لنعرف لمن سنقول لا وعلى ماذا خارج نطاق ما نتفق عليه.

إنما بوجه عام سقوط اليسار أي خسارة بايدن يعني مثلاً بالنسبة إلينا أنَّ قضايا المثلية وقضايا المناخ لن تكون ضمن اهتمامات السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك يسعدنا لأننا لن نضطر إلى مواجهة أي ضغوط في هذين الملفين، أما في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان فلم تعد الخارجية الأمريكية تجرؤ على أن تضع نفسها موضع المعلم وتصدر التقارير بخصوص هذه الملفات.

عدا ذلك كانت فرجة مملة لأنك كنت ترى أحد المصارعين يترنّح قبل أن يبدأ.