في كل مرة يطل علينا تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية تتعالى أصواتنا جميعاً دونما استثناء، تتسع حدقة أعيننا، تشرئب أعناقنا، ونبدأ بالاستنكار ثم إبداء الاستياء، ثم بالمطالبة بتطبيق القانون على المخالفين. وبس!!

وفي كل مرة تتفنن الصحف ووسائل الإعلام الرسمية وشبكات التواصل الاجتماعي باختيار عناوين رنانة للمخالفات، ومن ثم يطل علينا خبر مفاده تحويل المخالفات للنيابة العامة.. وتنتهي القصة.. حتى نحن كتاب الرأي نثور، ونستنكر، ثم ننشغل بأمور أخرى تنسينا ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية والهدر المالي الذي يوثقه التقرير من مبدأ إعلامي صرف وهو «ترتيب الأجندة»، التي باتت كل يوم تفاجئ الشعب البحريني بمفاجأة غير سارة !! حيث إن الأمور التي حصلت في البحرين على المستوى «الشعبي» سريعة جداً، فلا يكاد أحدنا ينام على خبر جديد إلا ويصحو على خبر أجدّ منه يلامس مصلحة المواطن وحقه في الحياة برفاهية.

غلاء، وارتفاع أسعار، وفرض مزيد من الضرائب والرسوم، لدرجة جعلت المواطن في حيرة من أمره ولا يجيد فن تحليل ما يدور حوله وكأن الوضع الحالي يشبه لعبة «من دودهه من طقه» بعد ما كان الوضع السابق يشبه المثل الشعبي «بوسه.. وعطه كف».. ففي السابق كانت الاستراتيجية هي أن يطل خبر جميل وسعيد على المواطن وما أن ينتشي الشعب حتى يجلد بسوط ارتفاع الأسعار أو إقرار قوانين تلامس الوضع الاقتصادي للمواطن، أما الآن فالوضع لا يحتمل السعادة والنشوة، بل إن الضرب يأتي من كل جانب!!

أين يكمن الخلل؟ هل هو في الشعب غير المتفهم للوضع الراهن؟! هل هو في عدم شفافية الأجهزة والمؤسسات مع المواطن وتوضيح حقيقة ما نمر به وانعكاساته على المستقبل؟ هل يكمن في جهة تشريعية تقول إنه «لا علم لها بما يحدث» ولا تملك إلا الصراخ والعويل شأنها شأن رجل الشارع الذي لا حول له ولا قوة؟! أم يكمن في صمت المختصين والمثقفين الذين لا يلعبون دورهم المجتمعي في توعية الناس؟!

أستغرب من سرعة إصدار بعض القرارات التي تمس جيب «المواطن» كاستغرابي من بطء إقرار وتنفيذ القرارات التي في صالح «المواطن»!! ونحن مازلنا بصدد الإفرازات القضائية على ما ورد في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية. وما زلنا ننتظر أن يقر التعديل في الرواتب بعد كم الزيادات الهائلة التي عصفت بالمواطن وجعلته يتحمل جزءاً من دين عام!! فهل السرعة ترتبط بأي قضية تمس جيب المواطن وتستثني ما دونها؟!

نحن شعب البحرين لا نأمل في علاوات تدعم بعض الرواتب وتستثني الآخرين، لا سيما الطبقة المتوسطة التي أطلقت عليها سابقا أنها طبقة «متقسطة» فما بين قسط شراء بيت وما بين أقساط أخرى للتعليم والصحة والفواتير، حيث أصبحت هذه الطبقة في وضع حرج، فكل القرارات تستثني هذه الطبقة التي تكون فور استلام الراتب من الطبقة المتوسطة، وما أن تنتهي من دفع «أقساطها» حتى تصبح من الطبقة الدنيا !!

كما إن فرض أي دعم على شكل علاوة يعني استثناء الفرد من التمتع بنفس الحياة بعد وصوله إلى سن التقاعد!! أو أمكانية توقيفها لأي سبب ما!!

بعد حالة الإحباط التي نعيشها اليوم نأمل بخبر يرجع البسمة إلى وجوهنا، ويشحذ فيها الأمل والهمم، ويسد باب الشائعات التي أصبحت أحد مصادر القلق لدى الشعب البحريني.