في كل مياه عكرة مصطادون.. ومع ازدياد تعكر المياه والأجواء في الساحة الإيرانية، ظهر نجل شاه إيران رضا بهلوي – الذي يعيش في المنفى منذ قرابة 40 عاماً بعد الإطاحة بحكم والده – بدعوة للولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في المجريات ودعم المحتجين الإيرانيين، في محاولة للوصول إلى سدة الحكم في طهران واستئناف حكم والده المدعوم وقتها من الولايات المتحدة. بل ودعوة الإدارة الأمريكية إلى تشجيع شركاتها التكنولوجية لتوفير خدمات اتصالات للإيرانيين، بعد حجب بعض وسائل التواصل الاجتماعي هناك، ولا أعتقد الدافع حباً بالإيرانيين وإنما تهيئة الأجواء لإسقاط نظام فاسد وعودة نظام فاسد. إن ظهور الطامعين في الوصول إلى سدة الحكم في هذه الأثناء يدعونا للتفكر ملياً في إيران التي نريدها كخليجيين، فمنذ أن ظهرت الانتفاضة الإيرانية أو «الربيع» ونحن نرقب عن كثب تلوي الضباع وعواء الذئاب ومواء القطط الفارسية. ولا ندري إذا ما كان سيسقط النظام الإيراني القائم فعلياً، ولكن ماذا لو حدث؟ ومن هو الأكثر تأهلاً للصعود إلى الواجهة في تلك الأثناء؟!

لقد عانت الدول الخليجية وعموم المنطقة الشرق أوسطية من فساد وإرهابية وتطرف النظام الإيراني الحالي وأطماعه الساحقة لدعامات الأمن والاستقرار في المنطقة، وما سطره التاريخ الحديث والمعاصر في البحرين والكويت والسعودية والإمارات وكذلك في اليمن وسوريا وبعض الدول الأفريقية والآسيوية وغيرها، إنما هو دليل دامغ على أن نظام الملالي نظام مجرم سفاح، اتخذ من الدين والطائفية مطية تحقيق أهداف قومية سياسية محضة، فهل نريد لإيران زعيماً مثل مريم رجوي أو ابن الشاه أو ابنته أو زوجته؟! فكل هؤلاء منغمسون في القومية بدرجة مثل أو أشد من الخميني وأتباعه، ولا شك في أن دول الخليج العربية وبقية المنطقة هي من ستدفع ثمن ذلك الصعود لأيٍ من تلك الأسماء وما شاكلها.

‏‏اختلاج النبض:

‏برأيي فإن الخليجيين إنما يريدون إيران معتدلة قومياً وطائفياً وسياسياً، ومتفاعلة إيجاباً في علاقاتها الدولية نحو بناء الحضارات ونهضة الأمم، لتكون الانتفاضة الشعبية على قدر يستحق المعاناة والتضحيات النوعية يبذلها الشعب الإيراني. ولذلك فإن الإجابة عن سؤال «ما هي إيران التي نريد؟!» لا تتطلب إجابات نظرية مجردة نصوغها من خلف المكاتب، وإنما تقودها للبحث عمّا يجب علينا فعله، ولعل الخيار الأمثل الذي يجب العمل عليه في الخليج العربي دعم المعتدلين ممن لا يتنفسون الطائفية والعنصرية القومية عبر إسطوانات أكسجين مستوحاة من التاريخ الإيراني المنصرم.