في خطابه السامي الذي ألقاه خلال افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس، رسم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم صورة واضحة وشاملة لمستقبل مملكة البحرين، حدد من خلالها الأولويات الوطنية التي يجب أن تكون في صلب العمل السياسي والتشريعي. كانت هذه الكلمة بمثابة خريطة طريق للبرلمان والحكومة معاً، تبرز فيها التحديات الكبرى التي تواجه المملكة على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتؤكد في الوقت نفسه على ضرورة الاستمرار في التنمية والاستدامة.

.

أحد أهم ما تميزت به كلمة جلالته هو تأكيده على أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن أن تتحقق دون رؤية واضحة واستراتيجية طويلة الأمد، مثل رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي أثبتت قدرتها على تحقيق التقدم الملحوظ. وليس هذا فحسب، بل وجه جلالته لتسريع العمل على النسخة الجديدة من الرؤية للعام 2050، مما يدل على بعد نظر ملكي يؤمن بأن التخطيط للمستقبل لا يتوقف عند حدود الحاضر، بل يمتد ليشمل الأجيال القادمة. وما يثير الإعجاب في خطاب جلالة الملك المعظم التركيز على التنمية الاقتصادية، وأيضاً التأكيد على أهمية الهوية الوطنية. في زمن يزداد فيه الانفتاح العالمي، ويصبح التحدي الأكبر الحفاظ على الخصوصية والهوية، أتى توجيه جلالة الملك المعظم بإجراء دراسة متكاملة لتأصيل الهوية البحرينية ليؤكد أن البحرين ليست مجرد دولة تسعى لتحقيق التقدم المادي فقط، بل أيضاً دولة تدرك أهمية الحفاظ على قيمها وتراثها وهويتها. هنا يظهر بوضوح أن جلالة الملك يرى أن التقدم الحقيقي لا يتحقق دون توازن بين الانفتاح على العالم والحفاظ على الجذور الوطنية.

.

أما على الصعيد الإقليمي، فإن موقف جلالته من الأحداث في غزة ولبنان يعكس بوضوح أن البحرين، وعلى الرغم من حجمها الصغير، لديها رؤية واضحة لمكانتها ودورها في المنطقة. الدعوة إلى وقف فوري للحرب والعودة إلى طاولة المفاوضات هي تعبير عن إيمان البحرين العميق بأن السلام هو الخيار الوحيد لتحقيق استقرار دائم، ليس فقط للبحرين بل للمنطقة بأكملها. هذا الموقف يبرز التزام البحرين الدائم بالقضايا العربية والإنسانية، ويعزز دورها كدولة تسعى لتحقيق الخير والسلام في محيطها.

.

ومع كل هذه التوجيهات الملكية، لا يمكن إلا أن نشيد بالتقدير الذي أبداه جلالة الملك المعظم لجهود صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في تحسين الأداء الحكومي وضمان تقديم أفضل الخدمات للمواطنين. هذا التقدير يعكس القيادة الحكيمة التي تعرف كيف تعطي لكل ذي حق حقه، وتشيد بجهود كل من يعمل بجد من أجل رفعة الوطن.

.

ختاما، فإن كلمة جلالة الملك المعظم، تمثل نداءً لكل بحريني للعمل بجدية من أجل مستقبل أفضل، وتحفيزًا للسلطتين التنفيذية والتشريعية للعمل كفريق واحد لتحقيق الأهداف الوطنية. البحرين اليوم ليست في مرحلة التحديات فقط، بل في مرحلة البناء والتطوير، والتمسك بهويتها وقيمها هو ما سيجعلها قادرة على تجاوز كل الصعاب والمضي قدماً نحو مستقبل مزدهر.