اعتذارات متكررة دائماً تبتكرها الطفلة «مها» لوالدتها والتي لم يتجاوز عمرها الثالث عشرة سنة عندما تطلب منها مرافقتها أحد منازل صديقاتها التي لديها طفلة أيضاً بعمرها.

وبعد كثرة الاعتذارات المقبولة أحياناً وغير المنطقية أحياناً كثيرة، فقد تبين أن السبب يعود إلى انكماش لغة حوار مشتركة تجمع بين الفتاتين.

مع العلم أن كليهما من نفس البلد ومن نفس المنطقة ولكن بثقافتين مختلفتين، فنشأة الأولى بين ربوع اللغة العربية ومفرداتها وأمجادها، لغةً وحواراً ونقاشاً في المدرسةِ والمنزلِ وببن الأهل ومع الجيران. بينما الفتاة الثانية وجدت نفسها بين أحضان اللغة الإنجليزية وبأعماق معاجمها ولكن بانحسار معارفها من الناس.

وما حصل مع «مها» وصديقتها يعتبر أمراً عادياً ومكرراً في يومنا هذا.. ولكن السؤال هل هذا مقبول؟ هل من اللائق أن تصبح اللغة الأم لأهل البلد دخيلة بين أبنائها؟ فهذا ما يتم طرحه والنقاش به في اليوم الدولي للغة الأم الذي تحتفي به الأمم المتحدة في 21 فبراير من كل عام. وكي لا يتم خلط الأوراق وفهم الموضوع على غير محمله، فالوعي المجتمعي والمؤسسي اليوم يفرض علينا الاهتمام بتعليم اللغات الأجنبية في عصر العولمة واقتصاد المعرفة، حيث إتقان أكثر من لغة أجنبية إضافة إلى اللغة الأم يؤمّن بلا شك فرص نجاح أكثر وأوسع لأبنائنا في حياتهم العلمية والعملية وتتيح لهم القدرة على فهم ومعرفة الطرف الآخر.

ولكن يبقى علينا من الواجب أن نعزز بين أبنائنا بأهمية لغتهم الأم وأقصد هنا اللغة العربية وأن نفخر بها ولا نشعر بالخزي والعار بالتحدث والانتماء لها. ومهما زاد رصيدك اللغوي فلا تنسى لغة الأرض التي أنت منها، لأنها الأصل والفصل.