يعتبر الأرز «العيش» قوت ما يقارب من نصف سكان العالم، مما يجعله من أهم الأدوات الاقتصادية المؤثرة على صناع القرار والناس. وفي 20 يوليو الماضي أعلنت الهند «المصدر الأكبر للأرز في العالم» منع تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي «لضمان توافر محلي مناسب وبأسعار معقولة».

ويعود السبب وراء ذلك إلى تراجع مخزونات الأرز في الدول المنتجة خاصة الهند نتيجة الأمطار الغزيرة التي أصابت البلدان القريبة من المحيط الهندي. القرار الهندي لحقته عدة قرارات من دول مختلفة، الإمارات وقبل ثلاثة أيام أعلنت كذلك منع تصدير وإعادة تصدير الأرز، والسبت الماضي أعلنت روسيا أيضاً قراراً مشابهاً، بعض الدول التي لم تقرر المنع رفعت من مخزوناتها عبر زيادة الواردات مثل «الصين التي ارتفعت وارداتها في الأشهر الماضية لأكثر من 70 % وإندونيسيا 2500 %»، مع العلم أن هاتين الدولتين تعتبران من الدول المنتجة للأرز وبنسب عالية، إلا أن موسم الجفاف كان له دور كبير في تغيير استراتيجيات هذه الدول التي تعتمد اعتماداً كلياً على الأرز. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة نشرت بيانات تظهر ارتفاع مؤشر أسعار الأرز في العالم بنسبة 14 % حتى يونيو الماضي، وهي أعلى نسبة منذ أزمة أسعار الغذاء في 2008، وأوضحت المنظمة أن هذا الارتفاع مرتبط بعدة عوامل أغلبها يتعلق بالمناخ ونقص إمدادات العالم للأطعمة الأخرى فهل بقية دول العالم بأمان؟

قد يقول البعض إن النوع والصنف الذي تم منعه مختلف تماماً عما نستهلك هنا في «منطقة الخليج العربي»، فالنوع الأول مفضل لدى الدول الفقيرة بسبب سعره الزهيد، أما ما يتم استهلاكه في منطقتنا يعد أحد الأنواع الفاخرة «البسمتي» ولم يصدر أي قرار حول منع تصديره أو فرض رسوم إضافية عليه. وهذا القول صحيح من حيث البداية فقط، حيث سينتهي الحال وبشكل عام حول العالم إلى شح وارتفاع قياسي لأسعار جميع أنواع الأرز، بسبب نقص الإمدادات والتغيرات المناخية التي أصبحت تؤثر بشكل مباشر على الإنتاج الزراعي، مما سيؤدي إلى تسارع الدول المنتجة لمنع التصدير والدول المستهلكة لزيادة التخزين «انخفاض العرض وارتفاع الطلب».

أزمة الأرز إن حدثت لن تكون أزمة هامشية أو مؤقتة، بل ستكون أزمة عالمية ستنجم عنها مجاعات في الدول الفقيرة والتي هي من الأساس في أزمات، فنصف سكان العالم مهددون ما بين شح وارتفاع أسعار الأرز، وكمْ أتمنى هنا أن أكون مخطئاً لما أقول، وكمْ أتمنى أن تكون الجهات المعنية لدينا مدركة للأزمة القادمة «للعيش».